تقرير: الجفاف بالمغرب يهدد الفلاحين الصغار ويستفيد منه الكبار

أكد تقرير حديث لمؤسسة “فريدريش ناومان” تحت عنوان “الزراعة تحت الضغط: تغير المناخ وأمن المغرب الغذائي”، أن صغار المزارعين في البوادي المغربية يواجهون مخاطر التغيّرات المناخية.

وسلّط التقرير الموسوم بـ “الزراعة تحت الضغط: تغير المناخ وأمن المغرب الغذائي”، الضوء على التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لتغير المناخ على الأمن الغذائي في البلاد.

وأشار إلى أن العديد من صغار المزارعين يواجهون تحديات هيكلية مستمرة، بما في ذلك التكاليف العالية للأراضي، وتجزئة الملكية، وصعوبة الوصول إلى الائتمان والأسواق، وأثر التغيرات المناخية التي يشهدها المغرب.

وشددت مؤسسة “فريدريش ناومان” في تقريرها على أن المغرب يقف اليوم عند مفترق طرق: إما الاستمرار في مسار نمو غير متكافئ، أو اعتماد نموذج زراعي مستدام وعادل ومرن مناخياً، يوازن بين الإنتاجية وحماية صغار الفلاحين ويعزز إستراتيجيات التكيف مع تغير المناخ.

وأوضح التقرير أن المغرب يشهد تغيرات مناخية سريعة، حيث ارتفعت درجات الحرارة السنوية المتوسطة بمعدل يصل إلى درجتين مئويتين منذ أوائل القرن العشرين، مع تسجيل ارتفاعات حديثة تفوق المعدل العالمي، ومعدلات هطول الأمطار أصبحت أكثر تقلبًا.

وتابع التقرير: “تتناوب الفيضانات المدمرة والجفاف الطويل، وهو ما يشكل تهديدا مباشرا للزراعة المعتمدة على الأمطار التي تغطي نحو 60 في المئة من الأراضي المزروعة”.

وأشار التقرير إلى أن الزراعة لطالما كانت حجر الزاوية في الاقتصاد المغربي وفي الهوية الثقافية والاجتماعية للبلاد، إذ تساهم بما يناهز 14 في المئة من الناتج الداخلي الخام وتشغل حوالي 40 في المئة من القوة العاملة، وفي المناطق القروية يعتمد أكثر من 60 في المئة من السكان مباشرة على الزراعة لكسب رزقهم.

وأوضح التقرير أن الزراعة الصغيرة تؤثر على المطبخ المحلي والإيقاعات الموسمية ونقل المعرفة التقليدية حول إدارة الأرض. وهكذا، فإن تراجع هذا النوع من الزراعة لا يهدد فقط سبل العيش، بل يضعف التراث الثقافي والاجتماعي للمجتمعات الريفية.

ولفت تقرير لمؤسسة “فريدريش ناومان” إلى أن محصول القمح، الغذاء الأساسي للمغاربة، شهد تقلبات كبيرة؛ فقد انخفض الإنتاج من 11.47 مليون طن في 2015 إلى 3.35 مليون طن في 2016، ما جعل البلاد مضطرة إلى استيراد كميات كبيرة من الحبوب، مما يستهلك نحو 20 في المئة من عائدات التصدير، وهو معدل يفوق أربعة أضعاف المتوسط العالمي، مما يجعل المغرب معرضًا لمخاطر اقتصادية وأمنية غذائية كبيرة.

وأبرز التقرير أن خطة المغرب الأخضر عام 2008 الرامية إلى تحديث القطاع الزراعي وزيادة الإنتاجية والقدرة التنافسية، قامت على ركيزتين أساسيتين: الأولى استثمار في المزارع الكبيرة الموجهة نحو السوق والبنية التحتية للري، والثانية دعم صغار المزارعين عبر مشاريع “الزراعة التضامنية.”وأسفرت الخطة عن نتائج إيجابية جزئية، مثل زيادة الصادرات الزراعية وتوسيع المساحات المروية والمساهمة في نمو الناتج المحلي الإجمالي.

ومع ذلك، شددت المؤسسة في تقريرها على أن الفوائد لم تكن موزعة بشكل متساو، إذ استحوذت المزارع الكبيرة والموجهة للتصدير على الجزء الأكبر من المكاسب، بينما بقي صغار المزارعين محدودي الاستفادة بسبب صعوبات الوصول إلى الدعم والخبرة التقنية والتمويل.

وأشار مضمون التقرير إلى أن العديد من صغار المزارعين يواجهون تحديات هيكلية مستمرة، بما في ذلك التكاليف العالية للأراضي، وتجزئة الملكية، وصعوبة الوصول إلى الائتمان والأسواق.

وشدد التقرير على أن المستقبل الغذائي لملايين الأسر في البوادي يعتمد على هذا الخيار الإستراتيجي، مشيرا إلى أن تحقيق الأمن الغذائي والاستدامة الزراعية يتطلب إعادة التفكير في السياسات الزراعية ودعم الابتكار في المزارع الصغيرة، مع حماية الموارد الطبيعية وضمان مشاركة المجتمعات المحلية في صنع القرار.

أخبار / مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى