رمضان فرصة عظيمة لتزكية النفس
يعتبر شهر رمضان فرصة كبيرة لتزكية النفس، فالصيام أصل من أصول تزكية النفس وتقوية إرادتها وتحملها مقتضيات طاعة الله تعالى، بل هو مدرسة التقوى التي ذكرها الله في كتابه فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون).
ففي رمضان تتهيأ الأجواء من أول ليلة فيه بحصول السكينة التي تمهد للصائم أن يخوض في بحار الطاعات التي تطهر نفسه، فيبدأ المسلم في التشمير عن ساعد الجد لخير العمل، وما أكثر أعمال رمضان المزكية للبدن والروح معاً، وعلى رأسها صيام نهار رمضان، فإن أثره عظيم ودروس التزكية فيه كثيرة، ونسبة النجاح فيها عالية ومميزة، يخرج الصائم منها في نهاية رمضان وقد غفر له، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضانَ إيماناً واحتساباً، غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبِه” (أخرجه البخاري).
وقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يكون لأخلاقنا نصيب من الترقي في شهر رمضان فقال صلى الله عليه وسلم: “إذا أصبَحَ أحدُكُم يوماً صائماً، فلا يرفُثْ ولا يجهَلْ، فإنِ امرؤٌ شاتمَهُ أو قاتلَهُ، فليقُلْ: إنِّي صائمٌ، إنِّي صائمٌ” (رواه مسلم).
وللصوم أثر في تهذيب النفس؛ فالنفس المطمئنة تزداد إيمانا وتتزكى بهذا الصوم، والنفس الأمارة بالسوء تَنضبِط في هذا الشهر، وتتربى على الصبر وتترك ما حرم الله – سبحانه وتعالى، كما أن فيه تعويد على الخير والنظام والطاعة والصبر والإخلاص، وهو كفُّ النظر واللسان واليَدِ والرِّجل وسائر الجوارح عن الآثام والمحرَّمات، كما تشمل الآداب وسائر الأحكام والفضائل في المساواة والمواساة والإحساس بأفراد أمة الإسلام.
فالتزكية عملية تطهير للنفس من كل ما يشوبها من أعمال أو أقوال أو اعتقادات تخالف ما يريده الله لنا، أو تؤخرنا عن طريقه المستقيم، وهي منة من الله تعالى ينعم بها على عباده ويهديهم إلى أسباب حصولها، فقد أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم من أجل تحقيقها في نفوس الناس عامة، والمؤمنين خاصة، قال تعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ).
وهي أيضا مطلب مهم وضروري لكل من آمن بالله تعالى، وقد طلبها نبينا إبراهيم عليه السلام في دعائه لذريته فقال: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ)، وبالتالي يكون شهر رمضان مدرسة عظيمة لتهذيب النفس حتى تتخلى عن الأخلاق الرذيلة، وتتحلى بالأخلاق الكريمة؛ لأن الصائم هو في غاية المراقبة لربه سبحانه فقد صامت جوارحه وحواسه عن كل ما نهى الله عنه، فلا يرفت ولا يصخب ولا يجزئ السيئة بالسيئة بل يقول: إني صائم، لأنه يعلم أنه إن لم يصن سمعه وبصره فإنما هو يجوع ويعطش وليس صائما حقيقة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”.
موقع الإصلاح