دراسة: إعلام الاحتلال مأسس جرائم الإبادة الجماعية بغزة
كشفت دراسة جديدة أن وسائل إعلام الاحتلال “الإسرائيلي” أسهمت بدور كبير في مَأْسَسَة العنف والجرائم الجسيمة التي ارتكبها كيان الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، بل أصبح هذا الإعلام وكيلا للحرب والإبادة الجماعية التي يقوم بها الاحتلال في فلسطين.
وأظهرت الدراسة الصادرة عن مركز الجزيرة للدراسات بعنوان “إسرائيل وأيديولوجيا إعلام الإبادة الجماعية” خطورة الدور الوظيفي للإعلام عندما يتحوَّل إلى سلاح للتدمير البنيوي في يد الصحفيين والإعلاميين الذين يرتهنون إلى “الواجب العسكري”.
الدراسة التي رصد فيها الباحث بمركز الجزيرة للدراسات محمد الراجي حالة إعلام الإبادة الجماعية، في سياق الحرب التي يشنّها الاحتلال “الإسرائيلي” على غزة، أكدت أن هذا الاستدعاء للواجب العسكري يحاول ترسيخ بناء اجتماعي لحقائق سياسية وأيديولوجية تختزلها “الإبادة الجماعية المتوحشة”.
ولفتت الدراسة الانتباه إلى أن الإعلام “الإسرائيلي” ظل يحرص على توطيد الخوف في الذات الفلسطينية من خلال خطابات مختلفة (التحريض، التشويه، الشيطنة، إرشادات ووصايا اغتيال رموز وقادة المقاومة…). ويشير ذلك إلى جهود هذا الإعلام في مَأْسَسَة القتل الممنهج والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني لتكون “النظام الجديد السائد” في هذه المرحلة من تاريخ القضية الفلسطينية، و”القانون الجديد” الذي يتعامل بمقتضاه الجيش الإسرائيلي مع الشعب الفلسطيني.
وأكدت الدراسة أن الإعلام بذلك يُكرِّس مسألة “الحل النهائي” للقضية عبر الإبادة الشاملة (إبادة الجماعة كليّا) ومحو كيان الشعب الفلسطيني، وليس ذلك فحسب، بل إن الحل النهائي يتطلب تهجير الفلسطينيين والاستيلاء على الأرض، وبناء المستوطنات وإحلال الإسرائيليين مكان الشعب الفلسطينيين.
ويرى الراجي أن إعلام الإبادة الجماعية يستعين في مقاربته للحل النهائي باستحضار ثقل التاريخ المعاصر واستدعاء ما يراه حافزا للنصر المطلق، وهو “روح التاريخ لعام 1948، والزخم الهائل لجنود احتلال الإسرائيليين خلال الحرب الذي يمدهم بالشجاعة للقيام بما قرَّره التاريخ بشأن الدفاع عن حياة الإسرائيليين وطرد الشر من العالم”، وهو ما يعني العودة لأساليب العصابات الصهيونية التي قامت بالتطهير العرقي للشعب الفلسطيني والتهجير القسري للسكان من ديارهم وقراهم وأرضهم بعد تدميرها.
ويعتمد هذا الإعلام أيضا على المقدس الديني في إنجاز الحل النهائي باستدعاء النصوص التوراتية (الأسفار الخمسة) التي تلهب اعتقاد الإسرائيليين بضرورة إنجاز الإبادة الشاملة: “اجعل الأرض خرابا فيرتاع منها أعداؤكم المستقرون فيها”. ولذلك أسماه الباحث بـ”إعلام الدمار الشامل” الذي تجاوز “إعلام الساطور” الرواندي بمراحل.
ويُشير بث هذا الاعتقاد (الحل النهائي) في نفوس الإسرائيليين المحتلين إلى أيديولوجيا العنصرية التي يقوم عليها الكيان الإسرائيلي؛ إذ لا يقبل البتة بالتعايش مع الفلسطينيين لا في أرض ولا في دولة واحدة، ولا حتى في إطار حل الدولتين، بل المطلوب هو الإبادة الشاملة للشعب الفلسطيني، ولا يجب أن يكون هناك مجال لأي مشاعر بالشفقة أو المعاملة الإنسانية للفلسطينيين الذين تراهم المؤسسة السياسية والعسكرية مجرد “حيوانات بشرية” يجب منع الماء والغذاء عنها وحرمانها من الرعاية الصحية وقتلها بسلاح الجوع والحصار والتطهير العرقي والتهجير القسري والأسلحة الفتاكة.