خطوة منفصلة عن واقع التلميذ المغربي

في الوقت الذي يُنتظر فيه من وزارة التربية الوطنية الإقدام على إصلاحات حقيقية؛ تجعل المدرسة المغربية ومناهجا وبرامجها التعليمية ومبادراتها، تساهم في بناء شخصية المغربية المرتبطة ببلدها وقيمها، وتاريخها الحضاري في زمن تسونامي الثورة الرقمية، والسعي لفرض نموذج حضاري واحد على العالم.
في هذا الوقت تَخرجُ علينا الوزارة بمذكرة تدعو لإدراج رقصة “الهيب هوب” و “البريكينغ” ضمن أنشطة الرياضة المدرسية دون تمهيد، ولا شرح الموجبات التربوية والدوافع البيداغوجية التي استدعت إدخال رقصة تصنف بأنها من ” فن الشوارع” تجسد واقعا اجتماعيا وثقافيا وسياسيا معينا، وجاءت احتجاجا على ذلك الواقع بكل ما تحمل من رمزيات ودلالات.
الوزارة بررت خطوتها وفقا لخرجة إعلامية لأحد مسؤوليها؛ بأنها انفتاح ثقافي وفكري على الآخر وليست تقليدا أعمى أو سطحي، بل كانت الخطوة محسوبة ومدروسة استفادت فيها من تجارب دولية (فرنسـا، كندا، كوريا الجنوبية)، وجدت في هذه الرقصة/الرياضة آلية لتعزيز الصحة النفسية والانضباط لشريحة من التلاميذ، ومحاربة الهدر المدرسي وتحقيق الذات.
لكن ردود الفعل على الخطوة داخل المجتمع وعلى منصات التواصل الاجتماعي كانت رافضة، وطرحت أسئلة عديدة، منها أسئلة طرحت تحت قبة البرلمان منها؛ هل استندت مذكرة وزارة التربية الوطنية على دراسة تربوية أوتشخيص بيداغوجي دقيق؟ وماهي الكيفية التي يمكن أن تسهم بها هذه الفنون (رقصة “الهيب هوب” و”البريكينغ”) في ترسيخ القيم، وتقوية الكفايات وتحقيق الجودة التعليمية؟
وهناك أسئلة أخرى، طرحت في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية من قبيل هل يشكل إدماج “رياضات” كـ”الهيب هوب” و”البريكينغ” في منظومة التربية المدرسية المغربية نقلة نوعية تعكس تحولا في الرؤية التربوية الجديدة للإصلاح التربوي؟ هل هذه الرياضات بماهي حركات إيقاعية مع موسيقى تجذب الشباب، تنسجم مع السياق الثقافي والاجتماعي المغربي؟ أليست وليدة بيئة اجتماعية وسياسية وثقافية وحضارية مختلف عن بيئتنا؟
سيل من الأسئلة طرح على الخطوة، ولم تقدم الوزارة أي جواب واضح دقيق عليها، والخرجة الإعلامية لأحد مسؤوليها بقطاع التربية البدينة لم تتضمن إلا كلاما عاما استهلاكيا يزيد من طرح الأسئلة أكثر مما يقدم أجوبة.
إن الخطوة المذكورة لوزارة التربية الوطنية، خطوة منفصلة عن المجتمع وصفها البعض بأنها انزلاق تربوي، ولا علاقة لها بالتفتح أو الانفتاح الفكري والثقافي، والتربية على القيم الوطنية والحس الوطني. كما أنها خطوة شاردة عن الاحتياجات الحقيقية للتلميذ/ة المغربي/ة وواقعه، وشاردة عن الخطوات الإصلاحية التي تحتاجها مدرستنا وتعلمينا بشكل عام.