دراسة توصي بسياسات عمومية أكثر نجاعة لتحقيق العدالة المجالية بين جهات المملكة

خلصت دراسة صدرت حديثة إلى أن التوزيع اللامتكافئ للموارد والبرامج والاستثمارات العمومية أدى إلى اتساع الهوة التنموية بين المجالات الترابية، وهو ما كرس “تمييزا سلبيا” بين جهات ومناطق تسجل مؤشرات اقتصادية واجتماعية تفوق المعدل الوطني، وأخرى ظلت ضمن دائرة “المغرب غير الضروري”. 

وقالت الدراسة التي نشرها اليوم الخميس المعهد المغربي لتقييم السياسات، أن السياسات العمومية بالمغرب عانت طيلة عقود من وطأة التركة الاستعمارية التي كرست منظورا “تمييزيا” بين المغرب النافع والمغرب غير النافع في توزيع الاستثمارات والبرامج والمرافق العمومية.

واعتبرت الدراسة التي أعدها الباحث في القانون العام والعلوم السياسية عبد الرفيع زعنون تحت عنوان “تحقيق العدالة المجالية في حاجة إلى نفس جديد”، أن برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية راهن على البعد الجهوي في تعضيد الجهود العمومية انطلاقا من مخططات جهوية تحدد حاجيات كل جهة وآليات تجاوزها للخصاص التنموي مقارنة بالمعدل الوطني وبمعدلات الجهات الرائدة.

وزادت الدراسة “شكَّل البرنامج مِظلَّة لتطوير العمل بالمقاربة الترابية في ضوء التقدم الحثيث الذي تعرفه أوراش الجهوية المتقدمة واللاتمركز الإداري، باعتباره إحدى أهم الشراكات الواعدة بين الدولة والجهات، وآلية لتفعيل الاختصاصات المشتركة بينهما في المجالات الملحة كتعميم التزويد بالماء الصالح للشرب والكهرباء وفك العزلة عن المناطق القروية ومدها بالبنيات التحتية والتجهيزات العمومية الأساسية”.

ونبهت الدراسة إلى محدودية التدابير المتخذة لتجسير الفجوة بين مجالات التراب الوطني أمام تفاقم الفروقات “الماكرو مجالية” بين الجهات الغنية والجهات الضعيفة، و”الميكرو مجالية” بين المجال الحضري والقروي ضمن نفس الجهة.

وأشارت الدراسة إلى أن التقدم الملحوظ في تجسير الهوة التنموية بين مجالات التراب الوطني، لا يعني السير بخطى ثابتة على سكة العدالة المجالية في ظل مؤشرات، تُوحي بإعادة إنتاج وضعيات معقدة من التفاوت بين المناطق والجهات في توزيع الاستثمارات، وتوزيع الموارد والمشاريع العمومية وما لذلك من تأثيرات اقتصادية واجتماعية، إذ لا زالت العديد من الجهات بعيدة عن اللحاق بالإيقاع التنموي للجهات القيادية بسبب استمراء وطأة الهاجس المركزي في توزيع الاستثمارات.

واقترحت الدراسة تطوير مقاربة “التمييز الترابي” من خلال منح الأفضلية للمجالات الأقل تجهيزا في الأوراش الجاري تنفيذها، كالاستراتيجية الوطنية للاستثمار، والمخطط الوطني المندمج للمناطق اللوجستيكية، وبرامج توسيع العرض الجامعي والصحي. وتعديل المادة 48 من القانون التنظيمي رقم 13-130 لقانون المالية بضم تقرير العدالة المجالية للوثائق المرفقة بمشروع قانون المالية السنوي، بما يساعد على جعل الميزانية العامة للدولة مُستهدِفة للحد من الفروقات التنموية بين مجالات التراب الوطني.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى