خطبة: الجمعة 10 شوّال 1440هـ الموافق لـ 14 يونيو 2019، حول الامتحانات
الخطبة الأولى
الحمد لله.. الحمد لله خالق الأرض والسموات، محسن تدبير الكائنات،، ومقدّر الأرزاق والأقوات،، ومنزل الماء من المعصرات.. أحمده عز وجل حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه على جزيل العطايا والهبات.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. له الأسماء الحسنى والصفات، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله.. بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة حتى ارتفعت به للملة الأعلام والرايات، صلى الله وسلّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه.. الذين حققوا في دين الله أعلى وأغلى المكتسبات،، وعلى التابعين ومن تبعهم بالخيرات.
أما بعد، في هذه الأيام يعيش الآباء والأمهات مع أولادهم أجواء وهموم الامتحانات والاختبارات، فنسأل الله العظيم أن يعينهم وأن يشرح صدورهم وأن ينور قلوبهم، وأن يرزقهم النجاح والتوفيق.
إن العاقلين من التلاميذ والطلاب يعلمون منذ بدء السنة الدراسية أنه سيأتي يوم الامتحان لا محالة. لذلك، فهم يعدون للسؤال جوابا، وللجواب صوابا. يستعدون ويكدون ويجدون. يفعلون ذلك لأنهم يريدون الفوز، ويكرهون الخسران. ويرغبون في النجاح ويمقتون السقوط.
فليعلم هؤلاء أن الله سبحانه وتعالى لن يضيع جهودهم، وسيكلل بالتوفيق سعيهم، وسييسر لهم أمورهم، وسيحقق لهم آمالهم. وهم فوق ذلك يمهدون طريقهم إلى الجنة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا، سلك اللهُ به طريقًا من طرقِ الجنةِ، وإنَّ الملائكةَ لتضعُ أجنحتَها رضًا لطالبِ العِلمِ، وإنَّ العالِمَ ليستغفرُ له من في السماواتِ ومن في الأرضِ ، والحيتانُ في جوفِ الماءِ”.
أما الفاشلون من التلاميذ والطلاب، فرغم علمهم المسبق بأنه ينتظرهم الامتحان، إلا أنهم خاملون مهملون متكاسلون متقاعسون. يستوي عندهم النجاح والفشل. ولا يفرق عندهم الفوز والبوار. بل منهم من يلهيه الأمل ، يريد أن ينجح بدون عمل. ومنهم من هو أسوأ، وهو الذي يريد أن يصل بالغش والخداع، وينسى أنه إنما يغش نفسه، ويخدع ذاته. لأنه حتى وإن أخذ الشهادة، فلن تنفعه، وسيظل محتقرا في نفسه وعند الناس، ولن يستطيع أن يثبت ذاته، ولا أن يحقق آماله، فضلا عن الإثم والوزر. ويكفيه سوءا أن النبي صلى الله عليه وسلم نبذه بقوله عليه الصلاة والسلام: “َمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا”.
عباد الله، لقد أصبح الغش في الامتحانات ظاهرة متفشية في مجتمعاتنا المعاصرة، تدل على ضعف الإيمان، وقلة المروءة، وانعدام الضمير، وغياب الإحساس بالمسؤولية. فأي خير يرجى من غشاش لنفسه أو لمجتمعه؟
وإن تعجب، فاعجب من أولئك التلاميذ والطلاب الذين يعتبرون الغش حقا مكتسبا، فتراهم يثورون ويزبدون ويرغدون ويسخطون على كل أستاذ منعهم من الغش. بل تراهم يكيلون له كل أنواع السباب والشتائم، ويقذفونه بكل التهم والموبقات، ويصفونه بأقذع النعوت والصفات.
أما العجب العجاب فهم أولئك الوالدين الذي يساعدون أبناءهم على الغش باقتناء أدواته، والبحث عن المجرمين الذين يساعدون أولادهم على الغش، وأداء الأموال من أجل ذلك.
ألا فليعلم هؤلاء أنهم يغشون رعيتهم، ويجنون على أولادهم، ويخربون شخصيتهم، ويطمرون طاقاتهم، ويدمرون كفاءاتهم، ويهدمون حاضرهم ومستقبلهم.
عباد الله، إن الامتحان هو تتويج لمسار الإنسان وعمله، واختبار لكده واجتهاده، وتمحيص لما قدم. فإما فوز يسر، وإما خسران يضر.
وإذا كان هذا في الدنيا، فكيف بالامتحان الأكبر يوم القيامة؟ قال الله تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ). فأي غفلة أعظم من الغفلة عن هذا الامتحان الذي يختلف عن امتحان الدنيا في أوجه كثيرة منها:
1. في امتحان الدنيا لا يدري الإنسان الأسئلة بالضبط التي سيسأل عنها. أما في امتحان الآخرة، فالأسئلة معروفة مسبقا. ومنها ما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي جاء فيه: “لا تزول قدما ابن أدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه ؟ وعن شبابه فيما أبلاه ؟ وماله من أين اكتسبه؟ وفيما أنفقه؟ وماذا عمل فيما عمل “.
2. في امتحان الدنيا يختبر في الغالب الفكر والقول. أما في امتحان الآخرة فيختبر العمل. قال الله تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
3. في امتحان الدنيا يمتحِن فيه البشر، وهم غير مطلعين على كل حقائق من يمتحنون، ولا عالمون بخفاياهم. أما في امتحان الآخرة فالذي يمتحِن فيه هو الله تعالى ، الذي يعلم السر والنجوى، والذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. قال الله تعالى: (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ).
4. إن امتحان الدنيا يتكرر. أما امتحان الآخرة، فهو امتحان واحد لا يتكرر.
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبهدي سيدنا محمدٍ النبي الأمين، وغفر لي ولكم ولسائر المسلمين. والحمد لله رب العالمين
الخطبة الثانية
الحمد لله حق حمده، ولا نعمة إلا من عنده وبفضله، والصلاة والسلام على نبي الرحمة والهدى وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين. واجعلنا اللهم منهم آمين.
أما بعد، فإن الإنسان إذا فشل في امتحان الدنيا، فعنده فرص أخرى ليستدرك وينجح. أما في امتحان الآخرة، فإما نجاح أبدي، وإما سقوط أبدي والعياذ بالله.. قال الله تعالى: (يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ (107) ۞ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ).
فإذا كان هذا حال امتحان الدنيا وامتحان الآخرة، فإن من الواجب أن يكون استعدادنا لامتحان الآخرة على الأقل كاستعدادنا لامتحان الدنيا أو أكبر، وأن يكون حرصنا على الفوز في الآخرة كحرصنا على الفوز في الدنيا أو أعظم.
كما ينبغي أن نعلم أن تقوى الله تعالى سبيل النجاح والفوز في امتحان الدنيا والآخرة. فإن من اتقى الله جعل له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن اتقى الله جعل له من أمره يسرًا، وجعل له العسير يسيرًا وآتاه خيرًا كثيرًا. ومن هذا الخير أن ييسر له الانتفاع بالعلم. قال الله تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
فليسأل كل واحد منا نفسه هل عمل مع ولده لامتحان الآخرة ما يعمله الآن معه لامتحان الدنيا؟ هل سعى لإنقاذه من فشل امتحان الآخرة، كما يسعى الآن لإنقاذه من فشل امتحان الدنيا؟ هل بذل جهده المتواصل في تعليمه وتفهيمه ما يعينه على امتحان الآخرة، كما يفعل ذلك لامتحان الدنيا؟
هل نوقظ أولادنا لصلاة الفجر بنفس الحرص الذي نوقظهم به لحضور الامتحان؟ هل نعتني بتوجيه أبنائنا وبناتنا وإرشادهم إذا أخطأوا في أمر شرعي، كما نعتني بتوجيههم وتصحيح خطئهم في مذاكرتهم؟ بل هل نحن حريصون على أن ينال أولادنا الفوز في الآخرة، بنفس الحرص والحماس الذي نسعى له في نجاحهم في الامتحانات الدراسية في الدنيا؟
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).
