محمد عليلو يكتب : حركة التوحيد والإصلاح.. رهانات الجمع العام الوطني السابع
ينعقد بإذن الله تعالى في منتصف أكتوبر القادم أيام 14 – 15 – 16 منه، الجمع العام الوطني السابع لحركة التوحيد والإصلاح تحت شعار: “بالاستقامة والتجديد تستمر رسالة الإصلاح”، فما هي القراءة التي يمكن القيام بها لهذا الشعار؟ وماهي دلالاته؟ وأي رهانات لهذه المحطة التنظيمية التي تلتئم كل أربع سنوات؟
لا شك أن مفردات هذا الشعار، لا تخرج عن المفردات المستعملة والمتداولة في أدبيات حركة التوحيد والإصلاح، بل إنها كانت حاضرة بصورة أو بأخرى في الجموع العامة السابقة، وهذا يؤكد مركزية هذه المفردات في أدبيات الحركة: الاستقامة – التجديد – الإصلاح.
فما المقصود بهذه المفردات؟
لقد أكدت حركة التوحيد والإصلاح في رسالتها على مركزية بناء الإنسان، حيث نصت في رسالتها أنها تعتمد أساسا إعداد الإنسان وتأهيله ليكون صالحا مصلحا في محيطه وبيئته. ومن أبرز تجليات صلاح الإنسان استقامته على منهج الله تعالى {فاستقم كما أمرت}، ونظرا لأهمية هذه المفردة “الاستقامة” فقد جعلت حركة التوحيد والإصلاح منها مقصدا عاما لمنظومتها الدعوية التي أطلقت عليها “سبيل الاستقامة”، فقد اعتبرت الحركة الاستقامة غاية ومقصدا عاما لأعمالها ومشاريعها الدعوية، وذلك انسجاما مع وظيفتها المتمثلة في ترسيخ مكارم الأخلاق.. والاستقامة رأس هذه الأخلاق وكليتها التي تضمن للمجتمع صلاحه وتماسكه واستقراره، فالاستقامة مطلب أساسي لتحقيق الصلاح والإصلاح سواء بالنسبة لأعضاء الحركة ومتعاطفيها، أو بالنسبة لعموم أفراد المجتمع.
أما التجديد فهو خصيصة تكاد تكون ملازمة للحركة، فهي تعتبر نفسها حركة تجديدية، وقد عبرت عن ذلك في رؤيتها “عمل إسلامي تجديدي”، وإذ تؤكد حركة التوحيد والإصلاح اليوم في شعارها على هذا البعد، فلأن الحركة تؤمن أولا بالحاجة الملحة إلى ثلاثة أمور:
تجديد الإيمان بالمشروع الإصلاحي لدى أعضائها ومتعاطفيها، فقد تسرب الفتور واليأس إلى نفوس عدد من أبناء التنظيم، مما يتطلب بذل مجهود إضافي لإعادة الارتباط بالفكرة الإصلاحية وزرع الحماسة من جديد في النفوس مع استحضار قول الرسول صلى الله عليه وسلم “لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد أفلح، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك“.
تجديد الفكرة الإصلاحية: حرصت قيادة الحركة خلال هذه المرحلة من خلال ندوات مجلس الشورى على محاولة تلمس جواب جماعي لهوية الحركة ورؤيتها، وقد عبر بعض إخواننا عن ذلك بــ”إصلاح الإصلاح.. محاولة أولية لصياغة معالم رؤية إصلاحية”، وهو ما يؤكد وعي الحركة بطبيعة التحولات الواقعة اليوم في واقعنا الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، مما يتطلب من الفاعل الدعوي تجديد فكرته الإصلاحية وإعطائها زخما جديدا:
تجديد فكري يستجيب للتحديات الفكرية والعقائدية والقيمية المطروحة اليوم، ولا شك أن قسم الإنتاج العلمي والفكري لحركة التوحيد والإصلاح والمراكز البحثية المرتبطة بالحركة مطالبة بالاستجابة لهذه التحديات وتقديم الجواب الإسلامي عنها سواء من خلال الاستكتاب أو من خلال ندوات فكرية وعلمية، مثل قضايا (الحرية – الفن – الإلحاد الجديد – رسالة الإسلام إلى البشرية – الديموقراطية…).
