بعد فوز اليمين الصهيوني.. الضفة الغربية على صفيح ساخن
أظهرت نتائج انتخابات برلمان الاحتلال الصهيوني ( الكنيست) ، فوز اليمين بقيادة رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو على أغلبية واضحة في الكنيست (البرلمان) بـ 67 مقعدا.
ويقول خبراء فلسطينيون، في أحاديث منفصلة مع وكالة الأناضول، إن تلك النتائج ستنعكس أيضا على تطورات الأوضاع في الضفة الغربية، والتي تشهد توترا وتصاعدا في عمليات جيش الاحتلال، وتنفيذ عمليات فلسطينية.
وتوقع الخبراء أن تعمل الحكومة الجديدة على تشديد قبضتها على الضفة الغربية وخاصة شمالها، مما ينذر بمواجهة قد تتحول إلى انتفاضة جديدة. ومنذ مطلع العام الجاري 2022، تشهد مناطق متفرقة من الضفة تصعيدا ملحوظا وارتفاعا لوتيرة عمليات الجيش الإسرائيلي فيها.
وتبنت جماعة فلسطينية مسلحة، في 11 أكتوبر الماضي، 5 عمليات إطلاق نار في الضفة الغربية المحتلة ضد أهداف “إسرائيلية” أسفرت عن مقتل جندي وإصابة آخرين، وهو ما اعتبره خبراء تطورا في المواجهة بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال.
وأعلنت جماعة تطلق على نفسها اسم “عرين الأسود”، ومقرها بمدينة نابلس (شمال)، عبر بيان، مسؤوليتها عن تنفيذ العمليات الخمس، متوعدة أن “بُركان عملياتنا بدأ ولن يخمده إلا الله”. وفرض الاحتلال منذ العملية حصارا على مدينة نابلس، ما زال مستمرا خنق كافة مناحي الحياة.
وفي الأيام الأخيرة اغتال الاحتلال عددا من أبرز قادة الجماعة المسلحة، في عمليتين منفصلتين، الأولى عبر زرع عبوة متفجرة في أزقة البلدة القديمة من نابلس الأحد الماضي، أسفرت عن مقتل قيادي في الجماعة، والثانية في عملية عسكرية استمرت لساعات فجر الثلاثاء، قتل خلالها 5 فلسطينيين، بينهم قيادي في الجماعة.
و”عرين الأسود” مجموعة مسلحة ينتمي أفرادها لمختلف الفصائل الفلسطينية، وقتل جيش الاحتلال عددا منهم، وظهرت علنا في عرض عسكري بالبلدة القديمة في نابلس مطلع سبتمبر الماضي. وفي مدينة جنين شمالي الضفة أيضا تتبنى جماعة تطلق على نفسها اسم “كتيبة جنين” عمليات إطلاق نار على حواجز إسرائيلية وتتصدى لاقتحامات الجيش الإسرائيلي.
واعتبر مدير مركز القدس للدراسات، التابع لجامعة القدس أحمد رفيق عوض، أن “نتائج الانتخابات الإسرائيلية مؤشر أن التصعيد سيد الموقف في الأراضي الفلسطينية في الفترة المقبلة”. وأضاف “حكومة يمينية متطرفة من المؤكد أنها ستعمل على تشديد قبضتها على الفلسطينيين، وستعمل على التعامل مع موجة التصعيد بمزيد من العنف والقتل والحصار، الأمر الذي ينذر باستمرار حالة المواجهة، وخاصة في شمالي الضفة”.
وتابع عوض “متوقع تصديد إسرائيلي غير أنه لم يكون قادرا على كسر العمل المقاوم الفلسطيني، هذا يدفع نحو انفجار الأوضاع وتصاعد المواجهة”، مشيرا إلى أن ما ينفذ من عمليات للمقاومة الفلسطينية تشير إلى تقدم وتطور في تنظيم عمل المجموعات المسلحة، والتي تختار فكرة المواجهة والاشتباك، وتقوم بفعل وليس رد فعل بالرغم من الإجراءات الإسرائيلية.
