إنهاء حالة الطوارئ الصحية.. جواب الحكومة غامض والبقالي يدعوها والبرلمان لتنظيمها تنظيما قانونيا سليما
تداولت بعض المواقع الإخبارية الأسبوع الماضي خبر قرار الحكومة إنهاء حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني بسبب جائحة فيروس “كوفيد 19”، وذلك بعدما لم تدرج الحكومة خلال مجلسها الأسبوعي الذي انعقد الخميس 23 فبراير 2023 أي مشروع مرسوم في جدول أعمالها يتعلق بتمديد مدة سريان حالة الطوارئ الصحية.
وأكد المحامي بهيئة الدار البيضاء، الأستاذ نجيب البقالي أن الحكومة كان من المفروض وهي تعقد مجلس الحكومي الخميس الماضي أن تتخذ مرسوما بتمديد حالة الطوارئ الصحية، علما أن المجالس الحكومية غالبا ما تنعقد يوم الخميس ونادرا يوم الثلاثاء، مضيفا أن جواب الناطق الرسمي باسم الحكومة لم يكن واضحا، وترك الأمر ما بين أن يكون هذا التمديد هو التمديد الأخير، وبين أن تنعقد الحكومة استثناء يوم الثلاثاء وتتخذ مرسوما بتمديد حالة الطوارئ الصحية لمدة أخرى.
وأوضح البقالي في تصريح لموقع الإصلاح، أن حالة الطوارئ الصحية كانت أثارت نقاشا دستوريا وقانونيا وسياسيا كبير منذ إعلان المرسوم الأول رقم 292/20/2 بتاريخ 23 مارس 2020 والذي اتخذه رئيس الحكومة السابق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية، وتم عرضه على البرلمان في إطار المقتضيات الدستورية التي تنص على أن مرسوم بقانون يجب أن يعرض وجوبا على البرلمان في أول دورة تشريعية للمصادقة عليه وهو ما تم بالفعل.
وأضاف المتحدث ” تم فيما بعد اتخاذ مراسيم لمدة تقترب من 3 سنوات بتمديد حالة الطوارئ الصحية”، مشيرا أن الأمر هنا يتعلق بحالة طوارئ صحية، وهي غير منصوص عليها دستوريا على خلاف حالة الحصار وحالة الاستثناء اللتان نظمهما الدستور، ونظم شروط إعلانهما والإجراءات المرتبطة بهما.
أما حالة الطوارئ الصحية فلم يتم تنظيمها حسب الأستاذ البقالي من قبل من طرف نصوص تشريعية خاصة، وأن هذا عمق النقاش خاصة وأن الأمر يتعلق بحقوق وحريات المواطنين، الذين لا يمكن تقييدها بمقتضى القوانين الدولية التي صادق عليها المغرب، أو حتى بنص الدستور أو باقي النصوص التشريعية الأخرى التي تنظم الحقوق والحريات.
وأضاف البقالي أن هذا المرسوم بقانون قد فرض عقوبات وغرامات، كما أن مدة تمديد حالة الطوارئ الصحية قد طالت بشكل كبير، حيث امتدت من 23 مارس 2020 ونحن بعد أيام سيدخل شهر مارس 2023 وبالتالي 3 سنوات هي مدة طويلة جدا، مشيرا إلى وجود تناقض كبير على مستوى التطبيق وعلى مستوى التنفيذ، بين استمرار الإطار التشريعي الذي يقيد الحقوق والحريات بل يرتب جزاءات وعقوبات ومخالفات، وجرائم لمخالفة قرارات السلطات التنظيمية المنظمة بمقتضى هذا المرسوم، وما بين حالة العيش الطبيعي للمواطنين وتصرفهم بشكل طبيعي خارج حالة الطوارئ الصحية وخارج هذه الشروط، في الوقت الذي نلاحظ تساهل كبير للسلطات العمومية وذلك راجع إلى تحسن الوضع الصحي والحالات القليلة التي يسجلها فيروس كوفيد 19.
وخلص البقالي إلى أنه حان الوقت لإنهاء حالة الطوارئ الصحية لـ”انتفاء شرط الضرورة”، أي لم تعد هناك أي ضرورة لاستمرار حالة الطوارئ الصحية، خاصة أنه لم يكن هناك انتشار للفيروس هذه السنة وفي هذا الفصل بالذات الذي ينتشر فيه الزكام والفيروسات المرتبطة بفصل الشتاء، معتبرا أن الحكومة ستفعل خيرا إن لم تتخذ مرسوما جديدا بتمديد حالة الطوارئ الصحية وألا يكون ذلك إغفالا من طرفها، داعيا إياها والبرلمان إلى تجاوز الفراغات والاستفادة من هاته التجربة على المستوى القانوني والتشريعي لتنظيم حالة الطوارئ الصحية تنظيما قانونيا سليما.
موقع الإصلاح