رشيد العدوني يكتب: من أجل شباب المغرب.. نقطة نظام!
ألقى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي “قنبلة كبيرة ” في ساحة النقاش العمومي ببلادنا، من خلال رأي جديد عنوانه “شباب لا يشتغلون ليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين NEET” ويبلغ عددهم بالمغرب 1.5 مليون شاب أي ما يمثل ¼ الفئة التي تتراوح أعمارها بين 15 و24 سنة. وهو ما يبرز محدودية السياسات العمومية الرامية لتحقيق الادماج الاجتماعي والاقتصادي للشباب.
وقد أبان المجلس عن أن القضية مركبة في أسبابها وعواملها وتوقف عند ثلاث أسباب: الأول يتعلق بالهدر المدرسي إذ يغادر حوالي 331000 تلميذ المدارس سنويا، ويتعلق الثاني بالولوج لسوق الشغل حيث 6 من أصل 10 شباب هم عاطلون. والثالث يحدث حيث الانتقال بين وظيفتين حيث يجد الشباب صعوبات في الحصول على عمل جديد.
وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع مواقف المجلس في تفسيراته واقتراحاته لحل هذه المعضلة، فلا بد من أن توضع هذه الأرقام للمناقشة بل للمساءلة!! مساءلة موجهة للجميع للدولة وللمجتمع، للمدرسة والإعلام، للجمعيات والأحزاب والنقابات وللأسر. كما تحتاج لنقطة نظام كبيرة يتداعى لها العلماء والخبراء وصانعو القرار للجواب عن سؤال: ماذا يعني مليون ونصف شاب بدون مدرسة ولا شغل ولا تكوين؟ وأين هم هؤلاء وماذا يفعلون وبم هم منشغلون وفيم يفكرون؟ وهل يكفي أن نعتبرهم عبئا وعالة على الدولة والمجتمع طالما لا ينتجون أيّة قيمة مضافة؟
وهي نقطة نظام من أجل الوقاية والإنقاذ تجاه هذه الفئة المهمة كمّا ونوعا، ذلك أن ترك هؤلاء الشباب في وضع “neet”[1] يجعلهم لقمة سائغة لمخاطر الجريمة والمخدرات والهجرة والتطرف والعنف والضياع… والمجهول.
نقطة نظام كبيرة تتأسس على الإنصات العميق لرأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بدل التشكيك المجاني في الأرقام – مثلما عبر عن ذلك رئيس الحكومة-، ثم النقاش الهادئ وتحمل المسؤولية من لدن الجميع لإيجاد حلول لهذه الفئة العريضة من شبابنا.
ويمكن القول إن الوضع الطبيعي لهذه الفئة (15-24 سنة) هو في مقاعد الدراسة بالثانويات والجامعات والمعاهد، ولذلك أول ما ينبغي مساءلته هو السياسة التعليمية واستمرار ظاهرة الهدر المدرسي والجامعي، وأسبابه الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والقانونية واللوجستيكية واللغوية والبيداغوجية، فقد سبق للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ولعدد من الخبراء والمختصين في التربية والتعليم أن نبهوا لهذه الظاهرة.
حيث يَنتُج الهدر المدرسي غالبا عن فشل وعدم قدرة على استكمال المسار الدراسي، إما بسبب الفقر والهشاشة (يسائل السياسات الاجتماعية) أو البعد عن المؤسسات التعليمية (خاصة في العالم القروي) أو بسبب العوائق البيداغوجية (فرنسة التعليم في مخالفة للقوانين الجارية) وهو ما يقتضي تصحيح هذه الاختلالات بكل استعجال بدل التمادي فيها على غرار ما صرح به وزير التربية والتعليم في مارس الماضي حين وقع على قرض من الوكالة الفرنسية للتنمية من أجل تنزيل القانون الإطار وضمنه تعزيز فرنسة التعليم!!!
لكن هل يتعلق الأمر فقط بمسؤولية حكومية؟ بالعكس إن خطورة هذا الموضوع تستدعي انخراطا جماعيا كل من موقعه واختصاصه (حكومة، جماعات ترابية، جمعيات، نقابات، وسائل إعلام، مساجد …)، ذاك أن الموضوع خطير وجلل لا يؤثر على واقع المغرب فقط، بل يهدد مستقبله! طالما نتحدث عن فئة حيوية واعدة يفترض أن تكون ثروة ديمغرافية ورأسمالا اجتماعيا؛ يجدر استثماره في نهضة البلاد وتقدمها بدل تركه يهدد استقرارها ومستقبلها.
[1] Not in Education, Employment or Training