أما بعد، في هذه الأيام يعيش الآباء والأمهات مع أولادهم أجواء وهموم الامتحانات والاختبارات، فنسأل الله العظيم أن يعينهم وأن يشرح صدورهم وأن ينور قلوبهم، وأن يرزقهم النجاح والتوفيق.
إن العاقلين من التلاميذ والطلاب يعلمون منذ بدء السنة الدراسية أنه سيأتي يوم الامتحان لا محالة. لذلك، فهم يعدون للسؤال جوابا، وللجواب صوابا. يستعدون ويكدون ويجدون. يفعلون ذلك لأنهم يريدون الفوز، ويكرهون الخسران. ويرغبون في النجاح ويمقتون السقوط.
فليعلم هؤلاء أن الله سبحانه وتعالى لن يضيع جهودهم، وسيكلل بالتوفيق سعيهم، وسييسر لهم أمورهم، وسيحقق لهم آمالهم. وهم فوق ذلك يمهدون طريقهم إلى الجنة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا، سلك اللهُ به طريقًا من طرقِ الجنةِ، وإنَّ الملائكةَ لتضعُ أجنحتَها رضًا لطالبِ العِلمِ، وإنَّ العالِمَ ليستغفرُ له من في السماواتِ ومن في الأرضِ ، والحيتانُ في جوفِ الماءِ”.
أما الفاشلون من التلاميذ والطلاب، فرغم علمهم المسبق بأنه ينتظرهم الامتحان، إلا أنهم خاملون مهملون متكاسلون متقاعسون. يستوي عندهم النجاح والفشل. ولا يفرق عندهم الفوز والبوار. بل منهم من يلهيه الأمل ، يريد أن ينجح بدون عمل. ومنهم من هو أسوأ، وهو الذي يريد أن يصل بالغش والخداع، وينسى أنه إنما يغش نفسه، ويخدع ذاته. لأنه حتى وإن أخذ الشهادة، فلن تنفعه، وسيظل محتقرا في نفسه وعند الناس، ولن يستطيع أن يثبت ذاته، ولا أن يحقق آماله، فضلا عن الإثم والوزر. ويكفيه سوءا أن النبي صلى الله عليه وسلم نبذه بقوله عليه الصلاة والسلام: “َمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا”.
عباد الله، لقد أصبح الغش في الامتحانات ظاهرة متفشية في مجتمعاتنا المعاصرة، تدل على ضعف الإيمان، وقلة المروءة، وانعدام الضمير، وغياب الإحساس بالمسؤولية. فأي خير يرجى من غشاش لنفسه أو لمجتمعه؟
وإن تعجب، فاعجب من أولئك التلاميذ والطلاب الذين يعتبرون الغش حقا مكتسبا، فتراهم يثورون ويزبدون ويرغدون ويسخطون على كل أستاذ منعهم من الغش. بل تراهم يكيلون له كل أنواع السباب والشتائم، ويقذفونه بكل التهم والموبقات، ويصفونه بأقذع النعوت والصفات.
أما العجب العجاب فهم أولئك الوالدين الذي يساعدون أبناءهم على الغش باقتناء أدواته، والبحث عن المجرمين الذين يساعدون أولادهم على الغش، وأداء الأموال من أجل ذلك.
ألا فليعلم هؤلاء أنهم يغشون رعيتهم، ويجنون على أولادهم، ويخربون شخصيتهم، ويطمرون طاقاتهم، ويدمرون كفاءاتهم، ويهدمون حاضرهم ومستقبلهم.
