حقوقيون يستنكرون منع المحجبات من ارتداء “البوركيني” داخل المسابح الخاصة

أثار منع النساء المحجبات من ارتداء “البوركيني” في المسابح الخاصة، غضبا واستنكارا داخل الأوساط الحقوقية في المغرب، قام على إثره المركز المغربي لحماية الحقوق الاجتماعية واستراتيجيات التنمية بشكاية رسمية إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

واعتبر المركز الحقوقي أن هذه الممارسات مساس مباشر بالحقوق الدستورية، وخرق صارخ لمبادئ المساواة وعدم التمييز التي يكفلها الدستور المغربي، مشددا على أن فرض قيود على اللباس الديني داخل فضاءات عمومية يضرب في العمق قيم التسامح والتعدد التي يزخر بها المجتمع المغربي.

واستند المركز في شكايته إلى شهادات ميدانية وبيانات صحفية، إضافة إلى سؤال برلماني سبق أن وجهته النائبة نادية القنسوري إلى وزير السياحة، طالبت فيه بتوضيحات حول هذه الممارسات التي تطال فئة من النساء فقط بسبب مظهرهن الديني.

ووفق ما أورده المركز، فإن بعض حالات المنع لا تقتصر على بوابات المسابح، بل تقع أحيانا داخل الفضاء المائي نفسه، من خلال تدخلات مباشرة وغير لائقة من طرف بعض المستخدمين، ما يمكن اعتباره في بعض الحالات شكلا من أشكال التحرش أو المس بالسلامة الجسدية للنساء.

واعتبر المركز أن التبريرات الصحية التي تُروّج بخصوص البوركيني، والتي تزعم أنه ناقل للعدوى أو يشكل خطرا صحيا، لا أساس علميا لها ولم يتم دعمها بأي تقرير موثوق، بل تندرج في إطار ذرائع واهية هدفها فرض نمط ثقافي واحد وإقصاء أنماط أخرى.

وفي هذا السياق، اعتبرت الدكتورة بثينة قروري رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، أن منع النساء المحجبات من الولوج إلى بعض المسابح بسبب ارتدائهن للبوركيني؛  أمر غير دستوري ومخالف للقانون، كما يشكل مسا بحريتهن وتمييزا ضد هؤلاء النساء على أساس اللباس.

وأوضحت قروري في تصريح لموقع “الإصلاح”، أن على السلطات العامة التدخل لمنع أي مس بحق هؤلاء النساء لارتداء اللباس الذي يخترنه دون أي تقييد يمس بجوهر هذا الحق، خاصة وأن قرارات المنع الصادرة عن إدارات خاصة (مسابح خاصة) تبقى بدون أي سند قانوني صريح.

وأضافت أستاذة القانون بجامعة محمد الخامس ، أن الاعتبارات التي يتم تقديمها أحيانا بخصوص الإشكالات المثارة المتعلقة بالسلامة أو بالصحة العامة، تبقى ادعاءات غير ذات موضوع لأن “البوركيني” مصنوع من نفس المواد المعتمدة في ملابس السباحة الأخرى، مشيرة إلى أن هذه القرارات تبقى غير مفهومة في بلد ينص دستوره على أن الإسلام ثابت من ثوابته.

من جهتها، قالت الدكتورة أمينة ماء العينين، إن ما يُتداول بخصوص منع نساء محجبات من ولوج مسابح الفنادق والإقامات السياحية بلباس البحر المعروف ب”البوركيني” أمر خطير ولا بد من التدخل للتصدي له.

وأضافت المحامية ماء العينين في تصريح لموقع “الإصلاح”، أن لا أساس قانوني لهذا المنع الذي يمكن أن يشكل أركان جريمة التمييز ضد فئة من النساء، كما أن الدفع بتضمين بعض الفنادق للمنع في أنظمتها الداخلية؛ لا يمكن أن يشكل سندا قانونيا، لأن الأنظمة الداخلية ذات الطبيعة التنظيمية الداخلية لا يمكن بحال أن تتناقض مع القانون ومع الدستور، وبذلك لابد من التوجه للقضاء طلبا للإنصاف بعد استكمال مساطر الاثبات ومعاينة المنع.

وعلى المستوى الحقوقي، أوضحت القيادية في حزب العدالة والتنمية أن انتشار مثل هذه الممارسات هو خرق فظيع لحقوق نساء اخترن لباسا معينا للسباحة وفق قناعاتهن الدينية او الاجتماعية أو حتى الصحية، ولا أحد من حقه التدخل في هذا الاختيار وفرض ولوج المسابح بلباس بحر عار، خاصة مع توالي التأكيدات أن الخامات التي يصنع منها “البوركيني” هي نفسها المستعملة في صناعة “البيكيني” أو لباس البحر الخاص بالرجال، وبذلك تُدخض الادعاءات بالمخاطر الصحية المتعلقة به.

وتساءلت ماء العينين “هل يعقل أن تتمكن النساء من السباحة بهذا اللباس في أوروبا وأمريكا ثم تُمنع في المغرب وهو الدولة المسلمة التي تعيش فيها النساء المحجبات في سلم وسلام إلى جانب النساء غير المحجبات في أسر واحدة ومجتمع واحد بدون تمييز أو إطلاق أحكام؟ ثم تأتي بعض المؤسسات السياحية متجاوزة سلطتها لتوقظ الفتنة التي لا يمكن أن يقبل بها أحد؟؟

وشددت  المحامية على ضرورة معالجة هذا الموضوع من طرف مؤسسات الدولة، لأن المؤسسات السياحية تمارس أنشطتها بناء على رُخص تُمنح لها في مقابل خدمات يجب أن تقدمها لمرتاديها، ولا يمكن أن تتصرف هذه المؤسسات كاستغلاليات خاصة تفرض الشروط التي تريد.

موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى