حسن الإفراني يكتب: خواطر من وحي العمل الإسلامي (2)

العمل الإسلامي ونظرية الحوافز

من المواضيع الغائبة أو المغيبة في العمل الإسلامي الحركي، هو ما يسمى بالحافزية نحو ترسيم  الولاء التنظيمي وضمان استمراريته. وتستند نظرية الحافز في علم النفس على مبدأ أن الكائنات الحية تولد ولها حاجات نفسية معينة، وأن هناك حالة سلبية من التوتر قد تنشأ عندما لا يتم إشباع هذه الحاجات، وعندما تتوفر هذه الحاجات ويتم الاستجابة لها، فإنها تدفع الإنسان إلى الولاء التنظيمي، وما يتطلبه من رغبة في الحضور والانخراط في البرامج وترجمة قيم الفاعلية والجندية والبذل والعطاء… في سلوكات الأعضاء، إنه بكلمة مجموع العوامل المنشطة للسلوك الموجه نحو هدف التنظيم.

ويشير عالم النفس براهام ماسلو إلى أن الإنسان في حاجة دائمة إلى الدافع، وهذه الحاجة تؤثر بالطبع على سلوكياته، وإذا لم يتم إشباعها تسبب له آلاما نفسيه، قد تؤدي إلى الإحباط، فلا بد أن يشعر الإنسان بقيمة نفسه انطلاقا من تقدير الآخرين له.

ويمكن تقسيم الحوافز إلى ضربين:

1 – الحوافز الإيمانية/ الذاتية: ويمكن إجمالها في:

  • معرفة فضل الدعوة والدعاة؛
  • إعطاء معنى لوجود الإنسان؛
  • النظر فيما بذلته الأجيال الفريد بتضحياته الجسام لنشر الدعوة؛
  • النظر فيما يبذله أصحاب الديانات المحرفة، والاتجاهات المنحرفة من جهود مضنية في سبيل نشر قيمهم وأفكارهم…

2 – الحوافز الخارجية:

  • الشكر والثناء : لا أحد ينكر دور الكلمة الساحر في استنهاض الهمم وتحريك الأفراد، خصوصا حينما يأتي مباشرة بعد نهاية نشاط أو فعالية..
  • المسابقات: بتنظيم مسابقات قرآنية بين الأفراد مثلا، ومسابقة أفضل مجلس تربوي بمعايير محددة بتخصيص جوائز للفائزين..؛
  • التكوينات: لها دور في ترسيخ المعرفة بالتنظيم، كما تشعر الفرد بأهميته كفرد من أفراد التنظيم، وخصوصا إذا نظمت على المستوى الوطني أو الجهوي؛
  • الزيارات والاتصالات: تعطي شحنة ودفعة إيجابية في صفوف الهيئة، وتشعره بأنه عضو ينتمي إلى جسد واحد. وما أروع أن يزور المسؤولون المجالس التربوية والأنشطة الشبابية، فإن لذلك تأثيرا بالغا؛
  • التفقد: لفئات ابتعدت لسبب أو لآخر، تجعل خيط الرابطة محافظا على الانتماء العاطفي؛
  • أجواء اللقاءات: وأقصد تنويع الفضاءات والفقرات وحضور البشاشة) والطرفة والتغذية المناسبة، وتجنب كل ما من شأنه أن يؤدي إلى الأجواء المشحونة أو المتشنجة أو المتوترة..؛
  • دعم المبادرات النوعية: وهي مدعاة للتجديد والابتكار في البرامج؛
  • الجوائز والشواهد والتكريمات: وتسلم عادة في نهاية موسم أو مرحلة أو نشاط مميز للأعضاء الفاعلين وللأسر الرسالية؛
  • دعم الصفحات الإلكترونية: بالإعجاب والتقاسم وغيرها من طرق الدعم؛
  • استضافة القيادات: وهي أساسية كذلك في الوقوف على توجهات التنظيم، ومبادراته في المجتمع…؛
  • الاستفادة من دورات أو عقد لقاءات خارج النطاق الجغرافي للعضو، كتنقل تلاميذ القرية أو الوسط الشبه
  • التكافل الصحي والاجتماعي: فمن شأن الأعمال التضامنية أن تترك أثرا ايجابيا يعزز روح الأخوة ويحقق مبدأ التعاون بين الأعضاء، والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه.

إن الحوافز من شأنها أن تحد من التغيب والتسرب، وتزيد الإيمان بجدوى العمل الجماعي المنظم، وتستنفر القدرات الإبداعية، وتحفز الطاقات، وترسخ مبدأ الاعتزاز بالتنظيم… وقد أثبتت بعض الدراسات العلاقة الوطيدة بين الحوافز والولاء التنظيمي.

هكذا إذن يتعين أن نخاطب الجانب الوجداني العاطفي، كما نخاطب الجانب العقلي، إذ الإنسان هذا وذاك. ولأن الإنسان كذلك نفخة من روح وقبضة من طين، فإنه يتعين مخاطبة عنصر الروح بالحوافز الإيمانية، ويتوجب تغذية شقه الطيني بحوافز خارجية. والتنظيم الذي لا ينتبه إلى مثل هاته الحوافز سيعاني أعضاؤه من فقر، ونخشى أن يكون فقر الدم، لما للكلمة من معنى مجازي.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى