بيان التوحيد والإصلاح حول مصادقة مجلس النواب على البروتوكول الإضافي المرتبط باتفاقية (سيداو)
بيان من حركة التوحيد والإصلاح
حول مصادقة مجلس النواب على البروتوكول الاضافي
المرتبط باتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).
عقد المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح اجتماعه العادي يوم السبت 24 رمضان 1436 الموافق 11 يوليوز 2015،
وبعد مدارسته لعدد من القضايا الدعوية والتنظيمية توقف على وجه الخصوص على مصادقة مجلس النواب يوم الثلاثاء 7 يوليوز 2015 على مشروع قانون رقم 12-125 بالموافقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) .
وبعد استحضاره لما سبق هذه الخطوة من معطيات ومواقف سبق للحركة أن عبرت عنها، ومنها إقدام الحكومة المغربية سنة 2011 على رفع تحفظات المغرب على مقتضيات المادتين 9و16 من الاتفاقية الدولية الخاصة بمحاربة جميع أشكال التمييز ضد المرأة بموجب رسالة غير معلنة مؤرخة في 8 أبريل 2011 موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة تأخر نشر مقتضياتها بواسطة ظهير مؤرخ في 2 غشت 2011 بالجريدة الرسمية إلى غاية فاتح سبتمبر 2011،
وبعد توقفه من جديد على الغموض الذي اكتنف رفع التحفظات حول بعض المقتضيات الواردة في الاتفاقية، وملاحظة عدم كفاية ما تبقى من ضمانات التصريح على ما يخالف أحكام الدين الإسلامي والنظام الدستوري في المادة 2 والالتباس حول مدى شمولها لباقي بنود الاتفاقية وخاصة ما يتعلق بنظام الأسرة وضمنه ما يهم الزواج والصداق والنفقة واسم العائلة واستقلال الذمة المالية للمرأة والحضانة والتبني والكفالة والإرث.
وبالنظر إلى كون البروتوكول هو الآلية العملية لتنفيذ الاتفاقية على مستوى ملاءمة القوانين الوطنية مع مقتضياتها وعلى مستوى الاعتراف باختصاص لجنة القضاء على التمييز بتلقي الرسائل المقدمة لها، وفقا للمادة الثانية والنظر فيها، وذلك من قبل أفراد أو مجموعات أفراد خاضعين للولاية القضائية للدولة الطرف أو نيابة عنهم والتي “يدعون فيها أنهم ضحايا انتهاك تلك الدولة لأي من الحقوق المحددة في الاتفاقية ” بما فيها تلك التي تم رفع التحفظات عنها. كما يقر البروتوكول استثناء آخر بمحددات فضفاضة على وسائل الانتصاف المحلية بفتحه المجال للآلية الدولية (لجنة القضاء على التمييز) متى ظهر لها أن “تطبيق وسائل الانتصاف(المحلية) يستغرق أمدا طويلا بدرجة غير معقولة أو كان من غير المحتمل أن يحقق انتصافا فعالا” وهو ما يفتح المجال واسعا لتأويلات غير منضبطة لإنتهاك السيادة الوطنية.
وبالنظر إلى ما قد ينتج عن ذلك الالتباس والغموض من تبليغات من قبل أفراد أو مجموعات تعتبر الأحكام ذات الصِّلة في مدونة الأسرة تمس بالحقوق الواردة في الاتفاقية، ومن ضغوط في اتجاه تغييرها لتتلاءم مع مقتضيات الاتفاقية المتعارضة مع النظام الدستوري والقانوني للمملكة،
فإن المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح ، إذ يعبر عن رفضه لتلك المصادقة، يؤكد ما يلي :
1- يجدد التأكيد على موقفه المبدئي والثابت من خطوة رفع التحفظات حول المادتين 9 و16 والتي اعتبرها في حينه وما يزال ضربا لحقوق مكتسبة وامتيازات ثابتة للمرأة المغربية، واستهدافا واضحا لبنيان وتماسك الأسرة المغربية وذلك ضدا على أحكام شرعية صريحة مضمنة في مدونة الأسرة وفي انتهاك جسيم لأبسط مستلزمات الديمقراطية التشاركية مما يجعلها فاقدة للمشروعية.
2 – يدعو الحكومة والبرلمان في نطاق ما تسمح به الآليات الاتفاقية من تفسيرات وتصريحات إلى رفع أي لَبْس ممكن فيما يتعلق بالمقتضيات التي تمس أحكام مدونة الأسرة المستندة إلى أحكام الشريعة الاسلامية السمحة في الموضوع، كما يدعو المجلس العلمي الأعلى للقيام بواجبه في هذا الإطار والمجلس الدستوري للاضطلاع بدوره الكامل من أجل السهر على مطابقة مشروع القانون رقم 12-125 بالموافقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة مع أحكام الدستور وثوابت المملكة.
3- يذكر بهذا الصدد بأن مبدأ سمو الاتفاقيات الدولية وما تقتضيه من ملاءمة التشريعات الوطنية معها حين تتم المصادقة عليها من قبل المغرب مشروط بأن تتم تلك المصادقة في نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، وبأن تكون وفقا للكيفية التي صادق بها المغرب على تلك الاتفاقية أي مع مراعاة التحفظات والتصريحات، وبضرورة نشرها في الجريدة الرسمية .
وتبعا لذلك فإنه لا مجال لان يتحول البروتوكول والآليات التي يتضمنها إلى وسيلة للمساس بالنظام الدستوري للمملكة والضغط من أجل تغيير تشريعاته كي تتلاءم مع الاتفاقية المذكورة في الجوانب المشار إليها، وهو ما يؤكده بوضوح أيضاً الفصل 19 من الدستور الذي له صلة بموضوع اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، والفصل 55 الذي ينص على أن أي التزام دولي في إطار اتفاقية أو معاهدة يتضمن بندا يخالف الدستور فإن المصادقة على هذا الالتزام لا تقع إلا بعد مراجعة الدستور.
4- يذكر في هذا السياق بما ورد بوضوح في البلاغ الصادر عن المجلس العلمي الأعلى الصادر سنة 2008 حين أكد أن رفع المغرب لبعض التحفظات إنما هو إجراء اقتضته الملاءمة مع المقتضيات الجديدة التي أقرتها مدونة الأسرة ولا يجوز أن يثير لدى المجتمع أي تساؤل حول تمسك المغرب بثوابته الدينية وأحكام الشرع الواردة في القرآن الكريم، والتي لا مجال للاجتهاد فيها مثل أحكام الإرث وغيرها من الأحكام القطعية» وان “أمير المؤمنين لا يمكنه ان يحل حراما أو يحرم حلالا وأنه هو «ضمانة المغاربة في التمسك بهذه الثوابت».
وحرر بالرباط يوم السبت 24 رمضان 1436 الموافق 11 يوليو 2015
عبد الرحيم شيخي
رئيس حركة التوحيد والإصلاح