رمضان شهر الإنتصارات.. معركة عين جالوت
شهر رمضان المبارك هو شهر الخير والبركات، شهر الجهاد والانتصارات والفتوحات، شهر تجلت فيه الملاحم والبطولات الإسلامية في أبهى صورها على أيدي رجال المسلمين أبطال اتّبعوا نبيهم اتباعًا كاملاً وأحبوه، رجال صدقوا ما عاهدوا اللهَ عليه، نصروا دين الله تعالى وطبقوا شرعه الحنيف فنصرهم الله وأيدهم بجُندٍ من عنده وأعزّهم، رجال أبطال مجاهدين كانوا يخافون الله عزّ وجلّ ويُطيعونه فإذا أشرقت شمس الصباح كانوا أسودًا فرسانًا يصومون ويصلون ويتقون الله عز وجل حقّ تقاته وإذا ما جنّ عليهم الليل كان لهم دويّ بقراءة القرءان كدويّ النحل فنصرهم الله سبحانه وتعالى على أعدائهم وأعزَّهم في دنياهم.
وإنَّ المتتبع للانتصارات العظيمة التي أحرزها هؤلاء المسلمون الأبطال في الماضي يجد أن كثيرًا منها ما كان في شهر رمضان المبارك شهر الخير والبركات؛ فغزوة بدر الكبرى كانت في شهر رمضان قال الله تعالى :{ولقد نصركم الله ببدرٍ وأنتم أذلّة فاتقوا الله لعلكم تشكرون}، والفتح العظيم فتح مكة كان في شهر رمضان، قال الله تعالى :{إنَّا فتحنا لك فتحًا مبينًا}، وفتح الأندلس على يد القائد العظيم المظفّر “طارق ابن زياد” كان في رمضان، ومعركة عين جالوت التي قضى فيها المسلمون على الزحف التتاريّ البغيض وانكسار الروم في تبوك كل ذلك كان في شهر رمضان المبارك شهر الجهاد والفتوحات والبركات شهر الخير والبركات ومن أبرز هذه الملاحم معركة عين جالوت.
في 25 رمضان 658هـ خرج سلطان مصر سيف الدين قطز من مصر على رأس الجيوش المصرية وذلك لملاقاة جيش المغول الرهيب في معركة عين جالوت و انتصر فيها المسلمون انتصاراً ساحقاً و أدت المعركة لانحسار نفوذ المغول في بلاد الشام وخروجهم منها نهائياً وإيقاف المد المغولي.
وقعت في 3 شتنبر 1260 م، تعد من أهم المعارك الفاصلة في تاريخ العالم الإسلامي. انتصر فيها المصريون انتصارا ساحقا على المغول وكانت هذه هي المرة الأولى التي يهزم فيها المغول في معركة حاسمة منذ عهد جنكيز خان. أدت المعركة لانحسار نفوذ المغول في بلاد الشام وخروجهم منها نهائيا وإيقاف المد المغولي المكتسح الذي أسقط الخلافة العباسية سنة 656 هـ // 1258م. كما وأدت المعركة لتعزيز موقع دولة المماليك من مصر كأقوى دولة إسلامية في ذاك الوقت لمدة قرنين من الزمان أي إلى أن قامت الدولة العثمانية. وقعت المعركة في منطقة تسمى عين جالوت بين مدينة جنين والناصرة و بيسان، في شمال فلسطين خارج الحدود المصرية.
- تعد معركة عين جالوت من المعارك المفصلية في التاريخ الإسلامي والتي وقعت عام 1260، والتي من خلالها تم القضاء على أسطورة جيش التتار الذي عاث في الأرض فسادًا، وقتل من المسلمين ومن غير المسلمين ما قتل.
- كان قائد معركة عين جالوت سيف الدين قطز الذي وحد المماليك والعرب تحت راية واحدة من أجل صد الزحف التتري، وإيقاف شلالات الدم التي تسبب بها المغول في كل أرجاء الأرض.
- كان للحنكة العسكرية وقوة الشخصية والذكاء السياسي لسيف الدين قطز دورًا بارزًا مهّد للانتصار في هذه المعركة، ولم يكتف المسلمون بصد الهجوم التتري وحسب، بل تتبعوا فلول التتار.
- كان من العوامل الهامة في النصر في معركة عين جالوت وجود الظاهر بيبرس إلى جانب سيف الدين قطز.
- كان التتار يعتمدون على إثارة الرعب في نفوس الناس، وعلى عنصر عدم التوقع من خلال شن هجومات بأعداد كبيرة، وكانوا يقضون على كل شيء، فلا يسلم منهم البشر، أو الشجر، أو الحجر، ولا يفرقون بين رجل، أو امرأة، أو شيخ، أو طفل.
- كانت هزيمة التتار في هذه المعركة المفصلية في عهد هولاكو بن طولوي بن جنكيز خان الذي أحدث المجزرة الشهيرة في مدينة بغداد عام 1258، والتي قتل فيها الخليفة المعتصم بالله، والتي بها تم القضاء على الخلافة العباسية بشكل نهائي.
الدروس المستفادة من معركة عين جالوت
هناك العديد من الدروس التي يمكن أن تؤخذ من هذه المعركة الفاصلة في التاريخ الإسلامي وهي:
- المسلمون لا ينتصرون بعدد أو عدة: وهذا ما يحدث في معظم معارك المسلمين، فهم يعتمدون على التوكل على الله، مع الأخذ بكامل أسباب النصر المادية، ويأتي بعد ذلك النصر المبين من الله تعالى.
- في الإتحاد قوة: عمل سيف الدين قطز على توحيد العرب والمماليك من أجل حشد قوة أكبر يتمكن بها من مواجهة الزحف التتري على ديار المسلمين.
- بعد العسر يأتي اليسر والنصر: كان التتار قبل معركة عين جالوت قد عاثوا في الأرض فسادًا، وقضوا على الخلافة الإسلامية، ثم بعد ذلك قام قطز بتوحيد العرب والمماليك تحت راية واحدة، وقضوا على التتار الذي كانوا يشكلون مصدرًا للذعر والموت لكل إنسان عايشهم.
الإصلاح