حلم يكاد يتحقق – خالد الصمدي
أصدر المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية تقريره لسنة 2023 حول تطور تموقع المغربي على الصعيد الدولي، وقد تضمن التقرير عددا من المعطيات الهامة التي يمكن أن يستند إليها الفاعلون في تقييم وتطوير السياسات العمومية ببلادنا في سياق سعي المغرب إلى الدخول إلى مصاف البلدان الصاعدة طبقا التوجيهات الملكية في خطاب 20 غشت 2014.
وتنزيلا لهذه التوجيهات الملكية السامية الواردة في هذا الخطاب أذكر أن مختلف القطاعات الحكومية اشتغلت كل في مجال اختصاصها على وضع مخطط قطاعي لتحقيق المؤشرات ذات الصلة به بتنسيق رئاسة الحكومة، ومن المؤشرات ذات الصلة بالتعليم العالي والبحث العلمي التي يتطلبها الدخول الى هذا التصنيف أن تصل نسبة المتمدرسين في التعليم العالي من الفئة العمرية 19 – 23 إلى 45 ٪
وللوصول إلى هذا الهدف كشف التشخيص الذي قمنا به في التعليم العالي إلى أن نسبة كبيرة من هذه الفئة وخاصة من أبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة والفتيات منهم على وجه الخصوص لا تلتحق بالتعليم العالي لعدم وجود مؤسسات جامعية في المدن المتوسطة، أو تنقطع عنه لصعوبة تحمل نفقات التنقل والتمدرس لمتابعة الدراسة الجامعية في المدن الكبرى، مما يجعلها يسهم في ارتفاع نسبة الهدر الجامعي.
ولتفادي هذا الخلل والوصول إلى تحقيق الهدف المنشود، تم إعداد استراتيجية وطنية لتوسيع العرض الجامعي وتقريبه من الأسر خاصة في حدود الدبلوم الجامعي BAC+2 والاجازة، وذلك عن طريق مشاورات موسعة مع الجهات والجماعات الترابية التي انخرطت بكل جدية في هذا المشروع الوطني الكبير توجت بتوقيع اتفاقيات تعاون وشراكة مع الوزارة الوصية لتوفير الأوعية العقارية اللازمة والمساهمة المالية في تحمل كلفة البناء والتجهيز.
وبناء على ذلك تمت المصادقة في مجلس الحكومة خلال العشرية السابقة على إحداث ما يقرب من 61 مؤسسة جامعية جديدة بتخصصات متنوعة ومختلفة جديدة، نشر منها في الجريدة الرسمية حوالي 40 مؤسسة، خرج منها الى حيز الوجود حوالي 30 مؤسسة وظلت المؤسسات المتبقية المنشورة في الجريدة الرسمية، والمبرمحة في انتظار الاعتماد والنشر في طور التنفيذ.
وقد كشف تقرير المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية 2023 عن نجاعة هذا الاختيار، الذي مكن من تحقيق جزء كبير من أهدافه بحيث وصلت نسبة المتمدرسين في التعليم العالي من الفئة العمرية 19-23 سنة 2021 إلى 39,3 ٪، بعد أن كان المغرب في بداية الألفية لا يتجاوز عتبة 10٪ .
هذه النسبة المتقدمة تعني أننا على بعد 6 نقط فقط من الوصول إلى الهدف المنشود والذي من المفروض أن نصل اليه في غضون السنتين القادمين شريطة استكمال إخراج المؤسسات المبرمجة الى حيز الوجود طبقا للمخطط الاستراتيجي للخريطة الجامعية الوطنية التي نص عليها القانون الإطار 17-51 ، ووفاء للتعهدات الموقعة مع الجهات ، وذلك في سياق تنزيل مخطط تسريع تحول إصلاح منظومة التعليم العالي، في حين يمكن أن تكون هذه النسبة مهددة بالتراجع والنكوص في حالة عدم خروج هذه المؤسسات إلى حيز الوجود لسبب من الأسباب.
وفي كل الأحوال مثل هذه التقارير التقييمية والاستشرافية توضح أهمية سياسة التراكم في تدبير السياسات العمومية لتحقيق أهداف المخططات الوطنية التي تندرج ضمن التوجيهات الملكية التي تتجاوز الزمن الحكومي.
نتمنى أن يتحقق هذا التراكم المنشود فنحن على بعد 6 نقط من تحقيق الحلم، بتظافر جهود الجميع فبلدنا يملك كل مقومات الدخول الى البلدان الصاعدة بحول الله.