بناء الأشواق لرمضان
الْحَمْدُ لله الْحَلِيْمِ الْعَلِيْمِ، الْبَرِّ الْرَّحِيْمِ؛ شَرَعَ لِعِبَادِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ الْصَّالِحَةِ مَا يُكَرِّسُ عُبُوْدِيَّتَهُمْ لَهُ، وَفَتَحَ لَهُمْ مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ مَا يُقَرِّبُهُمْ إِلَيْهِ، وَكَرَّرَ عَلَيْهِمْ مَوَاسِمَ الْبَرَكَةِ؛ لِيَغْسِلُوا بِهَا أَدْرَانَهُمْ، وَيَتَزَوَّدُوْا مِنْهَا مَا يَكُوْنُ ذُخْرَاً لَهُمْ فِيْ أُخْرَاهُمْ، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ وَآَلَائِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ؛ خَلَقَنَا مِنَ الْعَدَمِ، وَأَغْدَقَ عَلَيْنَا الْنِّعَمَ، وَهَدَانَا لِدِيْنِهِ “وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ” (الْأَعْرَافِ:43)
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ؛ مَا تَقَرَّبَ إِلَيْهِ المُتَقَرِّبُونَ بِأَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا افْتَرَضَهُ عَلَيْهِمْ، وَلَا يَزَالُ عَبْدُهُ يَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِالْنَّوَافِلِ حَتَّى يُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحَبَّهُ عَصَمَهُ مِنَ المُحَرَّمَاتِ، وَأَعَانَهُ عَلَى الطَّاعَاتِ، وَأَجَابَ لَهُ الْدَّعَوَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ مُحَمّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ؛ أفضل من صلى و صام و أطاع ربه فكان له رفع المقام بعد أيام، سيحل علينا موسم تفتح فيه أبواب الجنة، وتُهيّأ أسباب دخولها، وتُيسّر للمؤمنين الأعمال الصالحة.
قال النبي صلى الله عليه وسلمَ: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ)، فهل بدأ الشوق في قلوبنا لهذا الشهر العظيم، أم قلوبنا مشغولة بالشوق إلى الجنة أم قلوبنا مشغولة بكورونا.
إن من الشوق إلى الجنة الشوق إلى الأعمال الموصلة إليها، والأبواب المشرعة عليها، فيكذب من يدعي الشوق إلى الجنة وهو لا يتحرى مواسم الخيرات، وأعمال البر والطاعات، كان رسول الله صلى الله عليه وسلمَ يبشر أصحابه بقدوم رمضان، ويهيجهم إلى الشوق إليه فيقول : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم) “رواه النسائي وصححه الألباني.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين، ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة) (رواه الترمذي وصححه الألباني).
وكان السلف يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم وقال يحيى بن أبى كثير: (كان من دعائهم؛ اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلّمه مني متقبلاً).
فاللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ كَرَامَتِهِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ مَا يَتَوَصَّلُونَ بِهِ إِلَى جنته ومرضاته وَمِمَّا جَعَلَهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لِلْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاسِمِ الْعَظِيمَةِ -مَا أَكْرَمَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِهِ أُمَّةَ نَبِيِّهِ ﷺ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، لذلك بلوغ رمضان نعمة عظيمة:
يقول ابن رجب في لطائف المعارف: (بلوغ شهر رمضان وصيامه نعمةٌ عظيمةٌ على مَنْ أقدَرَه الله عليه، (لمن كتبه الله عليه)، ويدل عليه حديث طلحة بن عبيد الله؛ حيث أخبر أن رجلين قدما على النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلما، وكان أحدهما أشدَّ اجتهادًا من الآخر، فغزا المجتهد منهما فاستشهد، ثم مكث الآخر بعده سنة، ثم تُوفِّي على فراشه، فرؤي في المنام أن الذي مات على فراشه أسبقُ دخولًا إلى الجنة من الذي مات شهيدًا، فسُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال: (أليس صلَّى بعده كذا وكذا صلاة، وأدرك رمضان فصامه؟ فوالذي نفسي بيده، إن بينهما لأبعد مما بين السماء والأرض)؛ [رواه أحمد]
الاسْتِعْدَاد لمَوَاسِمِ الطَّاعَةِ هو حَالَةٌ نَفْسِيَّةٌ مُتَأَهِّبَةٌ مُتَوَثِّبَةٌ مُتَرَقِّبَةٌ لِهَذَا الْمَوْسِمِ الْجَلِيلِ الْعَظِيم، إننا مدعوون لحفل سنوي نستقبل فيه نسيم رمضان، ليلف قلوبنا ونفوسنا الزكية بأشعته المنسابة لأعماق القلب فينقيه، وأغوار الروح فيعليها ويرفعها، وجذور النفس فيرويها بماء الحياة، لتنبت شجرة إيمانٍ أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.أفراح المؤمنين تتجدد بتجدد مواسم الخير والعطاء، ومناسبات الطهر والصفاء، والمحبة والمودة والإخاء، والبر والسعادة والهناء. بماذا تقاس أفراح أهل الإيمان؟!
