دراسة علمية تستقصي تاريخ الطب في المغرب

استقصت دراسة علمية نشرتها الرابطة المحمدية للعلماء محطات من تاريخ الطب في المغرب، مبينة تطوير هذا العلم على يد مغاربة شهدت لهم البشرية على ابتكاراتهم في هذا المجال.
وقال جمال بامي، رئيس مركز ابن البنا المراكشي، معد الدراسة، “إن العلاج الطبي العلمي بالمغرب قد أسس في مجمله على مبادئ ومناهج وتقنيات علمية، كان للنهضة العلمية الأندلسية في مجالي الطب والفلاحة أثر كبير فيها”.
وشدد الباحث على أن الدول التي تعاقبت على حكم المغرب قد اهتمت بتوفير نوع من العلاج مؤسس على العلم والتجربة، وذلك عن طريق تأسيس المارستانات وتنظيم التعليم الطبي، مضيفا أن هناك بجانب المؤسسات الاستشفائية أطباء كانوا يعملون لحسابهم الخاص، ويبدو أن أجرة هؤلاء كانت مرتفعة، فمثلا بلغت أجرة الطبيب ابن أفلاطون بفاس مائة ألف دينار.
وتوقف الباحث عند إن إسهام جامعة القرويين النوعي في الطب، موضحا أنه أتاح للثقافة المغربية ممارسات عملية وعلمية ضمنت حضورا مزدهرا منذ وقت مبكر بدءا من القرن العاشر الميلادي / الرابع الهجري، وقد لاحظ لوكلير في هذا الصدد أن المغرب أشد بلاد الإسلام عمقا من الناحية العلمية.
وسرد الباحث قائمة برجالات الطب والصيدلة خلال العهد الموحدي أمثال: الطبيب السبتي أبو الحسن علي بن يقظان، وأبو بكر يحيى بن محمد بن عبد الرحمان بن بقي السلوي، والشريف الإدريسي مؤلف كتاب “الجامع لصفات أشتات النبات“. وهو أحد الكتب التي اعتمدها ابن البيطار في كتابه “الجامع“.
وأضاف أن منهم الطبيب سعيد الغماري، وأبو الحجاج يوسف بن فتوح القرشي المري، ومن الأطباء أيضا الوزير أبو بكر ابن طفيل القيسي الودآشي، وأبو الوليد ابن رشد استدعاه يوسف الموحدي إلى سكنى مراكش سنة 578هـ برسم الطب.
وضمن الباحث في القائمة أبو جعفر أحمد بن حسان القضاعي البلنسي، الذي ألف كتاب”تدبير الصحة”، وأبو جعفر بن الغزال المري، وأبو بكر محمد بن الحفيد أبي بكر ابن زهر وأبو محمد عبد الله بن أبي الوليد ابن رشد الحفيد.
زيادة على هؤلاء فقد كان بالمغرب في هذا العهد عدد وفير من الأطباء، والصيادلة برسم خدمة خلفاء الموحدين، وبرسم خدمة المارستانات، منهم أبو مروان عبد الملك بن زهر الاشبيلي، ألف لعبد المؤمن بن علي الترياق السبعيني، كما ألف له كتابا في الأغذية، موضحا أن ابن زهر أثر في الطب الأوربي إلى نهاية القرن السابع عشر الميلادي، وذلك بفضل ترجمة كتبه إلى العبرية واللاتينية.
وأشار إلى اختصاص حريم الخلفاء بطبيبات لأنفسهن، ومن هؤلاء أخت الحفيد أبي بكر ابن زهر وبنتها، كانتا عالمتين بصناعة الطب والمداواة ولهما خبرة جيدة بما يتعلق بمداواة النساء.