حديث عن تعديل حكومي مرتقب بالمغرب.. عرف دستوري أم إجراء سياسي ؟
منذ مدة غير بعيدة، أثير نقاش بالمغرب حول تعديل حكومي مرتقب، وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس في جواب على سؤال في الموضوع في الأول من فبراير الجاري إن : “التعديل الوزاري سيتم بمجرد توفر الشروط والإجراءات”.
وبات التعديل الحكومي عرفا دستوريا، دأبت عليه الحكومات المتعاقبة لأغراض سياسية، أبرزها البحث عن مشروعية جديدة وتقوية الفريق الحكومي بعد تقييم الأداء حسب أستاذ علم السياسة في جامعة محمد الخامس، عبد الحميد بنخطاب، وقال إن “التعديلات الحكومية تأتي لضرورة سياسية أكثر منها ضرورة قانونية، بمعنى أن الدستور لا يتحدث عن إدخال تعديلات حكومية على مستوى الحكومات القائمة”.
عرف دستوري لأغراض سياسية
وأضاف في حديث لوكالة الاناضول أن “التعديل الحكومي أصبح عرفا دستوريا دأبت عليه العديد من الحكومات لأغراض سياسية بالدرجة الأولى من أجل البحث عن مشروعية جديدة، وأيضا من أجل تقوية اللحمة داخل الحكومة”، مشيرا إلى أن التعديل يأتي “بعدما يتبين أن بعض الوزراء لم يستطيعوا الاندماج داخل الفريق الحكومي أو أن بعضهم لم يستطيعوا القيام بواجباتهم (…) وهناك من يعانون من مشاكل سياسية أو تواصلية أو لم يستطيعوا تدبير القطاع الذي وكل إليهم بالطريقة المطلوبة”.
وزاد بنخطاب”هذه الأمور قد تدفع رئيس الحكومة والأغلبية البرلمانية إلى إعادة النظر في التشكيلة الحكومية، والبحث عن عناصر جديدة، لربما تعطي زخما جديدا للعمل الحكومي”، كما زاد بنخطاب.
وتتكون الحكومة الحالية التي عيَّن الملك محمد السادس أعضاءها في 7 أكتوبر 2021 عَيَّنَ من 24 وزيرا بالإضافة إلى رئيسها عزيز أخنوش، وتشكلت من حزب “التجمع الوطني للأحرار” وحزب “الأصالة والمعاصرة” وحزب “الاستقلال” .
ويرى الأكاديمي بنخطاب أنه “ليس هناك مشكل معين يحث الحكومة على التعديل الحكومي، بل يرتبط الأمر بأسباب سياسية أو تواصلية محضة تتعلق بالفريق الحكومي نفسه أكثر من المشاكل القطاعية، التي هي مشاكل غالبا ما تمتد لسنوات خارج الولاية الحكومية”.
واعتبر أن التعديل الحكومي بمثابة وقفة للنظر في مدى قدرة الحكومة على تلبية المطالب الشعبية، وتحقيق أهداف البرنامج الحكومي والبرامج السياسية للأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي، وهي عناصر تدفع الفريق الحكومي إلى تقييم أدائه خلال منتصف الولاية للإصلاح بعض الصعوبات، ولإعادة توجيه عمل الفريق الحكومي، وأيضا تطعيمه بعناصر جديدة يمكن أن يعطوا زخما جديدا للفريق.
إعادة توزيع حقائب
المحلل السياسي رشيد لزرق، أرجع تأخر تعديل الحكومة الراهنة إلى تأخر انعقاد المؤتمرات العامة للأحزاب المشكلة للحكومة من أجل اختيار قيادات جديدة. وأوضح في حديث لوكالة الأ ناضول أنه من المنتظر أن تفرز هذه المؤتمرات قيادات جديدة، خاصة لدى حزب “الأصالة والمعاصرة” وحزب “الاستقلال”، وستطالب هذه القيادات بتعديل حكومي وحقائب وزارية معينة.
وفي هذا السياق انتخب “الأصالة والمعاصرة” السبت الماضي “قيادة جماعية” على رأس الحزب خلفا لأمينه العام عبد اللطيف وهبي، وهي سابقة في المشهد الحزبي المغربي، حيث تتكون القيادة من فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة الإسكان، والمهدي بنسعيد وزير الثقافة، والبرلماني صلاح الدين أبو الغالي.
و بدون الكشف عن أسباب تأخر انعقاد المؤتمر العام لحزب الاستقلال، قال قياديون في تصريحات صحفية إن الشهور المقبلة ستشهد انعقاد مؤتمر لاختيار قيادة جديدة. وبالإضافة إلى منصب رئيس الحكومة، يمتلك حزب “التجمع الوطني للأحرار” ست حقائب وزارية هي: الاقتصاد والمالية، الصحة، والفلاحة والصيد البحري، والوزارة المكلفة بالميزانية، والسياحة والصناعة التقليدية، والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، وهو أيضا متحدث الحكومة.
فيما أُسندت إلى “الأصالة والمعاصرة” سبع حقائب وزارية: هي العدل، والتعمير والإسكان، والشباب والثقافة والاتصال، والتعليم العالي والبحث العلمي، والإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى، والانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، والانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة.
ولدى حزب “الاستقلال” أربع حقائب وزارية هي: التجهيز والماء، والصناعة والتجارة، والنقل واللوجيستيك، والتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة. فيما أُسندت سبعة مناصب وزارية إلى وزراء تكنوقراط (مستقلون).
الاتحاد الاشتراكي ورقة ضغط
ويرى لرزق أن الرغبة التي يبديها حزب “الاتحاد الاشتراكي” (يساري معارض) للانضمام إلى الحكومة تمثل ورقة ضغط على حزبي “الأصالة والمعاصرة” و”الاستقلال” لخفض مطالبهما في أي تعديل محتمل. وقال إن رغبة الحزب في الانضمام للحكومة تشكل نقطة قوة لصالح حزب “التجمع الوطني للأحرار” (قائد الائتلاف)، من أجل الحفاظ على حقائب وزارية لصالحه، خلال مفاوضاته لأي تعديل محتمل.
وكان حزب “التجمع الوطني للأحرار” حصل في الانتخابات التشريعية في 8 سبتمبر 2021، على 102 مقعد من أصل 395 مكونة لمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، متبوعا بحزب “الأصالة والمعاصرة” 86 مقعدا، يليهما حزب “الاستقلال” 81 مقعدا.
عن وكالة الأناضول بتصرف