إنها أفراح علوية، ومسرات روحية، تطلق النفوس من قيد المطامع الشخصية، وتحررها من أسر الأغراض المادية، وتحلق بها في آفاق أسمى وأولى، وتترقى بها في طموحاتٍ أرحب وأعلى، لذلك كانت أفراح أهل الإيمان تتسامى عن الملذات، وتترفع وتتعالى عن المشتهيات فإذا اشتقنا لهذا الخير العميم وأحببناه فلا بد من ترجمة هذا الشوق إلى واقع عملي يقول ابن القيم:
فَإِن محبَّة الشَّيْء وَطَلَبه والشوق إليه من لَوَازِم تصَوره فَمن بَاشر طيب شَيْء ولذته وتذوق بِهِ لم يكد يصبر عَنهُ فالمُسلم يشتاق لشهر رمضان بقدر معرفته لقيمة هذا الشهر، فكلما ازدادت معرفته ازداد شوقه.
مرَّ الحسنُ بقومٍ يَضْحكون في شَهْر رَمضان، فقال: يا قوم، إنّ الله جعل رمضان مِضْماراً لِخَلْقِه
يَتسَابقون فيه إلى رَحْمتِه، فَسَبَق أقوامٌ ففازُوا، وتخلَّف أقوامٌ فَخَابوا، فالعَجب من الضاحِكِ اللاّهي في اليوم الذي فاز فيه السابقون، وخاب فيه المتخلِّفون؟ أما واللّهِ لو كُشِف الغِطاء لَشَغَلَ مُحْسِناً إحسانُه ومُسِيئاً إساءتُه.
يقول الله تعالى :”يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ” .. هي دعوة للحياة الحقيقية إلى الحياة في ظلال الإيمان، التي إنما تكون بالاستجابة لله ورسوله وبقدر ما يكون في القلب من الاستجابة لله ورسوله تكون حياته.
قال ابن القيم رحمه الله: في بدائع التفسير (تضمنت هذه الآية أمورا أحدها:أن الحياة النافعة إنما تحصل بالاستجابة لله ولرسله، فمن لم تحصل له هذه الاستجابة فلا حياة له، إن كانت له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات فالحياة الحقيقية الطيبة هي حياة من استجاب لله والرسول ظاهرا وباطنا.)
ولهذا كان أكمل الناس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن كلما دعا إليه ففيه الحياة، فمن فاته جزء منه فاته جزء من الحياة، وفيه من الحياة بحسب ما استجاب للرسول استجابةً لنداء رمضان: (يا باغيَ الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر) بشارة وتحذير “لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ”.
