تحذيرات برلمانية من مشروع قانون يمسّ باستقلالية الجامعة ويسرّع الخوصصة

يواجه مشروع قانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي انتقادات برلمانية لاذعة بالرغم من المصادقة عليه بلجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب الأسبوع الماضي، بعد موافقة 10 نواب ومعارضة 4 نواب.
واعتبر نواب برلمانيون حسب محضر مناقشة اللجنة أن النص المطروح لا يستجيب لانتظارات الإصلاح الحقيقي، ويكرّس اختلالات بنيوية تمس جوهر الجامعة العمومية ويضرب استقلاليتها، كما يفتح مجال الخوصصة.
ونبه المنتقدون لمضامين مشروع القانون إلى أن إصلاح التعليم العالي لا يمكن أن يقوم على تغييرات متسرعة ومتقلبة من شأنها إرباك السير العام للجامعة وتقويض الثقة لدى مختلف الفاعلين.
وأكد البرلمانيون المتدخلون- حسب ما تضمنه تقرير اللجنة- أن الإصلاح يتطلب تراكما هادئا وتحسينا مستمرا، مع تنزيل صارم لمقتضيات القانون الإطار باعتباره الضامن للاستقرار والنجاعة.
وحذّر النواب من إغراق مشروع القانون في التفاصيل التنظيمية وإحداث هياكل جديدة دون معالجة الأسباب العميقة لأزمة التعليم العالي، منتقدين محدودية العرض الجامعي العمومي في ظل عدد ضئيل من الجامعات مقارنة بحجم السكان واتساع المجال الترابي، مما أدى إلى اكتظاظ الأقطاب الجامعية وحرمان آلاف الطلبة من ولوج عادل للتعليم العالي بسبب البعد الجغرافي وضعف الخدمات الاجتماعية.
واعتبروا أن المشروع لا يقدم أي تصور لتوسيع الشبكة الجامعية العمومية أو إرساء سياسة ترابية متوازنة، مكتفياً بإحداث مؤسسات شكلية لا تعالج الخصاص البنيوي ولا تستجيب للحاجيات الحقيقية للقطاع.
وانتقد النواب البرلمانيون ما وصفوه بمساس المشروع باستقلالية الجامعة من خلال تحويل مجالس الجامعات إلى هياكل استشارية أو تنفيذية فاقدة للاختصاصات التقريرية، وإخضاعها لما يسمى بمجلس الأمناء، الذي يهيمن عليه منطق التعيين بدل الانتخاب، بما يفتح الباب أمام تولي أشخاص “غرباء عن الحقل الجامعي” صناعة القرار في قضايا أكاديمية مصيرية.
وأبدى البرلمانيون مخاوفهم من أن المشروع يعزز هيمنة القطاع الخاص، من خلال فتح المجال أمام أطر الجامعة العمومية للتدريس في الجامعات الخاصة، وتسريع وتيرة خوصصة خدمات الجامعة العمومية، بما يهدد مجانية التعليم العالي ويحوّل الخدمة العمومية إلى سلعة.
وسجّل المنتقدون غياب ضمانات تكفل حق الولوج إلى سلكي الماستر والدكتوراه وفق مبدأ الاستحقاق، وعجز المشروع عن تنويع مصادر تمويل التعليم العالي والبحث العلمي، مع التحذير من تحميل الأجراء والموظفين كلفة إضافية.




