سلسلة قراء مغاربة 13| حسناء خولالي.. قارئة عالمية وقائدة ركب المتفوقات

منارات قرآنية تصدح بأصواتهم المساجد والمنتديات، ولترتيلهم تهفو القلوب، وتبتهج الأفئدة، وتشنف الأسماع، وفي كل مساراتهم تُرسم مشهديات النبوغ المغربي؛ فكأنهم أوتوا مزمارا من مزامير داود عليه السلام.
تتلألأ بهم مسابقات حفظ القرآن الكريم وتجويده في أصقاع العالم، فبحضورهم تكتمل المناسبات، وتحتدم المنافسات، وتشتد التحديات، وتلك من خصالهم المشهود لهم بها منذ القدم، وتحكي عنها المنافسات في الوقت الحاضر.
إنهم قراء المملكة المغربية؛ الذين ما تباروا في منافسة إلا سطروا فيها كبرى الأساطير، يبزون أقرانهم فيظفرونهم بقوة الحفظ، وعذب الترتيل، وحصافة العقل، بهم ترتفع الإيقاعات وتتفتق المواهب الرامية إلى الصدح بكتاب الله المجيد.
أولئك أبناء اللوح والقلم، لمثلهم تنظم الأعراس القرآنية، ويطاف بهم فوق سروج الخيول في المدن والمداشر إعلاء لمكانتهم كاهل الله وخاصته. نقدمهم لكم في سلسلة تعريف بقراء مغاربة:
إذا ذُكرت المسابقة الدولية لتلاوة القرآن الكريم في ماليزيا فالقارئات المغربيات نجماتها، وقد مضى في هذه السلسلة التعريف بكل من القارئة المغربية هاجر بوساق التي فازت بها عام 2013، والقارئة المغربية سارة بلمامون التي ظفرت بها سنة 2023.
حسناء خولالي بها بدأ العقد الناظم للموهوبات المغربيات التي صعدن ركح قاعات العاصمة الماليزية كوالالمبور لتسلم جائزتها الكبرى في سنة 2012 من يد الملكة الماليزية، عرفان لها بتفوقها المنقطع النظير على المتنافسات من مختلف بقاع المعمور، وحصولها على 94% من نقاط لجنة التحكيم.
نقشت اسمها بمداد من أحرف من نور على سجل المتفوقات في ميدان القرآن الكريم حيث فازت بالجائزة الأولى للدورة الـ54 للمسابقة الدولية في ماليزيا، وحازت إلى جانبه على لقب أول امرأة عربية وإفريقية تفوز بجائزة عالمية لتجويد القرآن الكريم.
في 15 غشت 2012، ولدى عودتها من دولة ماليزيا، حظيت بمناسبة فوزها باللقب باستقبال من طرف أمير المؤمنين الملك محمد السادس خلال ترأسه حفلا دينيا لإحياء لليلة القدر بمسجد محمد الخامس بمدينة طنجة.
وكان الاستقبال عرفانا لها على تمثيلها المغرب أحسن تمثيل، وتقديرا لها على إظهار مكان المرأة المغربية الحافظة والمجودة للقرآن الكريم بين نظيراتها في العالم، وإعطاء القدوة بها للفتيات على ما ينبغي أن تكون عليه المغربية في سبيل نيل الرفعة والمكانة العالية بين أهل القرآن.
بعدها بعامين سارت خولاني خلف حلمها برفع اللواء القرآني في المسابقات العالمية، حيث فازت بالمركز الثالث في مسابقة إندونيسيا العالمية لتجويد القرآن الكريم سنة 2014، حيث أظهرت إصرارا على مدى ثمانية أيام من التباري مع المئات قراء 40 بلدا، فحصلت على 88.08 نقطة من لجنة التحكيم.
ما كان لهذا النتائج أن تتحقق لو لا عطاءات الله في المقام الأول، وعضد الأسرة والشيوخ، وإصرار القارئة على تسلم عطية الله في قلبها، والتحفيز الذي وجدته في وطنها وبين الناس الذين مالت قلوبهم إليها، وهي التي بين أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
وقد تفتق أولى العطاءات عليها حين تعرف عليها المغاربة من خلال فوزها بالمرتبة الأولى في مسابقة مواهب القرآن التي نظمتها القناة الثانية سنة 2008، والمرتبة الثانية في فرع حفظ 5 أجزاء من القرآن الكريم بالطريقة المشرقية.
ابنة مدينة سلا لها مسار دراسي حافل بالإنجازات كما باقي خواتها في هذا الدرب القرآني المعطاء، إذ ختمت المرحلة المدرسية بالحصول على شهادة الباكلوريا، بعدها حصلت على شهادة الإجازة في الدراسات الإسلامية بجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط.
وأعقب ذلك تألقا جديد بحصولها على شهادة ماستر “الاجتهاد في قضايا الأسرة وتجديد الخطاب” من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، حيث أظهرت عن قدراتها الفائقة في التوفيق بين قلم الدراسة ومحبرة حفظ القرآن المجيد.
مسار دراسي مواز خطته في مجال الموارد البشرية، حيث حصلت على شهادة الماستر في إدارة الموارد البشرية بالجامعة الدولية بالرباط، كما أنها طالبة باحثة في سلك دكتوراه في تكوين إدارة الموارد البشرية، إلى جانب كونها موظفة كإطار إداري.
تلك كلها خصال جعلت القارئة، المزدادة في عام 1993، مصدر فخر للمملكة المغربية، وجعلت فتيات يسرن على ركبها، في التنافس في المسابقات، وتسجيل تلاوات قرآنية تبهر الأسماع وترقى بالقلوب في مدارج السالكين إلى رب العالمين.
موقع الإصلاح