خالد الصمدي يكتب: هل هي حالة شرود عمياء أم تنكر للهوية والانتماء؟

بتاريخ 16 نونبر 2017 وقعت الحكومة المغربية مع نظيرتها الفرنسية بالرباط اتفاقيتين للتعاون في مجال التربية والتكوين والبحث العلمي، تتعلق إحداهما بتدريس اللغة العربية والتاريخ والجغرافيا والتعريف بالمؤسسات الدستورية المغربية في مدارس البعثة الفرنسية بالمغرب.

وترسيخا لهذا المبدأ، حتى يشمل باقي مدارس البعثات الأجنبية الأخرى عبر التراب الوطني تم تضمين هذا المقتضى في القانون الإطار 17-51 بالتنصيص على ضرورة تدريس المواد ذات الصلة بالهوية الوطنية بما فيها اللغة العربية والأمازيغية لأبناء المغاربة الذين يدرسون في مدارس البعثات بالمغرب.

وفي 17 دجنبر 2020 صادقت الحكومة المغربية على اتفاقية مع الجانب الفرنسي لتدريس اللغة العربية كلغة دولية أجنبية بالمدارس العمومية الفرنسية في إطار التعليم الدولي للغات الأجنبية -EILE- بفرنسا،  وهي الاتفاقية التي وقعت بين الطرفين  بتاريخ 6 أكتوبر2020، وتتعلق هذه الاتفاقية بتعليم دولي للغات الأجنبية)Enseignements Internationaux de Langues Etrangères  وذلك بشراكة مع حكومة المملكة المغربية، على أن يتم هذا التعليم في إطار احترام المبادئ العامة للتربية الوطنية الفرنسية ” (بلاغ الحكومة المغربية ).

وخلافا للقانون ولكل هذه الاتفاقيات، تطالعنا اليوم بعض وسائل الإعلام بخبر صادم يشكل رِدة لغوية كاملة الأركان تمس بسمعة الوطن وسيادته، حيث يتحدث الخبر عن رفع أسر مغربية لدعوى قضائية أمام محكمة فرنسية للمطالبة بحذف ساعتين للغة العربية من حصص أبنائهم المغاربة الذين يدرسون في مؤسسة خاصة تابعة للبعثة الفرنسية بالمغرب قررت هذه المؤسسة إضافتهما لتعزيز مكانة اللغة العربية والمواد ذات الصلة بالهوية الوطنية تطبيقا للاتفاقيات سالفة الذكر. ويفيد الخبر أن المحكمة الفرنسية قبلت الدعوى وحكمت بحذف الساعتين.

إن هذا الخبر -الذي نشرته وسائل الاعلام- يشكل بداية خرقا للسيادة القضائية للمملكة من خلال التحاكم إلى قضاء أجنبي في قضية، تتعلق بممارسات بيداغوجية تمارس بمؤسسات داخل الوطن، وتحكمها قوانين البلد والاتفاقيات الثنائية السالفة الذكر الموقعة بين البلدين، كما يشكل مسا بالهوية اللغوية لتلاميذ مغاربة يضمن دستور المملكة حقهم في الانتماء هوية وتاريخا ومؤسسات وطنية دستورية.

وفي انتظار التأكد رسميا من صحة الخبر، تبقى المسؤولية على كاهل السلطات التربوية المختصة ببلادنا، وكل الفاعلين السياسيين والتربوين لتفعيل ما يقتضيه القانون والاتفاقيات الدولية الموقعة صيانة لهوية أبنائنا الذين يدرسون بمدارس البعثات الأجنبية بالمغرب بصفة عامة، وحماية لسيادة الوطن وحرمته القضائية والتربوية. 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى