سلسلة قراء مغاربة 10| هاجر بوساق.. نموذج للنبوغ المغربي بصيغة المؤنث

منارات قرآنية تصدح بأصواتهم المساجد والمنتديات، ولترتيلهم تهفو القلوب، وتبتهج الأفئدة، وتشنف الأسماع، وفي كل مساراتهم تُرسم مشهديات النبوغ المغربي؛ فكأنهم أوتوا مزمارا من مزامير داود عليه السلام.

تتلألأ بهم مسابقات حفظ القرآن الكريم وتجويده في أصقاع العالم، فبحضورهم تكتمل المناسبات، وتحتدم المنافسات، وتشتد التحديات، وتلك من خصالهم المشهود لهم بها منذ القدم، وتحكي عنها المنافسات في الوقت الحاضر.

إنهم قراء المملكة المغربية؛ الذين ما تباروا في منافسة إلا سطروا فيها كبرى الأساطير، يبزون أقرانهم فيظفرونهم بقوة الحفظ، وعذب الترتيل، وحصافة العقل، بهم ترتفع الإيقاعات وتتفتق المواهب الرامية إلى الصدح بكتاب الله المجيد.

أولئك أبناء اللوح والقلم، لمثلهم تنظم الأعراس القرآنية، ويطاف بهم فوق سروج الخيول في المدن والمداشر إعلاء لمكانتهم كاهل الله وخاصته. نقدمهم لكم في سلسلة تعريف بقراء مغاربة: 


كانت فرحتها لا تعادلها أية فرحة، ولا تسعها الآفاق البعيدة، يوم تصدت لمهمة تدريس النساء وتعليم أطفال التعليم العتيق في سن لا تتعدى 13 عاما، وأعقب تلك اللحظات العابرة دخول عتبة حرم المسؤولية كما تروي في إحدى مقابلاتها الإعلامية.

القارئة المغربية هاجر بوساق هي نموذج من نماذج النبوغ المغربي بصيغة المؤنث، كان حفظ القرآن المجيد بالنسبة إليها مجرد سعي لحضوة لدى والدتها المعروفة بإصلاح ذات البين وغسل الموتى وسرعان ما تحول إلى وعي بالمسؤولية. 

خاضت مسار حفظ القرآن على ضهر قلب من دار القرآن الحاج البشير بمدينة تمارة في عمر 8 سنوات، حيث أظهرت موهبة خارقة في حفظ حزب واحد كل أسبوع لتختم المصحف الشريف في عمر 15 عاما ويتم لها المراد.

القارئة المولودة في 10 فبراير 1992م بالرباط، أتقنت القراءة بورش وأسعت في مضمار الفوز بختم القرآن بالقراءات العشر، التي كانت تشق أكباد الإبل في سبيل نيلها والظفر بمرتبتها العظيمة التي لا ينالها إلا كل ساع محترف.

وهي تواصل التألق في ساحة حفظ القرآن الكريم لم ترك ساحة قتال أخرى دون أن تضع فيها بصمتها هي ساحة الدراسة حيث كانت توفق بين الحفظ والدراسة في  شعبة ”Maths- informatique” بكلية العلوم جامعة محمد الخامس بالرباط، ولظهور إكراهات أخرى على حياتها غيرت الشعبة بنصيحة من أساتذها.

التمس العلم في مسار جديد فظفرت بشهادة الإجازة الأساسية في تخصص الفقه والأصول، وبعدها شهاد الماستر في العقيدة والتصوف، لتلج بعد ذلك إلى سلك الدكتوراه. 

أبرزت بوساق موهبتها العالية حين حاصلت على جائزة مواهب تجويد القرآن الكريم التي تنظمها القناة الثانية لسنتي 2005/2006، أن أن عمرها آنئذن لم يتجاوز 14 سنة، فكانت له هذه الجائزة بوابة نحو العالمية وارتياد الآفاق الواسعة في العالم.

لم تمض أيام حتى ارتقى منصة التتويج وهذه المرة من بوابة مسابقة محمد السادس الوطنية في الطريقة المشرقية، حيث نافست أقرانها وغلبتهم في ساحة التنافس على قراءة وترتيل خير كلام أنزل من رب العزة والجبروت.

وبخطوات سريعة وإيقاعات متسارعة حصلت في عام 2009 على جائزة محمد السادس الدولية في الحفظ والتجويد، حينها توقفت أما أمير المؤمنين الملك محمد السادس لتسلم جائزتها تقديرا لعطائها وتشجيعا لها على المثابرة والاجتهاد.

طرقت أبواب العالمية في يوليوز 2013 فجاد عليها الله بالجائزة الأولى في المسابقة العالمية لتجويد القرآن الكريم بماليزيا، صنف النساء، لتتقدم متلفعتا بلباسها التقليدي لتسلَّم جائزتها من ملكة ماليزيا نظير تفوقها، فكانت بذلك ثانية مغربية، بعد حسناء خولالي، تفوز بهذه الجائزة في تاريخ المسابقة. 

بين هذا وذلك حافظت هاجر على نسق الارتقاء في درب أهل الله، وحظيت باستضافات على شاشات محطات فضائية، حتى أنها خطت لنفسها مسارا جديدا حين اطلقت برنامج مصحف الأطفال على قناتها الرسمية على اليوتيوب، في محاولة لتنزيل قوله صلى الله عليه وسلم “خيركم من تعلم القرآن معلمه”.

لذلك الغرض السامي أسست جمعية رعاية القارئات والحافظات لكتاب الله، وشعارها على الدوام المغربيات لهن شغف كبير بتعلم القرآن وقواعده وحفظه، تلك خصال هاجر التي جعلتها من مواهب المغرب التي يفتخر المغاربة بقرائتهن ويمطرهن بآلاف الاعجابات على تلاوتهن على منصات التواصل الاجتماعي.

موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى