حملة دولية لحماية وتثبيت قرارات “العدل الدولية” و”الجنائية الدولية”
تحضّر مجموعة من الدول لحملة حماية العدالة، وتثبيت قرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، ومواجهة ما وصفته هذه الدول بأنه تحد لأوامر محكمة العدل الدولية ومحاولات الكونغرس الأمريكي فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.
وتضم مجموعة “لاهاي” تسع دول، وهي كولومبيا وناميبيا وتشيلي وبوليفيا والسنغال إلى جانب جنوب أفريقيا وماليزيا. وتهدف لحماية والدفاع عن نظام العدل الدولي.
ويأتي هذا التحرك وسط التحديات التي تواجه المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، وخاصة في الحروب بغزة وأوكرانيا وتهريب البشر عبر البحر الأبيض المتوسط.
وقال وزير الشؤون الدولية لجنوب أفريقيا، رونالد لامولا إن الحملة تهدف للتأكد من الالتزام بالقانون الدولي وحماية الضعفاء. وأضاف أن “تشكيل مجموعة لاهاي يرسل رسالة واضحة: لا دولة فوق القانون ولا جريمة ستمر بدون عقاب”.
وكانت جنوب أفريقيا تقدمت بدعوى أمام محكمة العدل الدولية واتهمت فيها الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب إبادة جماعية، وقد رفض الاحتلال الزعم.
وجاء في تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” أعده المحرر الدبلوماسي باتريك وينتور، قول المجموعة إن التركيز لن يكون على الاحتلال الإسرائيلي ومعاقبته ولكن على نهجه تجاه قرارات المحكمة الدولية والتي يقول رئيس وزراء ماليزيا، أنور إبراهيم، إنها “تمس أسس القانون الدولي الواجب على المجتمع الدولي الدفاع عنه”.
وتعكس الخطوات التي ستحددها المجموعة الغضب المتزايد في الجنوب العالمي إزاء ما ينظر إليه على أنه معايير مزدوجة للقوى الغربية عندما يتعلق الأمر بالقانون الدولي.
وقد أصدر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش تقريرا حول ما يمكن للدول الأعضاء القيام به لضمان امتثال الاحتلال لأحكام محكمة العدل الدولية، ولا سيما النتيجة التي توصلت إليها، وهي أن استمرار وجود إسرائيل في الأراضي المحتلة غير قانوني وأنه ينبغي عليها سحب قواتها في غضون 12 شهرًا.
وكلفت سويسرا بعقد مؤتمر في مارس للدول الـ 196 الموقعة على اتفاقيات جنيف، مع التركيز على الالتزام باحترام القانون الإنساني الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما سيعقد مؤتمر في يونيو في نيويورك لمناقشة حل الدولتين. وطلبت محكمة العدل الدولية من الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تقدم رأيا استشاريا عاجلا بشأن التزامات الاحتلال الإسرائيلي كقوة محتلة وتحملها مسؤولية توفير المساعدات الإنسانية.
وتعلق الصحيفة أن المنتقدين سينظرون إلى هذه الإجراءات المضادة بأنها ضئيلة للغاية. فلم تظهر إسرائيل أي اهتمام بالالتزام بأحكام محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية. وعلاوة على ذلك، فإذا كانت إدارة بايدن مشوشة في موقفها بشأن القانون الدولي، فإن إدارة ترامب ليس لديها مثل هذه التحفظات.
وقد أيد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو مشروع قانون معروض حاليا على الكونغرس لفرض عقوبات على أي فرد أو كيان على اتصال بتحقيق المحكمة الجنائية الدولية ضد أمريكيا أو حليف لها، وستشمل هذه العقوبات أفراد الأسرة أيضا.
ومن الأمور التي تثير قلق المحكمة الجنائية الدولية تآكل سلطتها في أماكن أخرى، فقد زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين- الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية- الإمارات العربية المتحدة والسعودية، وهما دولتان مثل روسيا ليستا طرفا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
في حين رفضت منغوليا الموقعة على النظام طلبين من المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال الرئيس الروسي عندما زارها في غشت من العام الماضي. وزعمت منغوليا أن بوتين بصفته رئيس دولة يتمتع بالحصانة، وقد رفضت المحكمة الجنائية الدولية هذا الطلب ولكن هذا يشكل سابقة.
وفي حالة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، انقسمت الدول الأوروبية بشدة حول ما إذا كانت ستتصرف بناء على مذكرة الاعتقال الصادرة بحقه في نونبر 2024، حيث أصر بعضها، بما في ذلك إيطاليا ورومانيا والمجر، على تجاهلها إذا دخل أراضيها. وقالت بولندا إنها ستستقبل نتنياهو إذا سافر لحضور الذكرى الثمانين لتحرير أوشفيتز، لكنه لم يحضر المناسبة في النهاية.
وضربت إيطاليا سلطة المحكمة الجنائية الدولية عندما تحركت الشرطة بناء على مذكرة اعتقال صادرة بحق مهرب ليبي سيء السمعة. وقد وضعته السلطة القضائية على متن طائرة عائدة إلى ليبيا حيث استقبل استقبال الأبطال. وبعد أن شعرت المحكمة الجنائية الدولية بالغضب إزاء إبطال تحقيقاتها في جرائم الحرب في ليبيا، أصدرت بعد ذلك الأدلة ضد الليبي ودوره في وفاة المهاجرين.
ويعلق وينتور أن محكمة العدل الدولية معتادة على تجاهل أوامرها، ولكن قضية الإبادة الجماعية التي تقدمت بها جنوب أفريقيا كانت من القضايا التي جعلت من تحدي كيان الاحتلال الواضح للأوامر المؤقتة للمحكمة أكثر وضوحا.
فقد قالت منظمة أوكسفام في استطلاع أجرته بين المنظمات غير الحكومية هذا الأسبوع إن 89% من الوكالات وجدت أن تقديم المساعدات إلى غزة ساء منذ صدور أوامر محكمة العدل الدولية الستة التي تغطي المساعدات ومنع الإبادة الجماعية في 26 يناير من العام الماضي.
وقالت أونا هاثاوي، أستاذة القانون الدولي بجامعة ييل: “لدينا القدرة على تغيير الأمور إذا أردنا ذلك. ولكن عند نقطة معينة، سوف تتآكل القواعد إلى الحد الذي يجعلها تفقد كل شرعيتها، وسوف تفقد الولايات المتحدة كل شرعيتها. وسوف نجد أننا تجاوزنا نقطة اللاعودة، وأن هذه القواعد لم تعد قابلة للإنقاذ. وأعتقد أن هذا سوف يكون مأساة حقيقية”.