دراسة ميدانية تسجل تعثر مدارس الريادة في المدن

خلصت دراسة ميدانية إلى تفاوت مردودية الأداء في نموذج المدارس الرائدة في المغرب ما بين الوسط الحضري والقروي، وذهبت إلى أن الوسط القروي يحقق مردودية تربوية إيجابية مقابل أداء متواضع نسبيا في المجال الحضري.
الدراسة التي أنجزتها جمعية “حُضن” غطّت عيّنة مكوّنة من 48 مؤسسة تعليمية موزعة على 12 إقليما، شملت المستويين الرابع والسادس من التعليم الابتدائي.
وأظهرت الدراسة أن نسبة النجاح في القرى بلغت 83 بالمائة، بينما لم تتجاوز 64 بالمائة في الأحياء الحضرية. وبلغت معدلات المواظبة والانضباط داخل الفصول القروية 91 بالمائة مقابل 68 بالمائة في المجال الحضري. فيما بلغ معدل الانقطاع المدرسي فكان أقل بثلاث مرات في القرى، حيث لم يتجاوز 3.4 بالمائة، في حين تجاوز 10 بالمائة في عدد من الأحياء الهامشية.
وعزت الدراسة هذه الفوارق إلى انتظام الإيقاع الحياتي، وتماسك النسيج الاجتماعي، ومحدودية العوامل المشتتة خارج أسوار المدرسة في المجال القروي، مما يمنح المؤسسة التعليمية موقعا مركزيا داخل محيطها.
وسجلت الدراسة استطاعة المدارس الرائدة في العالم القروي خلال موسمين دراسيين متتاليين، تقليص معدلات الانقطاع المدرسي بنسبة قاربت 37 بالمائة مقابل 12 بالمائة فقط في الوسط الحضري، رغم توفّر بنيات تحتية متقاربة من حيث التجهيز والدعم التربوي.
وأبانت المعطيات أن 72 بالمائة من التلاميذ القرويين عبّروا عن ارتياحهم لنمط التعلم الجديد المعتمد في هذه المدارس مقارنة بـ51 بالمائة فقط من التلاميذ في المدن، الذين أشار بعضهم إلى صعوبة التأقلم بسبب “تشتيت الانتباه خارج المدرسة”، و”ضغط الامتحانات والأنشطة الخصوصية”.
وتشير الدراسة إلى أن النمط التربوي السلِس والمكيّف الذي تعتمده هذه المدارس، بما يتضمّنه من ورشات تطبيقية وأنشطة منفتحة، يساعد بشكل واضح على تحفيز أذهان التلاميذ في القرى، في حين يبدو أقلّ فعالية داخل المدن، حيث لا يوفّر السياق الحضري الاستقرار الذهني والبساطة اليومية ذاتيهما.
وسجلت الدراسة أن نسبة الثقة في التعليم العمومي داخل المدن لا تتجاوز 34 بالمائة، وقد تراجعت مع اعتماد المدرسة الرائدة، التي وُصفت من قبل بعض الأسر بكونها “أقل صرامة” و”غير منسجمة مع إيقاع المدينة”. كما أقر 59 بالمائة من الأطر التربوية الحضرية بصعوبة التأقلم مع مناهج هذا النموذج الجديد، مرجعين ذلك إلى ضعف التكوين وعدم ملاءمة البيئة التعليمية مع مستلزماته.
ودعا التقرير إلى توسيع مفهوم المدرسة الرائدة ليشمل بعدا مجتمعيا مدنيا، وتكييف النموذج التربوي الحضري مع طبيعة الحياة المعاصرة” من أجل تقليص الفجوة المسجلة.