استجب لربك قبل فوات الأوان، قبل أن تَجْهَد لتستجيب فلا تستطيع، قبل أن يفاجئك الأجل بأسبابه التي كثرت اليوم كما لم تكن من قبلُ، قال الله تعالى:”اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ”[الشورى:47]،
يقول العلامة ابن القيم في الفوائد: الهمة العالية من استعد صاحبها للقاء الحبيب وقدم التقدم بين يدي الملتقى فاستبشر عند القدوم: “وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ” . (البقرة الآية-232)
شاهد: توبوا إلى الله جميعا، الحسين الموس |
جاء في تفسير المنار لقوله تعالى، فقوله : يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم معناه إذا علمتم ما فرضنا عليكم من الطاعة، وشأن سماع التفقه من الهداية، وقد دعاكم الرسول بالتبليغ عن الله تعالى لما يحييكم، فأجيبوا الدعوة بعناية وهمة، وعزيمة وقوة، فهو كقوله تعالى : “خذوا ما آتيناكم بقوة” ( 2 : 63 ) ، والمراد بالحياة هنا حياة العلم بالله تعالى وسننه في خلقه، وأحكام شرعه والحكمة والفضيلة والأعمال الصالحة التي تكمُل بها الفطرة الإنسانية في الدنيا، وتستعد للحياة الأبدية في الآخرة، يقول الطاهر ابن عاشور (والإحياء هو إعطاء الإنسان ما به كمال الإنسان، فيعم كل ما به ذلك الكمال من إنارة العقول بالاعتقاد الصحيح والخلق الكريم، والدلالة على الأعمال الصالحة وإصلاح الفرد والمجتمع، وما يتقوم به ذلك من الخلال الشريفة العظيمة)، جاء في الظلال: ( إنه يدعوهم إلى عقيدة تحيي القلوب والعقول، وتطلقها من أوهاق الجهل والخرافة، ومن الخضوع المذل للأسباب الظاهرة والحتميات القاهرة، ومن العبودية لغير الله والمذلة للعبد أو للشهوات سواء.. ويدعوهم إلى شريعة من عند الله تعلن تحرر “الإنسان” وتكريمه بصدورها عن الله وحده، ووقوف البشر كلهم صفا متساوين في مواجهتها ويدعوهم إلى منهج للحياة، ومنهج للفكر، ومنهج للتصور، يطلقهم من كل قيد إلا ضوابط الفطرة، المتمثلة في الضوابط التي وضعها خالق الإنسان، العليم بما خلق هذه الضوابط التي تصون الطاقة البانية من التبدد ولا تكبت هذه الطاقة ولا تحطمها ولا تكفها عن النشاط الإيجابي البناء، ويدعوهم إلى القوة والعزة والاستعلاء بعقيدتهم ومنهجهم، والثقة بدينهم وبربهم، إن الله قادر على أن يقهركم على الهدى – لو كان يريد – وعلى الاستجابة التي يدعوكم إليها هذه الدعوة، ولكنه – سبحانه – يكرمكم فيدعوكم لتستجيبوا عن طواعية تنالون عليها الأجر وعن إرادة تعلو بها إنسانيتكم وترتفع إلى مستوى الأمانة التي ناطها الله بهذا الخلق المسمى بالإنسان.. أمانة الهداية المختارة وأمانة الإرادة المتصرفة عن قصد ومعرفة.)
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فمن شاء الهدى فله الهدى، ومن شاء الضلالة فله الضلال، من أحسن استقبال الزائر فغسل قلبه بماء الهداية، ولبس أفضل ما لديه من ألبسة التوبة والإنابة؛ أسبغ عليه من عطاياه، وأضفى عليه من بحر جوده وزيادة هداه، فالهدى يأتي بالمزيد، والأوبة تأتي بأختها، ولا يزال العبد يرتجي زيادة التقوى ويأخذ بأسبابها حتى يحصِّلها وينال منزلتها، وليس كمثل رمضان زائر يأتي بالهدايا والعطايا، فينادي في الناس: هل من مقبل على العطاء؟! هل من مستجيب للنداء؟!
رَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: “مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ” قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: “مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُه“(وَالْحَدِيثُ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ)
إن كنت مشتاقاً إلى شهر رمضان بحق، وتريد أن تكون كأولئك المشتاقين له الفرحين به والذين اغتبطوا بقدومه، فعليك أن تُعبّر عن اشتياقك بالأفعال والأقوال، بالالتزام لا بالتمني والأحلام، لكي يكون شوقنا حقيقياً، وتشملنا فيه الرحمات وتغفر لنا الزلات:
أولاً: يجب أن ترفع أكف الضراعة والدعاء بقلبٍ خاشع ومخلص بأن يبلغك رمضان وأن يعينك فيه على الصيام والقيام.
