دراسة: جيل “زد” نتاج فجوة متنامية بين الشباب والمؤسسات الرسمية

كشفت دراسة جديدة أن جيل Z وُلد في مرحلة انتقال اقتصادي غير متوازن، اتسمت بارتفاع معدلات البطالة وضعف قدرات سوق العمل على استيعاب الخريجين، مقابل صعود قطاعات جديدة مرتبطة بالرقمنة والاقتصاد المعرفي.
وصدرت الدراسة عن مركز المؤشر للدراسات والأبحاث على شكل مذكرة سياسية موسعة تحمل عنوان «من التغريدات إلى الاحتجاجات: جيل Z بالمغرب نحو فهم شامل لوعي جديد»، رصدت ملامح جيل جديد وتشكّل وعيه داخل بيئة اجتماعية واقتصادية وثقافية غنية بالتحولات.
ونبهت الدراسة لوجود فجوة متنامية بين الشباب والمؤسسات الرسمية، نتيجة بطء الإجراءات واستمرار منطق الهرمية الإدارية، وضعف آليات إشراك الجيل في مواقع القرار.
وحذرت من أن يؤدي هذا الوضع إلى تراجع الثقة في المؤسسات وإضعاف السياسات العمومية إذا لم تتم معالجته بعمق، خاصة مع ازدياد حضور الشباب في الحركات الاحتجاجية والفضاءات الرقمية التي تمنحهم تأثيرا كبيرا رغم محدودية مشاركتهم الرسمية.
وأكدت الدراسة أن التحولات التي عرفتها بنية الاقتصاد خلقت شعورا عاما بعدم الاستقرار لدى الشباب، مما دفعهم إلى البحث عن بدائل عملية تشمل الهجرة و العمل الحر أو المشاريع الصغرى، باعتبارها مسارات أكثر قدرة على ضمان الاستقلالية والتحكم في المستقبل.
وأوضحت الدراسة أن هذا الجيل لم يعد ممكنا فهمه وفق الانطباعات السائدة أو الأحكام الجاهزة، بل من خلال تحليل بنية الواقع الذي نشأ فيه وما عرفه من تغيرات رقمية واقتصادية عميقة.
وسجلت الدراسة تراجع تأثير مؤسسات التنشئة التقليدية، خاصة الأسرة والمدرسة، أمام توسع الفضاء الرقمي الذي أصبح المصدر الأول للقيم والمعرفة والتمثلات.
وأشارت إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي لم تعد مجرد أدوات تقنية، بل أصبحت الفضاء الأكثر تأثيرا في إعادة تشكيل الهوية والسلوك، وإنتاج نظرة جديدة للعالم قائمة على المقارنة بين التجارب المغربية والدولية، وعلى توقعات مرتفعة تجاه دور الدولة وجودة الخدمات العامة.
وسجلت الدراسة أن هذا الجيل لا يرفض السياسة بقدر ما يرفض صيغها التقليدية، إذ يتجه نحو المشاركة الرقمية، حملات الضغط، والمبادرات المدنية السريعة، بدل الانخراط في الأحزاب التي يعتبرها بعيدة عن همومه وإيقاعه. ويفضل الشباب اليوم أبنية سياسية أكثر مرونة وشفافية، ويربطون فعالية المؤسسات بقدرتها على الاستجابة السريعة وليس التدريجية، في انعكاس واضح للتأثير العميق للثقافة الرقمية في تشكيل معايير تقييم الأداء العمومي.
وذهبت المذكرة السياسة إلى أن جيل Z يمثل قوة اجتماعية صاعدة؛ تمتلك أدوات جديدة للتأثير وصياغة المواقف، وأن تجاهل التحولات الجيلية الجارية قد يهدد الاستقرار المؤسساتي ويضعف فعالية السياسات العمومية. داعية إلى ضرورة صياغة نموذج جديد للعلاقة بين الدولة والشباب، يقوم على الشفافية، وتحسين جودة الخدمات، وتوسيع فرص المشاركة، وتطوير مناهج التعليم بما يستجيب للتحولات الرقمية والسوسيولوجية التي تميز هذا الجيل.




