دراسة ميدانية: لغة الضاد تهيمن على أنشطة ومخرجات المراكز البحثية بالمغرب

كشفت دراسة ميدانية جديدة هيمنة اللغة العربية داخل المراكز البحثية بالمغرب، حيث تعتمد 70 في المائة منها على لغة الضاد كلغة رئيسية في أنشطتها ومخرجاتها البحثية.

ونشرت الدراسة الميدانية ضمن تقرير “المجتمع المدني العلمي.. ما يقوله فاعلو ومديرو مراكز بحثية مغربية.. دراسة ميدانية، مقالات تحليلية وحوارات” صادرة عن مركز “منصات” للأبحاث والدراسات الاجتماعية وهمّت عشرات المراكز البحثية المدنية المغربية.

واعتبرت “منصات” أن هيمنة العربية تعكس وظيفتها المزدوجة كلغة رسمية للبلاد ووسيلة تواصل مع الجمهور الواسع وصناع القرار، واستيعاب المراكز لطبيعة المجال العمومي المغربي، الذي لا يزال معربا في بنيته الثقافية والإعلامية والإدارية، رغم تعدد التأثيرات اللغوية.

وسجّل التقرير نسبة ضعيفة لاستعمال الأمازيغية داخل المراكز البحثية المغربية المبحوثة، حيث لم تتجاوز 5 في المائة، وغالبا ما يقتصر ذلك على مراكز متخصصة في قضايا التراث المحلي والثقافة اللامادية والهوية الأمازيغية.

ويرى الباحثون في الدراسة أن هذا المستوى المحدود من التوظيف اللغوي يظهر استمرار الفجوة بين الاعتراف الدستوري باللغة الأمازيغية وبين إدماجها الفعلي في البنيات المعرفية والمؤسساتية.

وجاءت اللغة الفرنسية من حيث استخدام المراكز البحثية في المرتبة الثانية بعد اللغة العربية، بنسبة 55 في المائة من مراكز اللغة الفرنسية، سواء بشكل رئيسي أو ثانوي، مفسرة ذلك بفعل الاستمرارية التاريخية للاستعمار اللغوي الفرنسي، وبكون الفرنسية لا تزال لغة الإدارة والتمويل وعدد من الشراكات الدولية”، واعتبارها أداة للانفتاح على بعض الشبكات البحثية الفرنكوفونية.

وتأتي اللغة الإنجليزية في المرتبة الثانية بـ 25 في المائة من المراكز المذكورة، خاصة في منشوراتها الأكاديمية ذات الطابع الدولي أو ضمن شراكاتها العابرة للحدود. مشيرة إلى أن هذا التوجه يعكس وعيا متزايدا بأهمية إدماج المراكز المغربية في الحقل البحثي العالمي”.

وسجلت الدراسة أن 50 في المائة من المراكز البحثية المدنية تعتمد على مصادر تمويل خاصة أو مستقلة، سواء دعم مؤسسات مانحة أم من خلال شراكات مع فاعلين غير حكوميين، عادة أن هذا ما يمنحها هامشا نسبيا من حرية المبادرة والتفكير النقدي.

وأفادت “منصات” أن 20 في المائة من أربعين مركزا بحثيا مدنيا يمثلون عينة البحث الاستكشافي، تحظى بدعم عمومي مباشر، ما قد يمكنها من الاستقرار المالي، مما يطرح في بعض الحالات سؤال الاستقلالية في المواضيع والأجندات البحثية، خصوصا عندما يكون التمويل مشروطا أو خاضعا للرقابة المؤسساتية.

وأظهرت الدراسة الميدانية أن 30 في المائة من المراكز لم تُصرّح بمصادر تمويلها، ويطرح هذا الأمر إشكالية على مستوى الحوكمة والمساءلة، ويضعف من مصداقية هذه الفاعلين داخل الحقل المدني”.

وفسرت “منصات” غموض مصادر التمويل باعتباره استراتيجية لحماية استقلالية المراكز أو تفادي التسييس؛ لكنه يُمكن أن يكون من جهة أخرى، دالا على غياب قواعد الشفافية وتدني المعايير الأخلاقية في العمل البحثي المدني.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى