سؤال الطفل المغربي والعطلة الصيفية في ظل “كورونا”4/4 – الحبيب عكي
أي تضافر للجهود من أجل عطلة صيفية ممتعة ومفيدة ؟
من أجل عطلة صيفية ممتعة ومفيدة،لابد – كما قلنا – من تضافر جهود كل الشركاء المعنيين بإنجاحها، بدء من الدولة في شخص حكومتها و وزارتها إلى الأسر بمختلف فئاتها وفي مختلف بيئاتها إلى جمعيات المجتمع المدني والجماعات الترابية المحلية منها والجهوية، كل من موقعه وبإمكانه،فمثلا:
1- على مستوى الدولة:
على الدولة مشكورة الاستمرار في تحمل مسؤوليتها المجتمعية وبالمقاربة التشاركية تحافظ فيها على المكتسبات وتحقق الانتظارات، ومن هنا ضرورة الاستمرار في دعم القطاع الصحي في معركته ضد الوباء “كوفيد 19″، واستمرار الدعم الاجتماعي للفئات المتضررة وعلى أوسع نطاق وسرعة ممكنة.وكلنا قد رأينا الآثار الإيجابية لتدخلها القوي والناجع في محاصرة الوباء وتقليل الخسائر أكثر مما كان متوقعا، كما رأينا الآثار السلبية لمجرد تخليها – ولو اضطراريا – عن التعليم الحضوري للأطفال،أو تباطئها التقني في الدعم الاجتماعي لبعض المتضررين خاصة في العالم القروي.
وعلى الدولة كذلك في شخص حكومتها توجيه قطاع الإعلام العمومي للاهتمام ببرامج الطفولة والشباب..ببرامج صيفية..تربوية..ترفيهية..تكوينية..مهاراتية..تأهيلية..فنية ..رياضية..، تساهم في تخفيف الضغط النفسي الذي وقع على الجميع خلال الحجر الصحي، وببرامج عن بعد احترافية ومنفتحة على المتخصصين وجمعيات المجتمع المدني لعله يجد فيها المحرومون من العطلة الصيفية بعض سلواهم وتنسيهم بعض بلواهم.
2- على مستوى الوزارة:
عدم المساس بميزانية برنامج عطلة للجميع، ولا التقرير في مصيرها بشكل انفرادي غير تشاركي،لأنها مرصودة من بين ما هي مرصودة له، لبرامج أخرى تدريبية..تكوينية..ومقامات لغوية وملتقيات الجمعيات وأنشطة آخر الأسبوع على مدار السنة.. ويمكن استثمار جزء من هذه الميزانية في فتح فضاءات تخييمية جديدة وتأهيل القديم منها، من أجل توسيع العرض التخييمي وتجويد خدماته، – وهذا مقترح يحظى بإجماع كل الفاعلين -، كما يمكن بجزء من هذه الميزانية دعم أنشطة الجمعيات عن بعد التربوية والتكوينية والفنية والرياضية..، بما تستهدفه من ترفيه وتكوين الطفولة والشباب وتخفيف الضغط عليهم، ويدخل في إطار ما وعدت به الوزارة من برامج القرب والتي لا زال الجميع يتساءل عن متى الشروع فيها و قد كادت العطلة تمضي دون شيء. وأخيرا، ودولتنا تتجه للاستثمار في الطفولة المبكرة والتراث اللامادي،فيمكن المساهمة في دعم الطفولة والشباب في عدة الدخول المدرسي ولوجستيك التعليم عن بعد، خاصة في المناطق النائية والعالم القروي وغيرها من مناطق الحاجة والهشاشة.
3- على مستوى الأسرة:
لابد للأسر وأطفالها من تقدير الظرف الوبائي وخطورته على الجميع، وأولوية الحفاظ فيه على الصحة الجسدية والنفسية للجميع، وأهم ما يتأتى به ذلك هو:تلبية حاجيات الطفل في الفهم والتفهم، في التقدير والاحترام،في الحوار والإشراك، وحاجاته الظرفية الآن في الحماية والطمأنينة،والتواصل مع الأصدقاء، والرغبة في الحركة والألعاب والانطلاق، وحاجاته الأبدية والعميقة في الرحمة والمودة والسكينة بين الوالدين،الشيء الذي لا يتأتى إلا بتجنب الخلافات الزوجية، والمناوشات الأخوية، ومعاملات العنف المتبادل،مع استثمار الظرف الحالي من أجل التقارب والمواكبة والتعاون والتكوين بتسطير برنامج مناسب،ينبغي أن تستثمر فيه كل الخرجات الممكنة والفضاءات الترفيهية والعمومية المتاحة،مع ضرورة مراعاة الإجراءات الاحترازية، وكذلك مسألة أخرى وهي تعويض الأطفال عن حرمانهم – إن أمكن – بتسجيلهم في مراكز ثقافية أو قاعات رياضية أو معاهد لغوية وفنية تصقل مواهبهم خلال الموسم الجديد،وجعل ذلك كله في سبورة نشر منزلية تضم المخطط والمشروع والبرنامج والمهام ومؤشرات وكفاءة التقدم والإنجاز.
