سقوط نظام حزب البعث بسوريا.. مواقف دولية وتحديات كبرى
سقط نظام حزب البعث في سوريا بعد حكم دام 61 عاما في سوريا، وغادر الرئيس السابق بشار الأسد وعائلته سوريا بعد نحو 25 عاما في السلطة إلى روسيا، التي منحته وأفراد أسرته اللجوء السياسية لدواع إنسانية حسب موسكو.
وحير الهجوم المباغت لفصائل المعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام الخبراء في تفسير ما وقع؛ بين من يعتقد أن الأمر يتعلق بإرادة شعب أراد الحياة، ودليلهم سيرورة الأحداث منذ الربيع الديمقراطي، وبين من يظن أنها مؤامرة الغرب والاحتلال الإسرائيلي، ومستندهم توسع الكيان على الأراضي السورية.
وتفسر النهاية السريعة للأسد -حسب خبراء- بخلاصات طاولة مفاوضات الدول الضامنة لمسار آستانة (روسيا. تركيا. إيران)، وتسليح الفصائل المتنوعة، وتراجع دور روسيا بفعل الصراع مع أوكرانيا، وتراجع دور حزب الله بفعل الانشغال بصد عدون الاحتلال، وتخلي إيران عن الأسد وغيرها من التفسيرات.
مواقف عربية ودولية
وقد توالت ردود الفعل من عدد من الأطراف العربية والدولية على سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وسيطرة قوات المعارضة المسلحة على العاصمة دمشق، رغم وقوف العديد منها إلى جانب في الأيام الأخيرة من عمره نظامه، وحتى بعضها ساهم في إرجاعه إلى جامعة الدول العربية.
وبمجرد التيقن من سقوط نظام الأسد، رحبت عديد من الدول العربية، مثل قطر والسعودية والكويت والبحرين وسلطنة عمان ومصر والأردن والعراق والجزائر وفلسطين، بالتحولات التي شهدتها سوريا، وأدت لإسقاط نظام الأسد.
وعلى المستوى الدولي، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الذي يمثل إحدى الدول الفاعلة في ما جرى في سوريا إن نظام بشار الأسد سقط، وانتهت حقبة من عدم الاستقرار في سوريا استمرت 14 عامًا، موضحا أن ملايين السوريين الذين اضطروا لمغادرة وطنهم يمكنهم الآن العودة إلى وطنهم.
بدوره، أعلن البيت الأبيض أن “الرئيس الأميركي جو بايدن وفريقه يراقبون الأحداث الاستثنائية في سوريا ويتابعون من كثب، وهما على اتصال دائم مع شركائنا الإقليميين”، حسب بيان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي شون سافيت. أما الرئيس المنتخب دونالد ترامب فقال “بشار الأسد رحل وروسيا تخلت عنه”.
كما حضر موقف منظمة الأمم المتحدة على لسان مبعوثها إلى سوريا، غير بيدرسون، الذي دعا جميع السوريين إلى إعطاء الأولوية للحوار والوحدة، وأنه يجب احترام القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، قائلا “نتطلع بأمل وحذر إلى فتح فصل جديد للسلام والمصالحة والكرامة لجميع السوريين”.
ووجدت روسيا التي كانت لها اليد الطوى في سوريا نفسها أما مخاوف اقتحام قواعدها الأساسية في سوريا مهددة بسحق من يقتربون منها، غير أن المعارضة المسلحة بددت تلك المخاوف عبر النأي عن اقتحام أكبر القواعد الروسية خلال السيطرة الكاملة على محافظتي طرطوس واللاذقية.
التحديات كبرى وجسيمة
ويبرز تحد آخر، يتعلق بالخطر الصهيوني الذي يحاول قضم الأراضي السورية من أجل إيجاد واقع جديد على الأرض، وحتى الآن لم يصدر أي رد فعل من قوات عملية “ردع العدوان” التي لازالت تحاول ترميم المشهد بشكل عام.
وقد استغل الاحتلال الإسرائيلي الفرصة ليدفع دباباته نحو التوغل إلى داخل الأراضي السورية في القنيطرة بعمق كيلومترين ونصف إلى 3 كيلومترات، معلنة انهيار اتفاقية فصل القوات بينها وبين سوريا التي ترجع لعام 1974، واحتل الجيش الإسرائيلي كذلك منطقة جبل الشيخ الحدودية والمنطقة العازلة.
تتجلى أولى التحديات في الحفاظ على مؤسسات الدولة، وعلى هذا الصعيد تحدثت قناة الجزيرة عن بدء قوات حفظ الأمن وقوات الشرطة الانتشار في العاصمة السورية دمشق لحماية الأمن ومؤسسات الدولة، ويستتبع ذلك الانتشار في بقية المدن والقرى السورية.
ويبرز المشكل الاقتصادي كتحد عانى منه السوريون ولازالوا، إذ واسلط الليرة السورية التدهور في السوق، ويشير موقع “اليوم” السعودي إلى فقدان العملة السورية 42% من قيمتها أمام العملات الأجنبية، وارتفع سعر الدولار أمام الليرة السورية في السوق الموازية، مسجلا بين 27 ألف ليرة.
كما تبرز من ضمن التحديات الأخرى إنهاء الاستعمار الأجنبي للأراضي السورية، وإقامة مصالحة وطنية، وتدبير الاختلافات المذهبية، والانتباه إلى تربص الثورات المضادة، وقبل كل ذلك تنزيل المطالب التي خرج الناس من أجلها قبل 13 سنة وهي حرية وكرامة وعدالة اجتماعية.
مؤشرات وترتيبات
وعمليا، نزلت إدارة الشؤون السياسية في دمشق لتهيئة الظروف لاستقبال السوريين العائدين، مع دعوتها السوريين الذين أجبروا على المغادرة للعودة والمساهمة في بناء سوريا، قائلة للجزيرة إن المرحلة القادمة تتطلب مصالحة مجتمعية شاملة مبنية على العدالة والمساواة.
ومن التحديات التي تحاول المعارضة مجابهتا، تكوين سلطة جديدة فقد أعلن الائتلاف الوطني السوري العمل على تشكيل هيئة حكم انتقالية ذات سلطات تنفيذية كاملة، قائلا في بيان له، دعا رئيس الائتلاف هادي البحرة إلى فترة انتقالية مدتها 18 شهرا لتوفير بيئة آمنة ومحايدة وهادئة من أجل إجراء انتخابات حرة.
وفي الشأن نفسه، سيتم نقلت وسائل الإعلام تكليف محمد البشير بتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية. كما دفعت المعارضة لمجابهة تحد السيادة الاقتصادية لانتشار قوات الأمن والشرطة التابعة لحكومة الإنقاذ في مناطق عدة من العاصمة، خاصة في سوق الحميدية والبنك المركزي ومناطق حيوية أخرى، لفرض الأمن ومنع حدوث أعمال نهب وسرقات.
ويرى المحللون السياسيون والاقتصاديون أن المرحلة الحالية هي من أصعب المراحل إذ تتطلب الرضا من دول العالم الفاعلة، ثم حيازة التراضي عن الشعب السوري، علاوة على تعديل الخطاب بحيث لا يقصى أي حساسية من حساسيات الشعب السوري.