د عبد الصمد السالمي يكتب: من هو الفنان؟ شخصيته؟ التزاماته؟

الفنان شخصية رقيقة، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم رقيق القلب؛ يعطف ويشفق ويرحم ويتودد ويبتسم جمع الله له كل السجايا النفسية المؤثرة في المجتمع تبعا لاختلاف سجايا الناس، وصاحبه تصديق عملي لهذه المؤثرات النفسية فجاء التوصيف الإلهي من رب العالمين حين قال ” وإنك لعلى خلق عظيم “.
والفنان إذا لم يدرك هذه المنزلة النبوية، فإنه يظل شخصية شديدة التأثر بمحيطها يسعد بسهولة وتؤثر فيه المواقف الإنسانية لذا يسهل عليه تشخيصها في أعماله الإبداعية وكأنه يعيشها في الواقع. إلا أن الفنان الملتزم بدينه لا يسلم مشاعره ورقته لأي عمل إبداعي، فهو يحسب الأمور بحساب دقيق والحساب ميزان العقل لأن فنه ينبع وينطلق ويتأسس من صور الإسلام من حيث جوانبه الشرعية الملزمة ومن حيث جماليته الممتد؛ ليس كفناني العالم أو الفنانين العرب خاصة المسلمين الذين لا تعنيهم منطلقات الإسلام في اختياراتهم الإبداعية، فهم على هذه الرقة التي يتمتعون بها دون غيرهم . وقد أحدهم منغمسا في الملذات حتى آذانه بل ويعزف عن الزواج كالممثل عمر الشريف ليندموا في آخر العمر.
وبعض الفنانين انقشعت الغشاوة عن أبصارهم وانحل قفل قلوبهم قبل أن يختم عليه، فخرج من أوهاق المستنقع الذي كان يسبح فيه كله شهوات محرمة وأموال غير طيبة. والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول ” إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ” ليعيش برقته مع الناس ويدخل أسواقهم، قانعا مطمئنا تفيض نفسه طمأنينة وسلاما كما حدث مع الممثل محمد العربي وغيره من الممثلين المصريين خاصة والممثلات الذين اختاروا الطهر عن الوساخة.
وللأسف لو وجد فن مؤسساتي يستجيب لمضامين الإسلام الشرعية وتصوراته العامة واستلهامه للثقافات العالمية الإنسانية الجادة عن طريق الاقتباس، لنكفأ الممثلون المعتزلون لهذا الفن الرسالي الذي تطيب معه النفس وتسعد، لكن التصاق الفن العربي بالفن العالمي بسبب المهرجانات الدولية العلمانية تفرض هكذا فنا مطلقا يتعاطى مع العري والمحرمات ولا يعنيه الجانب الديني في شيء قليل ولا كثير. وهذا ما يجعل النسيج الإسلامي يزهد في التنظير لقضايا الفن وإن كانت هناك بعض المحاولات الزهيدة التي تحسب على رؤوس الأصابع.
الأمل باق بالتغيرات التي تدخل ضمن السنة الكونية لله تعالى لميلاد فن راق؛ فن يستلهم وجوده من قواعد الشريعة الإسلامية وفقهها أصولها ومقاصدها ليعبر عن وجع الأمة في هذه الفترة الحرجة من تاريخها، وليسطر ٱفاقا ينشدها المسلمون نحو تغيير حضاري أفضل.