4- على مستوى الجمعيات:
أما الجمعيات المدنية فهي لحظتها التاريخية للمساهمة في علاج الآثار النفسية السلبية للجائحة على النشء، ولابد من تكييف برامجها الاجتماعية والتربوية والترفيهية من أجل ذلك، وفي مختلف المؤسسات والفضاءات المسموح فيها بذلك، وإلا فعن بعد وعبر مختلف المنصات التواصلية والصفحات الافتراضية وشبكات التواصل الاجتماعي وغير ذلك،فليست كل الأسر مؤهلة لتنشيط أبنائها دون مساعدة مربين ممارسين، ولا هي قادرة على فهم الاضطرابات السلوكية لأبنائها دون مساعدة نفسانيين متخصصين، وكل ذلك تزخر به الجمعيات والحمد لله،ولا ينبغي أن تغامر بمخيمات محفوفة بالمخاطر ربما أولياء الأطفال أول من لن يتشجعوا على إقدام أبنائهم عليها في غياب بروتوكول صحي مضمون وفعال.
5- على مستوى الجماعات:
– أما الجماعات الترابية، المحلية منها والجهوية، فيمكنها الإسهام في إنجاح العطلة الصيفية للساكنة ببعض التدخلات من اختصاصها ومنها:
1- إمكانية تعديل ميزانية النفقات السنوية والتمييز الايجابي فيها للشق الاجتماعي،خاصة ما كان يصرف منها للمهرجانات والأمسيات وأسفار المقابلات.. وغير ذلك من الأنشطة المتوقفة الآن، والتدخل بذلك لدعم أنشطة الجمعيات التربوية والرياضية التي ستظهر في الساحة حسب الأنشطة المتاحة.
2- تفقد المعالم الثقافية والترفيهية في المدينة من متاحف ومكتبات وحدائق وخزانات ومسارح وقاعات وملاعب ومركبات..وتهيئتها وتأهيلها لاستقبال الرواد بعد رفع الحجر الصحي، في ظروف تنشيطية مرحة وصحية لازمة.
3- ويظل أكثر ما يمكن أن يخفف ضغوطات الحجر الصحي على الأطفال هو مخيمات القرب الحضرية للأطفال في تعذر المخيمات القارة، يمكن تنظيمها في الشواطىء والغابات والحدائق والمنتزهات والساحات والمؤسسات،بحمولة بعض عشرات الأطفال في مجموعات متباعدة، وحصص تربوية وتنشيطية صباحية ومسائية تتناوب عليها هذه المجموعات من الأطفال من مختلف الأحياء، ببروتوكول صحي مضمون وفعال، ويتعاون على هذا كل من وزارة الصحة، ووزارة الشباب والرياضة، والجمعيات الشريكة، والجماعات المحلية بوضع لوجستيكها الخدماتي رهن إشارة الناشطين كبعض القاعات والصوتيات.. وبعض حافلات النقل الجماعي لنقل الأطفال من الأحياء إلى محلات الأنشطة، كما يمكن لوزارة التربية الوطنية أن تفتتح موسمها الدراسي بمثل هذه الأنشطة التربوية والترفيهية قبل استئناف الدراسة.
4- جعل الظرفية مناسبة لإحداث ما تفتقد إليه القرية أو المدينة أو الجهة ككل من الفضاءات التربوية والترفيهية والفنية و الرياضية للأطفال والشباب كالقاعات المتعددة الاستعمالات وخزانات ومتاحف ومسارح ومعاهد، والحدائق والمنتزهات و مسابح و ملاعب القرب ومخيمات القرب…في أفق مدن وقرى وجهات صديقة للأطفال والشباب فعلا، تظل فيها المخيمات مؤسسات علاجية وترميمية تلجأ إليها كل الدول خلال عطلها وكوارثها ومناطق التوترات خلال الحروب والأزمات.
5- جعل الظرفية مناسبة لتصحيح علاقة هذه المجالس بالجمعيات بإيجاد فضاء للتشاور العمومي والتعاون في السياسات العمومية اقتراحا وإنجازا وتقييما كما ينص على ذلك الدستور، وبعيدا عن الإقصاء والتهميش والمحسوبية وعن التنافس المجاني والتعامل الانتخابوي الذي يضر بمصلحة الجميع وعلى رأس ذلك مصالح الساكنة وسمعة القرية والمدينة والوطن.