سلسلة قراء مغاربة 5 | هاجر المرابط أصغر حافظة من أسرة قرآنية

منارات قرآنية تصدح بأصواتهم المساجد والمنتديات، ولترتيلهم تهفو القلوب، وتبتهج الأفئدة، وتشنف الأسماع، وفي كل مساراتهم تُرسم مشهديات النبوغ المغربي؛ فكأنهم أوتوا مزمارا من مزامير داود عليه السلام.
تتلألأ بهم مسابقات حفظ القرآن الكريم وتجويده في أصقاع العالم، فبحضورهم تكتمل المناسبات، وتحتدم المنافسات، وتشتد التحديات، وتلك من خصالهم المشهود لهم بها منذ القدم، وتحكي عنها المنافسات في الوقت الحاضر.
إنهم قراء المملكة المغربية؛ الذين ما تباروا في منافسة إلا سطروا فيها كبرى الأساطير، يبزون أقرانهم فيظفرونهم بقوة الحفظ، وعذب الترتيل، وحصافة العقل، بهم ترتفع الإيقاعات وتتفتق المواهب الرامية إلى الصدح بكتاب الله المجيد.
أولئك أبناء اللوح والقلم، لمثلهم تنظم الأعراس القرآنية، ويطاف بهم فوق سروج الخيول في المدن والمداشر إعلاء لمكانتهم كاهل الله وخاصته. نقدمهم لكم في سلسلة تعريف بقراء مغاربة:
من يد أمير المؤمنين الملك محمد السادس تسلمت جائزة محمد السادس الوطنية في حفظ القرآن الكريم وتجويده وترتيله حين كان يرأس حفلا دينيا لإحياء ليلة القدر المباركة، في ليلة الاثنين 26 رمضان 1444هـ الموافق لـ17 أبريل 2023، بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء.
هاجر المرابط لم تكن تتعدى 11 عاما حين فازت بالجائزة، وهي تستظهر القرآن المجيد عن ظهر قلب، وتتلوه بصوت عذب يحمل بين طياته براءة الطفولة، ما جعل اللجنة المشرفة على المسابقة تشهد لها بقوة الحفظ وعلو الهمة.
فكانت من أوائل المحظوظات بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم على مسامع أمير المؤمنين الملك محمد السادس قبل التقدم للسلام عليه تسلم الجائزة منه بعد إقامة صلاتي العشاء والتراويح، فألهبت في قلبها هذه اللحظات عزيمة ورغبة في الصدح بالقرآن الكريم في كل مسابقة ومناسبة.
كيف لا؛ وهي من نشأت في بيت قرآني أحب كلام الله فحفظه زوجا وزوجة، وآل على نفسه نقشه في صدر فلذة كبدهما ومقلة مهجتهما، وتحكي أنها بدأت حفظ القرآن بالسماع والتلقين من والدتها، بعدها انتقلت إلى التعليم العتيق حيث أتمت حفظه كاملا إلى جانب متون علمية كثيرة.
لا تنسى المرابط فضل والديها عليها وهما كما سلف من حفظة كتاب الله، كما لا تنسى فضل شيوخها وهي من كانت تتردد على أروق التعليم العتيق في جد واجتهاد مسرعة الخطى من أجل تحمل أكبر كلام أشار إليه القرآن نفسه بالقول: “إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا”.
في شتنبر 2023، احتدم التنافس بين 7 متسابقات في صنف من أصناف جائزة الشيخة فاطمة بنت مبارك الدولية للقرآن بالإمارات فكانت لهاجر بصمتها بعدها أصغر منافسة في المسابقة تحفظ القرآن الكريم في عمر 11 سنة.
بنت مدينة تطوان تواصل جاهدة التوفيق بين استدامة الحفظ والتفوق الدراسي، والحياة أمامها لإبراز مواهب المغرب في حفظ وتجويد كتاب رب العزة والجبروت، حتى لا يظن ظان أن هذا المضمار خاص بالرجال دون النساء ودونهن الطفلات.
موقع الإصلاح