د خالد الصمدي يكتب: قرض جر نفعا
وقّعت الحكومة المغربية يوم أمس اتفاقا يتم بموجبه منح فرنسا للمغرب قرضا بمبلغ مليار درهم مع منحة تقارب نصف هذا المبلغ، وذلك من أجل تمويل إصلاح التعليم وتنزيل خارطة الطريق 2022- 2026، مع التركيز بالخصوص على تدريس الفرنسية والتدريس بالفرنسية والحد من الهدر المدرسي بالسلك الاعدادي، وقد مر هذا الخبر في وسائل الاعلام دون أن يثير كثيرا من الانتباه، وبالنظر إلى البلاغ الصادر في الموضوع يحق لنا أن نتساءل :
1- هل عجز المغرب عن تمويل إصلاح منظومته التربوية حتى يمد يده الى فرنسا لطلب العون والمدد بمليار درهم، وهو البلد الذي يطلق المشاريع الكبرى بملايير الدراهم، ويخصص للتعليم سنويا ما يقرب من ثمانين مليار درهم ؟
2- نص البلاغ على أن مبلغ القرض سيخصص لدعم تعليم اللغة الفرنسية، باعتبارها لغة مدرسة ولغة تدريس، وهذا الهدف يقتضي أن يكون المبلغ تمويلا غير مسترجع وليس قرضا، لأن نفعه لفرنسا، فكيف نقترض من فرنسا لتمويل تدريس لغتها والتدريس بها في المدارس العمومية المغربية؟
تصوروا أن فرنسا تقترض من انجلترا لاستعمال القرض في تدريس اللغة الانجليزية والتدريس بها في المدارس الفرنسية، “والهبال هذا “
3- إن التدريس بالفرنسية وضعف امتلاك اللغات عموما هو أكبر سبب للهدر المدرسي في السلك الإعدادي، وأكبر سبب في ضعف اكتساب التلميذات والتلاميذ للتعلمات الأساس حسب التقييمات الدولية، فكيف سيجتمع التدريس بالفرنسية مع هدف التخفيف من حدة الهدر المدرسي خاصة في العالم القروي؟
ويأتي هذا القرض مع استمرار تنزيل هندسة لغوية في المنظومة التربوية خارج ما ينص عليه القانون الإطار الذي اعتمد مبدأ التناوب اللغوي بين اللغات الوطنية واللغات الأجنبية في تدريس المواد العلمية والتقنية، في قطع مع الأحادية اللغوية في تدريس هذه المواد، وبهذا القرض تعلن الحكومة أنها ماضية في تنزيل سياستها اللغوية في خرق سافر لمقتضيات القانون، مع تأخير متعمد في إخراج مرسوم الهندسة اللغوية إلى حيز الوجود.
ومهما كان القرض أو المنحة فإن خيارات البلد في تعزيز لغاته الرسمية عن طريق تعزيز تدريسها والتدريس بها والانفتاح الموزون على اللغات الأكثر تداولا في العالم كما نص على ذلك الدستور والقانون الإطار غير قابلة للمساومة، وقرار لا يمكن رهنه لأجنبي بحال .
لقد عودتنا التجربة في السنوات الأخيرة أن كل حديث عن تدريس اللغة الإنجليزية والسعي إلى تعميمها ليس إلا ورقة ضغط تستعمل في تدبير علاقات المد والجزر مع فرنسا، وأن الإنجليزية ليست خيارا استراتيجيا عند المشرفين على الشأن التربوي ببلادنا. وكل ما سبق يطرح من جديد سؤال استقلالية قرار تدبير المنظومة التربوية المغربية في ظل استمرار مد يدها إلى الأجنبي الذي يستغلها فرصة لفرض أجنداته على حساب خيارات البلد الدستورية والاستراتيجية.