وقال عوض “نحن أمام ظاهرة لم تعد عفوية ومرتجلة، بل فيها عمل حقيقي وتطرح أهداف، ويأخذونا إلى مرحلة جديدة في المواجهة مع الجيش الإسرائيلي”، مرجعا نجاح عمليات هذه المجموعات إلى أنها “تنفذ في مكان وزمان لا يتوقعه الجانب الإسرائيلي، وهذا واضح من الصدمة في رد الفعل من قبل الجنود”.
وأضاف المتحدث، أن تصاعد تلك العمليات يعود إلى تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية من قتل وهدم للمساكن وبناء استيطاني واقتحامات للمسجد الأقصى وتصاعد اعتداءات المستوطنين، مشددا على أنه “إذا ما لم تتغير السياسية الإسرائيلية سنشهد مزيد من الهجمات والتوتر في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس.. وهناك حاضنة مجتمعية لتلك الجماعات في مناطقها، كما في البلدة القديمة من نابلس”.
ويرى سليمان بشارات، مدير مركز يبوس للدارسات، أن نتائج الانتخابات بالكيان المحتل مؤشر على أن فوز اليمين الذي يقود الكيان المحتل إلى عدم القبول بالتعايش مع الفلسطينيين. وقال “تلك النتائج تعزز الجماعات الاستيطانية التي باتت تشكل مرتكز ديموغرافي مهم بالضفة الغربية وسيطرتها على مفاصل كثيرة بها، وبالتالي يمكن الوصول إلى حالة من الصدام ما بين الفلسطينيين والمستوطنين.
وأضاف “في ظل هذه المعطيات والمعطيات الاقليمية والدولية من شأنها أن تفتح الباب أمام حالة تصاعد المواجهة الميدانية إما على شكل انتفاضة، أو هبات متواصلة ما بين الفلسطينيين والمستوطنين، وسيبقى الواقع غير مستقر”، متوقعا أن تعمل حكومة الاحتلال القادمة على تعزيز قبضتها على الفلسطينيين، بمزيد من الإجراءات القمعية واستمرار المداهمات والحصار، ودعم المستوطنين.
ومن جهته، أرجع الخبير الفلسطيني جهاد حرب، تطور العمل العسكري في الضفة الغربية إلى تصاعد حالة الاحتقان في ظل غياب أفق سياسي لحل القضية الفلسطينية واستمرار الإجراءات التعسفية للاحتلال الصهيوني.
وقال إن “السياسة الإسرائيلية تدفع الى تمرد لدى الشباب، باعتبار الخيارات السياسية لم تجدي نفعا وكذلك التحرك الدولي.. والمفاوضات مع إسرائيل دون جدوى دفعت إلى وجود جماعات مسلحة خاصةً في شمالي الضفة الغربية”.
وتوقف مايعرف بمفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والكيان المحتل منذ أبريل 2014؛ بسبب رفض الاحتلال وقف الاستيطان وإطلاق أسرى قدامى، بالإضافة إلى تنصلها من مبدأ حل الدولتين.
ووصف جهاد ما يجري بأنه “تحول في التفكير، والمقاومة وعدم الرضوخ للاحتلال مطلوبة، وهذا يشبه إلى حد كبير ما جرى في ثمانينيات القرن الماضي، واندلاع انتفاضة الحجارة (1987)”، مضيفا “نحن اليوم أقرب ما نكون من انفجار بركان وحدوث مواجهة قد تأخذ أشكالا متعددة لا أحد يستطيع معرفة مداها وانتشارها ولا الفترة الزمنية”.
وفي سياق متصل، اعتبر أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العربية الأمريكية في جنين أيمن يوسف، تصاعد عمليات إطلاق النار في الضفة الغربية، وخاصة في شمالها، تحولا في العمل الميداني والعسكري ضد الاحتلال، متوقعا مواجهة مسلحة “لا يعرف لها وقت وزمان”.
وكالة الأناضول – بتصرف