حكومة أخنوش الثانية.. تقييم لمسار مضى واستشراف لتحديات مقبلة
استقبل الملك محمد السادس، يوم الأربعاء 19 ربيع الثاني 1446 هـ، الموافق 23 أكتوبر 2024 م، بقاعة العرش بالقصر الملكي بالرباط، رئيس الحكومة عزيز أخنوش وأعضاء الحكومة في صيغتها الجديدة بعد إعادة هيكلتها.
تولى عزيز أخنوش رئاسة الحكومة بعد انتخابات 2021 في ظرفية استطاع فيها الاقتصاد الوطني تحقيقات مكاسب التقرير السنوي لبنك المغرب حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم سنة 2021، رغم سياق دولي صعب تجلى في جائحة كورونا.
سياق الصعود
لما تولى أخنوش رئاسة الحكومة، وجد أن الاقتصاد الوطني حقق نسبة نمو تقدر بـ7.9%، مع احتواء تفاقم العجز الجاري في 2.3% من الناتج الداخلي الإجمالي، وتقلص عجز الميزانية إلى 5.9% من الناتج الداخلي الإجمالي إلى جانب تحسن جزئي لوضعية سوق الشغل، وارتفاع ملموس في العائدات الضريبية.
ووجد -حسب تقرير والي بنك المغرب المرفوع إلى الملك محمد السادس- أن المبادلات الخارجية عرفت ارتفاعا ملحوظا، مع تصاعدت تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج إلى مستوى قياسي بلغ 93.7 مليار درهم.
ويعضد هذه الأرقام تقرير الاستثمار العالمي الذي أصدره الأونكتاد لعام 2022، الذي كشف عن تعافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مستويات ما قبل الجائحة في عام 2021، لتصل إلى 1.58 تريليون دولار، بزيادة قدرها 64 في المائة مقارنة بعام 2020.
وصدر نفس المعطيات عن تقرير عن المجلس الأعلى للحسابات تشير إلى أن الاقتصاد الوطني سجل نمو بأكثر من 7 في المائة سنة 2021، بعد انكماش بـ6.3 في المائة سنة 2020، كما حافظت البلاد على جاذبيتها للاستثمارات الأجنبية حيث تنامت بنسبة 20.5 في المائة بالمقارنة مع سنة 2020.
التعهدات الحكومية
عند تقديم رئيس الحكومة عزيز أخنوش لبرنامجه الحكومي، قدم عدة تعهدات والتزامات سمتها في التصريح الحكومي المقدم أمام جلسة مشتركة للبرلمان في أكتوبر 2021 بـ“الالتزامات العشر للحكومة خلال الفترة 2021 – 2026، وهي على الشكل التالي:
- إحداث مليون منصب شغل صافي على الأقل خلال الخمس سنوات المقبلة
- رفع نسبة نشاط النساء إلى أكثر من 30% عوض 20% حاليا
- تفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة
- حماية وتوسيع الطبقة الوسطى وتوفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية لبروز طبقة فلاحية متوسطة في العالم القروي
- تعبئة المنظومة التربوية – بكل مكوناتها – بهدف تصنيف المغرب ضمن أحسن 60 دولة عالميا (عوض المراتب المتأخرة في جل المؤشرات الدولية ذات الصلة)
- تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، خاصة من خلال إحداث صندوق خاص، بميزانية تصل لمليار درهم بحلول سنة 2025.
عين على الحصيلة في نصف الولاية
يمكن اليوم تقييم ما ورد في هذا التصريح الحكومي بشكل إجمال وملخص بالعودة إلى التقارير الوطنية والدولية الرسمية وغير الرسمية من أمثال: بنك المغرب، المندوبية السامية للتخطيط، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، المهمة الاستطلاعية المؤقتة للوقوف على شبكات توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية، مجلس المنافسة..
وتكاد تجمع كل هذه التقارير على أن المغرب عرف موجة غلاء غير مسبوقة مع تراجع معدل النمو إلى أقل من 1.5 في المائة، مع تسجيل ارتفاع معدل التضخم إلى أعلى مستوياته في تاريخ المغرب ببلوغه نحو 10.1 في المائة على أساس سنوي، مع استشراء الفساد.
سجلت المندوبية السامية للتخطيط تراجع الحجم الإجمالي للشغل بـ80.000 منصب بين الفصل الأول من سنة 2023 لوحده، مع تصنيف موقع “إنسايدر مانكي” الأمريكي، المتخصص في التصنيفات والتحليلات، المغرب في المراتب المتأخرة في العالم بتصنيفه في المرتبة الـ154 عالميا في مؤشر التعليم العالمي.
كما تبخر صندوق الأمازيغية، الذي تعهدت الحكومة بضخ مليار درهم فيه، وتم الاكتفاء بإدراجه مخصصات له ضمن صندوق تحديث الإدارة العمومية ودعم الانتقال الرقمي واستعمال الأمازيغية.
وعلى مستوى الحماية الاجتماعية، تم إدراج فئات جديدة، لكن وجد بعض المنخرطين في نظام “راميد” أنفسهم خارج أي منظومة للحماية، وذلك في وقت يظهر فيه تحد جديد يتعلق بدمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
التحديات المستقبلية
ستواجه حكومة أخنوش في ماتبقى من ولايتها نفس التحديات التعهدات السابقة المتعلقة بالتشغيل ورفع معدل النمو وكبح جماح التضخم وغلاء الأسعار، وإطلاق الاستراتيجيات المتعلقة بمكافحة الفساد والاستراتيجية الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان.
كما تبرز من ضمن التحديات تعزيز تصنيف المغرب في مؤشرات التنمية البشرية وجودة التعليم والجامعات، والاستثمار في الرأسمال البشري.