رشيد المدور يسلط الضوء على موضوع سرية أعمال اللجان البرلمانية بمعرض الكتاب
قدم أستاذ القانون الدستوري رشيد المدور مقاربة دستورية لموضوع سرية جلسات اللجان البرلمانية منذ أول دستور للمملكة المغربية في عام 1962 إلى غاية دستور سنة 2011، مستقرءا بذلك ستة دساتير للمغرب لفهم هذا المقتضى القانوني معتبرا إياه “إشكالا مزمنا”.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بالمحمدية خلال مداخلة في ندوة حول “دور اللجان البرلمانية في مراقبة العمل الحكومي” نظمتها الوزارة المنتدب المكلفة بالعلاقات مع البرلمان يوم الأربعاء 7 يونيو 2023 برواق الوزارة بالمعرض الدولي للكتاب أن موضوع سرية الجلسات قديم جدا.
وأشار المدور إلى تنصيص النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 1963 على أنه “يمكن لمجلس النواب أن يقرر عقد اجتماعات سرية للجانه”، مشيرا إلى أن طموح البرلمانيين كان يرمي إلى أن تكون أعمال اجتماعات اللجان البرلمانية علنية في الأصل.
وأكد أن توجه واختيار البرلمانيين اعترضته آنذاك قرارات القضاء الدستوري، وفي مقدمتها الغرفة الدستورية لدى المجلس الأعلى للقاء، قائلا “في أول قرار أصدرته هذه الغرفة المتعلق بفحص النظام الداخلي لمجلس النواب صرحت بأن هذه المادة غير مطابقة للدستور”.
وأضاف المتحدث أن التوجه الذي ظهر عند أعضاء مجلس النواب والتوجه المضاد الذي أسست له الغرفة الدستورية بالتصريح بكون توجه البرلمانيين غير مطابق للدستور، وهو ما سار عليه المشرع الدستوري بعد ذاك في دساتير 1970 و1972 و1992 و1996، علاوة على تكريسه من خلال اجتهادات القضاء الدستوري.
ورصد المدور تطورا في قضية سرية أعمال اللجان البرلمانية مع دستور 2011، موضحا أن هناك حالات يمكن أن تتحول أعمال اللجان من السرية إلى العلنية، ممثلا لذلك بتنصيص الدستور على “يمكن للجان الدائمة للبرلمان، أن تعقد اجتماعات مشتركة للاستماع إلى بيانات تتعلق بقضايا تكتسي طابعا وطنيا هاما، وذلك وفق ضوابط يحددها النظامان الداخليان للمجلسين”.
ودعا المدور إلى ضرورة معرفة الفلسفة التي جعلت المشرع الدستوري يكرس طابع سرية اللجان في الدساتير السابقة، مرجعا ذلك إلى فلسفة البرلمانية المعقلنة التي ترمي إلى الحد من سيادة البرلمان ومنع هيمنته على الحكومة، علاوة على اعتبار أعمال اللجان البرلمانية أعمال تحضيرية، إضافة إلى أن أعين البرلمانيين على من يصوت لهم.
ورأى البرلماني السابق أن من الأشياء التي تجعل البرلمانيين يلحون على العلنية، هو ضرورة إبراز جهود البرلمانيين في أعمال اللجان، ويؤسفهم أن المواطنين لا يعرفون ما يقوم بها البرلمانيين خاصة في مناقشة مشروع قانون المالية، موضحا أن المشرع في دستور 2011 فتح متنفسا لعقد اللجان بعض اجتماعاتها بشكل علني وفق ضوابط يحددهما النظامان الداخليان لمجلسي البرلمان.
وخلص المدور إلى أنه بعد تجربة تزيد عن 40 سنة ارتأى المشرع الدستوري أن يخفف من العقلنة البرلمانية، وذلك بالتخفيف من قيد السرية، مضيفا أنه سمح بإمكانية عقد اجتماعات علنية يمكن أن تنقلها وسائل الإعلام وأن يحضرها عموم المواطنين إذا ما تعلق الأمر بقضايا مهمة تستأثر باهتمام الرأي العام.
موقع الإصلاح