مقالات رأي

تغطية على الإبادة بخروقات متواصلة – إياد القرا

منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، يحاول الاحتلال الظهور كطرفٍ منضبط بينما يواصل جرائمه اليومية ضد الشعب الفلسطيني، عبر قصفٍ متكرر واستهدافٍ مباشر للخيام والمنازل. لكنه لا يكتفي بخرق الاتفاق ميدانيًا، بل يتفنن في اختلاق أحداثٍ مزيفة لتبرير جرائمه أمام العالم، وصناعة “ذرائع أمنية” تمنحه غطاءً سياسيًا لمواصلة الإبادة بوسائل جديدة.

في كل مرة يُعلن الاحتلال عن “حادث أمني”، سواء إطلاق نار أو طائرة مسيّرة أو تهريب مزعوم، يعقبه عدوان واسع على مناطق مدنية، هذه الروايات تُصاغ مسبقًا داخل الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية لتخدم أهدافًا محددة: تعطيل تنفيذ بنود الاتفاق، الضغط على الوسطاء، ومنع عودة النازحين إلى بيوتهم.

بذلك، تتحول الأكاذيب إلى أداة حربٍ بديلة عن القصف الشامل، وإلى وسيلة لتأجيل أي استحقاق سياسي أو إنساني.

الاحتلال يدير حرب “الابادة” في ظل صمتٍ دولي وانشغال العالم بأزمات أخرى، بينما تُزهق أرواح مئات الفلسطينيين في خروقات تُسوّق إعلاميًا كـ”دفاع عن النفس”. هذه السياسة تُخدّر الرأي العام الغربي وتُطيل أمد الحرب عمليًا، رغم أن الاتفاق ما زال قائما نظريا.

أما المقاومة، فرغم الاستفزازات، تواصل التزامها ببنود الهدنة وتتعامل مع الخروقات بوعي سياسي، عبر التواصل مع الوسطاء، لتكشف حقيقة من بدأ العدوان ومن واصل القتل.

أمام هذا الواقع، ثمة أربعة سيناريوهات محتملة:

الأول، أن يتوسع الاحتلال تدريجيا في القصف حتى انهيار الاتفاق؛ الثاني، أن ترد المقاومة بردٍّ محسوب يثبت قواعد الاشتباك دون العودة للحرب؛ الثالث، أن ينجح الضغط الدولي في ضبط الاحتلال مؤقتًا؛ والرابع، وهو الأخطر، أن يستمر “الاستنزاف البطيء” عبر الحصار والقتل المتقطّع دون انفجار شامل.

الاحتلال يدرك أن العالم يقيس الحرب بمدى صخبها، فإذا خفت صوت الانفجارات، نسي الجرائم. لذلك يحاول تحويل الإبادة إلى قتلٍ صامتٍ متواصل تحت لافتة “التهدئة”. وما لم يتحرك المجتمع الدولي، سيجد نفسه شريكا في جريمة تُرتكب على مراحل.

أخبار / مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى