زيارة بايدن للخليج.. أهداف استراتيجية ونتائج متواضعة
حظيت زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المملكة السعودية السبت الماضي، ومشاركته بقمة “جدة للأمن والتنمية” باهتمام سياسي وإعلامي بالغين، باعتبارها الزيارة الأولى له للمنطقة منذ توليه منصبه مطلع العام 2021.
وتمت الزيارة في ظل حالة استقطاب وتوترات دولية سياسية واقتصادية وعسكرية. ورغم الأهمية الاستراتيجية للزيارة فإنها لم تحقق أهدافها الأمريكية بشكل كامل، خاصة على صعيد زيادة إنتاج النفط، وفتح أبواب أوسع للتطبيع السعودي مع إسرائيل.
ويرى مصطفى عبد السلام، الكاتب والصحفي المصري المتخصص في الشؤون الاقتصادية، أن زيارة بايدن لدول الخليج لم تحقق أهدافها على المستوى الاقتصادي. وقال في تصريح لوكالة الأناضول “أخفق الرئيس الأمريكي في انتزاع موافقة خليجية، خاصة من السعودية والإمارات وهما من أكبر المنتجين داخل منظمة أوبك، على إجراء زيادة فورية في الإنتاج النفطي كما كان يأمل”.
وكان بايدن يعول كثيرا على الزيادة الفورية بإنتاج النفط لـتهدئة أسعار الخام والمشتقات البترولية خاصة في السوق الأمريكي، عبر زيادة المعروض في الأسواق العالمية.
وأضاف مصطفى عبد السلام: “صحيح أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، أعلن السبت الماضي عن زيادة في إنتاج المملكة النفطي إلى 13 مليون برميل يوميا، لكن هذا الإعلان لم تتعامل معه أسواق النفط بإيجابية”، موضحا أن “الزيادة لن تتم قبل نهاية عام 2026 أو بداية عام 2027، كما أعلن وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان يوم 16 مايوالماضي”.
واستدلّ عبد السلام على ذلك بـ”زيادة سعر النفط عقب مغادرة بايدن منطقة الشرق الأوسط”،مشيرا إلى أن “أسعار النفط واصلت الارتفاع مدعومة بضعف الدولار وشحّ الإمدادات في الأسواق العالمية، وهو ما عوّض المخاوف بشأن الركود واحتمال حدوث إغلاق جديد في الصين مرتبط بفيروس كورونا”.
وعلى صعيد آخر، لم تنجح ضغوط الرئيس الأمريكي -حسب المتحدث- على دول المنطقة من أجل الإسراع في التطبيع الاقتصادي بين بعض هذه الدول وفي مقدمتها السعودية و الاحتلال الإسرائيلي، و أخفق أيضا في انتزاع موافقة من قادة المنطقة المشاركين في قمة جدة على دمج الكيان المذكور اقتصادياً في اقتصادات وأسواق دول المنطقة.
وأشار عبد السلام إلى أن الولايات المتحدة كانت تهدف لإنشاء سوق إقليمية مشتركة في الشرق الأوسط تشمل السعودية ودول الخليج والاحتلال الإسرائيلي، لكن بايدن لم ينجح في تحقيقه خلال الزيارة. غير أنه ” انتزع موافقة على فتح السعودية مجالها الجويّ لجميع شركات الطيران المدنية العالمية” بما في ذلك الرحلات الجوية مِن وإلى الاحتلال إسرائيلي.
وفي سياق متصل، قال خبير العلاقات الدولية جلال سلمي لوكالة الأناضول، إن “زيارة بايدن تمحورت بالأساس حول الأمن الجيو-طاقي في ظل حالة الشح التي تُعاني منها دول الاتحاد الأوروبي في الطاقة”ن موضحا أن “النقطة الأهم هي التعاون الأمني غير المباشر ضد أي نفوذ من شأنه الإخلال بتوازن القوى في المنطقة، تحديداً النفوذ الإيراني”.
وأضاف سلمي “السعودية والإمارات لا ترغبان بتكوين جبهة ضد روسيا والصين، لكن لديهما تخوف مستمر من إيران، والجبهة المذكورة ليس جبهة هجومية بل دفاعية في إطار معادلة النفوذ”، لافتا إلى أن لم يعد هناك ثقة أمريكية ببريطانيا التي كانت تستعد إدارة بايدن لتوكيلها بشؤون الشرق الأوسط”. وهذا الواقع دفع إدارة بايدن -حسب المتحدث- للتأكيد أنها ستبقى حاضرة في منطقة “الشرق الأوسط” ولن تترك الفراغ للصين وغيرها.
عن وكالة الأناضول بتصرف