عباد الله، إن الامتحان هو تتويج لمسار الإنسان وعمله، واختبار لكده واجتهاده، وتمحيص لما قدم. فإما فوز يسر، وإما خسران يضر.
وإذا كان هذا في الدنيا، فكيف بالامتحان الأكبر يوم القيامة؟ قال الله تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ). فأي غفلة أعظم من الغفلة عن هذا الامتحان الذي يختلف عن امتحان الدنيا في أوجه كثيرة منها:
1. في امتحان الدنيا لا يدري الإنسان الأسئلة بالضبط التي سيسأل عنها. أما في امتحان الآخرة، فالأسئلة معروفة مسبقا. ومنها ما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي جاء فيه: “لا تزول قدما ابن أدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه ؟ وعن شبابه فيما أبلاه ؟ وماله من أين اكتسبه؟ وفيما أنفقه؟ وماذا عمل فيما عمل “.
2. في امتحان الدنيا يختبر في الغالب الفكر والقول. أما في امتحان الآخرة فيختبر العمل. قال الله تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
3. في امتحان الدنيا يمتحِن فيه البشر، وهم غير مطلعين على كل حقائق من يمتحنون، ولا عالمون بخفاياهم. أما في امتحان الآخرة فالذي يمتحِن فيه هو الله تعالى ، الذي يعلم السر والنجوى، والذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. قال الله تعالى: (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ).
4. إن امتحان الدنيا يتكرر. أما امتحان الآخرة، فهو امتحان واحد لا يتكرر.
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبهدي سيدنا محمدٍ النبي الأمين، وغفر لي ولكم ولسائر المسلمين. والحمد لله رب العالمين
الخطبة الثانية
الحمد لله حق حمده، ولا نعمة إلا من عنده وبفضله، والصلاة والسلام على نبي الرحمة والهدى وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين. واجعلنا اللهم منهم آمين.
أما بعد، فإن الإنسان إذا فشل في امتحان الدنيا، فعنده فرص أخرى ليستدرك وينجح. أما في امتحان الآخرة، فإما نجاح أبدي، وإما سقوط أبدي والعياذ بالله.. قال الله تعالى: (يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ (107) ۞ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ).
فإذا كان هذا حال امتحان الدنيا وامتحان الآخرة، فإن من الواجب أن يكون استعدادنا لامتحان الآخرة على الأقل كاستعدادنا لامتحان الدنيا أو أكبر، وأن يكون حرصنا على الفوز في الآخرة كحرصنا على الفوز في الدنيا أو أعظم.
كما ينبغي أن نعلم أن تقوى الله تعالى سبيل النجاح والفوز في امتحان الدنيا والآخرة. فإن من اتقى الله جعل له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن اتقى الله جعل له من أمره يسرًا، وجعل له العسير يسيرًا وآتاه خيرًا كثيرًا. ومن هذا الخير أن ييسر له الانتفاع بالعلم. قال الله تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
فليسأل كل واحد منا نفسه هل عمل مع ولده لامتحان الآخرة ما يعمله الآن معه لامتحان الدنيا؟ هل سعى لإنقاذه من فشل امتحان الآخرة، كما يسعى الآن لإنقاذه من فشل امتحان الدنيا؟ هل بذل جهده المتواصل في تعليمه وتفهيمه ما يعينه على امتحان الآخرة، كما يفعل ذلك لامتحان الدنيا؟
هل نوقظ أولادنا لصلاة الفجر بنفس الحرص الذي نوقظهم به لحضور الامتحان؟ هل نعتني بتوجيه أبنائنا وبناتنا وإرشادهم إذا أخطأوا في أمر شرعي، كما نعتني بتوجيههم وتصحيح خطئهم في مذاكرتهم؟ بل هل نحن حريصون على أن ينال أولادنا الفوز في الآخرة، بنفس الحرص والحماس الذي نسعى له في نجاحهم في الامتحانات الدراسية في الدنيا؟
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).
الدكتور عبد الرزاق اصبيحي