ثانيا: يَنْبَغِي عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ نَاوِيًا نِيَّةَ الْخَيْرِ؛ روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (إن الله تعالى يقول للحفظة. إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها. فإن عملها فاكتبوها سيئة. وإذا هم بحسنة فاكتبوها حسنة فإن عملها فاكتبوها عشراً)، وهذا النظام الإلهي في المكافأة والمؤاخذة وهو أفضل نظام يصلح نفس وأفضل نظام يحبب في الخير وفي نية الخير وفي الهم بفعل الخير لأن من نوى الخير وهمّ بفعله إن لم ييسر له تنفيذ ما نواه كتبت له حسنة وإن نفذ ما نواه كتبت له عشر حسنات فهو مأجور على كل حال.
ثالثا: أن تعقد العزم على أن تستثمر أيام هذا الشهر مع الله صياماً وقياماً، وإنفاقاً وصلةً للأرحام وتخلقاً بأخلاق المسلمين، وأن تُقبِل على قراءة القرآن الذي نزل في هذا الشهر المبارك. فهو عزم على رفع رصيدك الإيماني في هذا الشهر الذي فيه الفرصة مهيأة وميسرة للطاعة والعبادة ومن ثم لزيادة الإيمان ورضا الرحمن.
رابعا : أن تصنع لنفسك شعاراً يشدّ من همتك ويقوي عزيمتك وليكن مثلاً: (لن يسبقني إلى الله أحد)،أو(وعجلت إليك ربي لترضى) …الخ.
خامسا : أن تقصر الأمل بأن يُشعر المرءُ نفسَه بأن هذا آخر رمضان له في حياته، ومَن يدري!
في الختام نِعَمُ اللهِ عَلَيْنَا لاَ تُعَدُّ وَلاَ تُحَدُّ وَلاَ تُحْصَى، وَمِنْ أَجَلِّهَا بَعْدَ نِعْمَةِ الإِسْلاَمِ: نِعْمَةُ إِدْرَاكِ شَهْرِ رَمَضَانَ،تلك الفترة الروحية التي يجد فيها الفرد والأمة فترات من الراحة والصفاء لتجديد معالم الإيمان، وإصلاح ما فسد من أحوال، وعلاج ما جد من أدواء، إنه مدرسة لتجديد الإيمان، وتهذيب الأخلاق، وتقوية الأرواح، وإصلاح النفوس، وضبط الغرائز، وكبح جماح الشهوات، إنه مضمار يتنافس فيه المتنافسون للوصول إلى قمم الفضائل، ومعالي الشمائل، وبه تتجلى وحدة الأمة الإسلامية.
إنه مدرسة للبذل والجود والبر والصلة، هو حقًّا مَعين الأخلاق ورافد الرحمة، ومنهل عذب لأعمال الخير في الأمة، فما أجدر الأمة الإسلامية وهي تستقبل شهرها بهمة عالية وإرادة للخير قوية.
إنه محطة لتعبئة القوى الروحية والخلقية التي تحتاج إليها الأمة، بل يتطلع إليها كل فردٍ في المجتمع، فَعَلَيْنَا أَنْ نَتَجَهَّزَ مُسْتَعِدِّينَ لِهَذِهِ السَّفْرَةِ عَسَى أَنْ نَخْرُجَ مِنْهَا فَالِحِينَ مُفْلِحِينَ.النَّبِيُّ ﷺ أَمَّنَ عَلَى دُعَاءِ جِبْرِيلَ وَهُوَ يَقُولُ: (وَرَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ انْسَلَخَ عَنْهُ رَمَضَانُ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ قُلْ: آمِينَ).فَقَالَ الْمَعْصُومُ: (آمِينَ).
لَا تَحْسَبَنَّ أَنَّكَ تَدْخُلُ فَتَخْرُجُ كَمَا دَخَلْتَ؛ أَنَّ ذَلِكَ يَمُرُّ لَا لَكَ وَلَا عَلَيْكَ.
الأستاذة عزيزة بن جلون