“ترشيد الاستهلاك” تحول نوعي في الخطاب الدعوي للحركة
تحول لافت ذاك الذي عرفته حركة التوحيد والإصلاح الموسم المنصرم 2016-2017 في طبيعة المواضيع التي تناولها الخطاب الدعوي للحركة، من خلال تنظيمها لمبادرة “ترشيد الاستهلاك” والتي حملت شعار “كفى من التبذير” انطلاقا من قوله تعالى (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) سورة الفرقان الآية 67، هذا ما أعرب عنه عدد من المتخصصين والمتتبعين للمبادرة، حيث اعتبروا المبادرة تؤشر على انفتاح أكثر على قضايا المجتمع المغربي.
في الوقت المناسب
بوعزة الخراطي الكاتب العام للجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك اعتبر المبادرة قد جاءت في وقتها المناسب، لأنها جاءت بعد تقرير أصدرته المنظمة العالمية للتغذية آواخر سنة 2015 حول المغرب خلص إلى أن هذا الأخير يعيش تبذيرا استهلاكيا فادحا.
وأفاد أحد المؤطرين للندوة الافتتاحية للمبادرة بالرباط والتي نظمتها الحركة السنة الماضية حول نفس الموضوع أن التقرير رصد نوعين من التبذير؛ تبذير الإنتاج انطلاقا من الجني إلى نقل البضائع، وهو ما يجعل كميات كبيرة من البضائع تتوجه صوب مطارح النفايات، في ظل غياب سياسة وطنية للتعامل مع الأمر.
وعلى مستوى تبذير المستهلك أوضح ذات المتحدث أن المواطن المغربي يقبل على الاستهلاك بشكل كبير خصوصا في شهر رمضان.
ونوه الخراطي بمبادرة “ترشيد الاستهلاك” التي نظمتها الحركة، مهنئا إياها بالأنشطة التي نظمتها في ذات السياق.
وكشف الخراطي عن أن الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك وحركة التوحيد والإصلاح، كانتا تنتظران من الجهات المسؤولة التفاعل بشكل أكبر حول الموضوع لكن ذلك لم يتم.
وطالب الخراطي لمحاربة “تبذير الاستهلاك” على المدى القريب بتحسيس المواطنين خصوصا المرأة بالنظر إلى التدبير الذي تقوم به في الأسرة المغربية، وإدماج برامج تعليمية في المدارس الابتدائية والثانوية لتحسيس الأطفال رجال الغذ بإشكالية التبذير في المستوى الثاني.
تحول في الخطاب
واعتبر الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية محمد مصباح، المبادرة دلالة على تحول مهم في خطاب الحركة الإسلامية، من خلال مواكبة التحولات المعاصرة للمغرب، وانتباه الحركة إلى القضايا الطارئة على المجتمع، والتركيز على جانب المعاملات عوض المواضيع التقليدية التي كانت تركز على العبادات.
وأشار ذات الباحث إلى الارتفاع المهول لاستهلاك المواطن المغربي في الآونة الأخيرة خصوصا في المناسبات والأعياد، معتبرا أن الأهم في الأمر هو أن الموضوع لا يهم أبناء الحركة الإسلامية فقط، وإنما يهم كل شرائح المجتمع المغربي.
وأكد مصباح على أن التحدي الذي يواجه أمثال هذه المبادرات هو أنها مرتبطة بالتحولات ومكينازمات المجتمع.، أكثر من ارتباطها بالمحاضرات.
ارتقاء بالتفكير
المفكر الإسلامي المقرئ الإدريسي قال إن الموضوع “ينقل الدعوة والتربية والترشيد إلى مستويات لم يتعود الناس على التفكير فيها، كانوا يبقون قريبين من مواضيع الخير والبر والإحسان والعبادات والفضائل التقليدية المعروفة والعقائد”.
وأضاف صاحب كتاب “تجديد الخطاب الدعوي عند حركة التوحيد والإصلاح”أن حياتنا في ظل الإسلام هي حياة شاملة لكل مناشطنا، وأن التحديات والآفاق التي علينا أن نرتادها هي أوسع بكثير ومنها هذا التحدي، تحدي الاستهلاك الأعمى، والاستهلاك المفرط، الاستهلاك الذي يفسد في الأرض بعد إصلاحها”
وشدد أحد المساهمين في تأطير المبادرة على أن “الطامة الكبرى في أن أبناء الدعوة الإسلامية بالنظر إلى فهمهم التقليدي للتدين، وحصره في اللباس وفي الحج وفي الصلاة وبر الوالدين لا ينتبهون إلى أن من مناطات عبادة الله تعالى القصد في الاستهلاك”.
تفاعل مهم
من جانبه كشف محسن بنحلدون مسؤول منطقة آنفا- الحي الحسني عن التفاعل الكبير الذي استقبل به أعضاء المنطقة المباردة، وهو ما وصل عند بعض الأعضاء إلى إحداث انقلاب كبير في نمط استهلاكهم.
وحدد ذات المتحدث عدد المستفيدين من ندوة محلية حول الموضوع في ألف مستفيد، مشيرا إلى مجموعة من التحديات التي واجهت أعضاء المنطقة مرتبطة أساسا بجدة الموضوع، داعيا إلى إعطاء وقت أكبر للمبادرة حتى تعطي مفعولها.
الإصلاح/ أحمد الحارثي