دراسة: الاحتلال الإسرائيلي يتحول بشكل متزايد إلى عبء على كاهل أوروبا

أبرزت دراسة جديدة  أن المواقف الأوروبية المنتقدة للاحتلال الإسرائيلي وحرب الإبادة الوحشية رغم تراكمها، فإنّ الاتجاه المتنفذ في أوروبا ما زال يتجنّب توجيه لوْم جادّ إلى الاحتلال فضلا عن اتخاذ إجراءات عقابية ضدّه.

وترى دراسة نشرها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، أن الاتجاه الأوربي يراعي أيضا مواقف الحليف الأمريكي في هذا الشأن ويحاول الانسجام معها بوضوح، غير أن  الاحتلال الإسرائيلي تتحوّل بشكل متزايد إلى عبء على الكاهل الأوروبي.

ويسير الاتجاه العام وإن ببطء وتردد- تضيف الدراسة التي أعدها الباحث المتخصص في الشؤون الأوربية حسام شاكر- نحو مزيد من الإقرار بعدم إمكانية بقاء دولة الاحتلال فوق القانون، وعدم إمكانية الاستمرار في تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني وضرورة تلبية ولو بعضها، مع تراجع الرهانات على كسر شوكة المقاومة، والتفاف الحالة الشعبية الفلسطينية حول خيار المقاومة، وفشل مسار أوسلو والتسوية السلمية.

الدراسة الموسومة بـ “المواقف الأوروبية تجاه معركة ”طوفان الأقصى“ والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة”، أن الخطابات السياسية والإعلامية في معظم الدول الأوروبية في الأسابيع الأولى من الحرب اتجهت نحو مزايدات في تقديم الاحتلال في هيئة الضحية، وتصوير هجوم المقاومة في هيئة اعتداء إرهابي نمطي على منوال أحداث صادمة شهدتها دول غربية، وتقديم دعم دعائي يسهم في تبرير الهجوم الوحشي على قطاع غزة تبعاً لذلك.

كما أنه جرى توفير غطاء تبريري للعدوان، وتحديدا عبر التركيز على استدعاء مقولة “حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، وتبنِّي ادِّعاءات قيادة الاحتلال عن أنّ المقاومة “تتّخذ المدنيين دروعاً بشرية”، وإغفال التذكير بالقانون الدولي أو ضمان سلامة المدنيين الفلسطينيين.

وسجلت الدراسة أنّ المواقف الأوروبية خلال حرب الإبادة، انقسمت لاتجاهات ثلاثة على الأقل، مع تبايُن نسبي في المواقف ضمن كلّ اتجاه أيضاً:

• اتجاه تبنّى مواقف انحياز جارفة إلى الجانب الإسرائيلي، وظلّ متمسكاً بهذا الموقف تقريبا، وقد تجلّى هذا بوضوح لدى ألمانيا والنمسا والمجر وتشيكيا ودول أخرى.

• اتجاه أظهر نقدا متزايدا لحرب الإبادة، واتخذ مواقف في الاتجاه الإيجابي. وقد تجلّى ذلك في إيرلندا وإسبانيا وبلجيكا ومالطا والنرويج وسلوفينيا.

• اتجاه ثالث تجنّب النقد الواضح دون أن يتصدّر مشهد الانحياز، أو غلب عليه التأرجح في بعض المواقف، كما في حالة فرنسا التي عدّلت موقفها نسبياً في الشهر الثاني من الحرب.

و اتّضحت هذه الاتجاهات في الموقف من وقف إطلاق النار خلال شهور الحرب الأولى، وفي السلوك التصويتي في الهيئات الدولية، وفي اتخاذ إجراءات عقابية ضدّ السلطة الفلسطينية ووكالة الأونروا، وفي الموقف من فرض عقوبات على المستوطنين أيضاً.

وشكّل هذا الانقسام في المواقف عبئا على مفوّض السياسة الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل Josep Borrell في كيفية الإعراب عن موقف متماسك يمثِّل الاتحاد في محطّات هذه الحرب، مع الإشارة إلى مواقف دول ليست عضواً في الاتحاد مثل بريطانيا التي تبنّت مواقف رديفة للجانب الأمريكي، والنرويج التي عبّرت عن مواقف ناقدة لحرب الإبادة.

وأظهر الانقسام في المواقف أنّ الاتحاد الأوروبي لم يتمكّن من التوصّل إلى قرار مشترك يدعم وقف إطلاق النار في قطاع غزة إلا في  مارس 2024 إلا بمشقّة بالغة بسبب تعنّت العواصم المنحازة بشكل جارف للاحتلال، وعرقلتها هذه الخطوة على مدار نصف سنة من الحرب تقريبا.

ولاحظت الدراسة أنّ مواقف عواصم القرار الأوروبي جاءت متأثِّرة نسبياً بمظاهر الاستقطاب الاستراتيجي الغربي بعد نشوب حرب أوكرانيا، بما في ذلك الاصطفاف الأوروبي الواضح خلف الإدارة الأمريكية. ويبدو أن  القوى الغربية تدرك أنّ خسارة الحرب الدائرة في قطاع غزة أو اتساع رقعتها إقليمياً سيجرّان تداعيات جيوسياسية على التوازنات العالمية، علاوة على أنّ الحرب الجارية تنطوي على اختبار جادّ لفعالية منظومات السلاح والأمن والحماية الغربية أيضاً التي تلقّت ضربة مباغتة في حدث 7/10/2023.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى