ذ محمد يتيم يكتب : متى نصر الله ؟

العدوان الصهيوني على غزة جعلنا نقرأ القرآن، أي نتدبره بعين أخرى وقلوب أخرى ووعي مختلف. كنا نمر على عدد من الآيات دون أن نعيشها بشعورنا الكامل ونتذوقها تذوقا كاملا .. لكننا اليوم مع العدوان الهمجي الصهيوني على غزة، ومشاهد الدمار والصلف الصهيوني في مقابل مظاهر الصمود والثبات والاستبشار بالاستشهاد، والرضى بقدر الله واليقين في النصر، تغيرت نظرتنا وأصبحنا نفهم بقلوبنا وشعورنا أبعادا عميقة من عقيدتنا، ومن ذلك مثلا قوله تعالى { أمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَا رَسُولِهِۦ وَلَا ٱلْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ۚ وَٱللَّهُ خَبِيرٌۢ بِمَا تَعْمَلُونَ} وقوله تعالى {أم حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}

السنة الإلهية التي تقررها هذه الآية، هي سنة الابتلاء وأنه كلما تزايدت البأساء والضراء إلا واقترب نصر الله. نتلو في القرآن الكريم قصة أصحاب الأخدوذ الذين نكَّل بهم كفار قومهم أبشع تنكيل؛ الإحراق بل توجيه الأمر لهم برمي أنفسهم في أخذوذ ملتهب نارا.. لكن من على شفا الأخدوذ وقد جيء بامرأة مؤمنة وبين يديها طفلها وقد أمرت أن ترمي نفسها في النار وهي مرتعبة خائفة ينطق الله رضيعها قائلا :” ياأماه لا تخافي فإنك على الحق “. ونقرأ في نفس السورة تعقيبا عن مال الطغيان والعلو والاستكبار قوله تعالى { هل اتاك حديث الجنود فرعون وثمود بل الذين كفروا في تكذيب والله من وراهم محيط بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ}.

يخبرنا القرآن أيضا أن الابتلاء الذي قد يصيب المؤمنين، وهو اصطفاء وتزكية وتكريم إلهي لا يناله أي كان كما في قوله تعالى { إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس..ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين} نتلو قوله تعالى عادة دون أن نتذوقه كما نتذوقه؛اليوم على ضوء العدوان الصهيوني { وكأين من نبىء قتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فآتاهم الله تواب الدنيا وحسن تواب الآخرة والله يحب الصابرين }

ومع العدوان الصهيوني على غزة والجرائم التي تفوت الوصف، نتذكر قصة الغلام الذي كان يتردد بين معلم السحر وبين معلم العقيدة الصحيحة، وكيف ابتلي حين أمر بالكفر فرفض.. وكيف انتهى الأمر إلى إيمان الناس حين قالوا :” آمنا برب الغلام ” مما يبين أن الباطل لا يصمد أمام الحق، وأن أنواع السحر والتدليس لا تصمد أمام الحقيقة. وأن ثمن كشف حقيقة الباطل هو سقوط شهداء وسيلان دماء ومحن تشيب لها الولدان.

لكن النتيجة أن ينجلي الغبار في نهاية المطاف، ويقع تحول كبير في وعي الناس وفي وقوفهم على الحقيقة، وهو ما يقع اليوم والناس ترى ما يجري في “أخذوذ غزة العزة ” التي تقف اليوم شاهدة على البشرية، وكاشفة لحقيقة العدوان وموطنا لمعدن الصير والمصابرة الإيمان، وانبثاقا لوعي إنساني يشترك أقوام من مختلف الجنسيات والقارات.. إنها غزة الشاهدة.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى