دفاعا عن الشاطبي، المحقق الدكتور الحسين آيت سعيد يتحدث عن أسباب التطاول على العلماء
من عاش رجبا شهد عجبا.. هذا مثل عربي يضرب مثلا للمفاجآت التي لاتتوقع ممن تقع منهم وخاصة إذا كانوا يلبسون عمة أهل العلم ولو ادعاء وزورا.
وفي الأيام النكدة هذه كثر الطعن في العلماء والتنقيص من أقدارهم والغمز واللمز لأشخاصهم وتبخيس أعمالهم ويقع هذا من أدعياء العلم والمعرفة ومن سدنة الباطل ونصرائه ممن حشروا في سلك العلماء وليسوا منهم، وأبى الله إلا أن يفضحهم ويبدي سوء طويتهم للناس كما فضح إبليس المحشور مع الملائكة بشكل أو بآخر في امتناعه من السجود لآدم، فأبان امتناعه عن خبث طبعه وخسة معدنه وكذلك هؤلاء الآكلين للحوم العلماء المسمومة، ولم يراعو فيهم لا حق الإسلام ولا حق الأخوة الإسلامية ولا حق البشرية الذي يقتضي فيه الطبع الإنصاف والعدل للقريب والبعيد.
ولم يسلم من ألسنة هؤلاء الشاطبي على جلالة قدره ولا ابن تيميه على علو كعبه واتساع دائرة علمه وفقهه وفهمه ولا العز بن عبد السلام الذي هو سلطان العلماء، وإمام الأئمة ولا العلماء المعاصرون ولا الأحياء ولا الأموات… واللائحة تطول.
ويتساءل المرء عن سبب هذا الهجوم العنيف الذي لا هوادة فيه على هؤلاء الأعلام بالخصوص وليس على مغمورين ولا على علماء من ملل أخرى.
والسبب بالنسبة للمتتبع العارف لا يخفى؛ ذلك أن هؤلاء المتطاولين يخدمون أجندة خاصة لجهات وظفتهم لهذا الغرض ودفعت لهم الأجر مسبوقا، وقد كانوا يخدمون قبل في الخفاء ويظهرون بزي العلماء واليوم خرجوا من الخفاء إلى العلن بإذن من أسيادهم الذين يدفعون لهم دريهمات معدودة وقصدهم أمور ثلاثة:
أولها إشغال المسلمين بمن مات من علمائهم وأفضي إلى ربه وبمن بقي حيا منهم
وثانيها نزع هيبة العلماء من صدور الأمة حتى لايبقي لهم في قلوبهم تقدير ولا احترام فسيهل عليهم أن يوهموهم أنه لا قدوة لكم ولا أسوة وغرضهم أن هؤلاء الذين تأتمون بهم هذه مثالبهم،
وثالثها وهي نتيجة الثانية إسقاط الثقة بالعلماء المعاصرين بالخصوص المخلصين لدينهم وأمتهم الذي لايزالون في ميدان الدعوة إلى الإسلام ورفع رايته وتوسيع دائرته وتحكيم شريعته.
فهؤلاء هم المستهدفون حقا من هؤلاء لأنهم الحاجز الحصين الذي يحول دون سقوط الأمة
وهم موجودون في مشارق الأرض ومغاربها، ومعاول هؤلا المتعالمين العملاء تستهدفهم بالإسقاط لينفسح المجال للعدو المتربص داخلا وخارجا أن يستبيح بيضة الأمة ودينها وخيراتها وأرضها ولن يرضيهم إلا ذلك، ووسيلتهم لهذا هي هؤلاء العملاء الدخلاء.
وقد عود الله هذه الأمة المحمدية أن يخزي من يسعى في إفسادها والكيد لها ولو كان متظاهرا بالإسلام، كما فعل الله بوزير الخليفة العباسي الذي سهل للتتار دخول بغداد فدخلوها بمعاونته ومكره، فقتله الله تعالى على أيديهم بأن ذبحوه علنا، فلا هو وصل لما كان يصبو إليه من منصب ومكانة عندهم، ولا هو أخلص لدينه وأمته. جازاه الله بعكس مقصوده كما قال تعالى “ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله”.
وهكذا هؤلاء الدخلاء يخدمون مشروع ابن العلقمي من حيث يشعرون أولا يشعرون، وعلى الأمة أن لاتلتفت لسموم هؤلاء وأن تتراص وراء علمائها، وعلى طلبة العلم أن يحصنوا الأمة بكشف باطل هؤلاء وإظهار زيفهم وتعرية المشروع الذي يروجون له والجهة التي يخدمونها
قال الله تعالى “ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز”..
الدكتور الحسين آيت سعيد
العلم الشرعي يحتاج إلى نية خالصة لله عزوجل. فالقصد الأصلي ابتغاء وجه الله والدار الآخرة. والقصد التبعي تحقيق العفاف والمنافع المادية. فالعلم بدون إخلاص كالصحراء بدون ماء. فسبب حصول البركة في علم المتقدمين تحقيق النية والإخلاص مع الله عزوجل في تحصيلهم.