وحركة التوحيد والإصلاح كما هو جلي من اسمها، حركة إصلاحية جعلت من قوله تعالى {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت} شعارا لها، معبرا عن حقيقتها بأنها حركة إصلاحية تنشد الإصلاح في المجتمع، وكما بينت ذلك في ميثاقها في بيان مفهوم الإصلاح الذي تريده وتنشده، إنه الإصلاح الذي يثبت عناصر الخير والصلاح وينميها، ويسعى إلى إقامة ما هو مفقود منها، وهو الإصلاح الذي يقاوم الفساد بدفعه وإزالته، ومنع أسبابه ومدافعتها، وهو الإصلاح الذي يلخصه علماؤنا في أن رسالة الأنبياء جميعا تتمثل في “جلب المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها”.
إن حركة التوحيد والإصلاح من خلال هذا الشعار الذي اعتمدته لجمعها الوطني المقبل تؤكد على الآتي: ثباتها على طريق الإصلاح، وأنها لن تتخلى عن دورها الإصلاحي وفاء لدينها ولمجتمعها، وأن أعضاءها لن ييأسوا ولن يتخلوا عن هذا الطريق، طريق الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}.
إن القيام بعملية الإصلاح يفترض في المصلحين الثبات على النهج، وألا تكون أقوالهم مناقضة ومخالفة لأفعالهم {أتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم}. فالإصلاح لا يتحقق بالمفسدين، وإنما يتحقق بالصالحين المستقيمين على دينهم، قال صلى الله عليه وسلم “قل آمنت بالله ثم استقم“.
ولكي يتحقق الإصلاح لا بد من التجديد، تجديد في الأفكار وإبداع في الوسائل، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة دينها“.
إذا كان هذا شعار حركة التوحيد والإصلاح لجمعها الوطني القادم، فما هي رهانات هذا الجمع العام؟؟
رهان تنظيمي
سيكون الجمع العام مدعوا لانتخاب قيادة جديدة، وعلى رأسها رئيس الحركة، لأن الرئيس الحالي الأخ المهندس عبد الرحيم الشيخي استوفى ولايتين كاملتين، ولا يحق للجمع العام ترشيحه لولاية ثالثة حسب ما هو منصوص عليه في النظام الداخلي.
رهان تقييمي لأداء الحركة: ففي 2022 ستكون حركة التوحيد والإصلاح قد أنهت العمل بأول مخطط استراتيجي اعتمدته منذ 2006، ونحتت خلاله عددا من المفاهيم التي أصبحت تمثل جزءا من مفردات الحركة (الرسالية، فلسفة التخصصات، ترشيد التدين، الأصالة المغربية، التمايز بين الدعوي والسياسي، الإصلاح في ظل الاستقرار..) فالحركة مدعوة من خلال هذه المحطة ليس فقط لتقييم الأربع سنوات الماضية، وإنما هي مدعوة لتقييم مرحلة المخطط الاستراتيجي بكامله (ستة عشرة سنة) لتقييم اختياراتها ومدى نجاحها في تنزيل هذه الاختيارات على أرض الواقع.. وما نسبة نجاحها وإخفاقها؟ وهل إخفاقها سببه ذاتي أم موضوعي؟ وما حصيلة الكسب الدعوي والإصلاحي للحركة؟
رهان مستقبلي: لا شك أن الجمع العام سيناقش مستقبل الحركة ورهاناتها المستقبلية، وذلك بتحديد أولويات المرحلة المقبلة، والقضايا التي يجب أن تشتغل عليها حتى تستمر في أداء رسالتها الإصلاحية، ولعل أكبر رهان هو الذي يتمثل في توريث هذه التجربة للأجيال اللاحقة وتحدي استيعاب الشباب فكريا وتربويا وتنظيميا.
إن حركة التوحيد والإصلاح مدعوة في جمعها العام الوطني لتجديد الارتباط بالفكرة الإصلاحية، ولن يتحقق ذلك إلا بتعبئة صفها الداخلي واعتماد الحوافز الإيمانية وتثمين الكسب الإصلاحي لمشروعها.