بايشى: كتاب “رسالتان في التربية” يقدم نموذجين لتوريث القيم واكتشاف المواهب

احتضن رواق حركة التوحيد والإصلاح بفعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، مساء الجمعة 25 أبريل 2025، تقديم الإصدار الجديد للدكتور الحسين الموس بعنوان “رسالتان حول التربية (توريث الدين والقيم والكفاءات)”، قام بتقديمه الخبير التربوي الأستاذ محمد سالم بايشى.
وقال محمد سالم بايشى في معرض تقديمه أن هذا الكتاب يندرج ضمن الفقه التربوي الإسلامي الذي يمتح من القرآن والسنة، كما يمتح من كتب السلف، ولكن أيضا يأخذ الواقع بعين الاعتبار ويأخذ التطورات الميدانية التي يعرفها هذا الحقل بعين الاعتبار.
ويرى بايشى أن الفكر التربوي في تراثنا فكر جد متقدم ذلك أنه حينما نأخذ كتابات الغزالي والمحاسبي وابن سحنون وابن خلدون والشاطبي، نجد إشارات قوية بالنسبة لهذا الفكر، ونجد تطبيقات عملية قيمة بالنسبة لهذا الجانب التربوي.
وتأسف الخبير التربوي لتوقف الاهتمام بهذا الفكر من حيث التنزيل في فترة معينة حيث اتجهت الدول الاسلامية إلى الفكر الغربي التربوي وأخذت تمتح منه، وأخذت تطبقه أحيانا بشكل من التبعية المباشرة كما نجد في العصر الحالي والأمثلة على ذلك كثيرة.
واستحضر في هذا الإطار كيف أن هناك الكثير من الأنظمة التربوية الحالية التي تأخذ بعض الأفكار من الفكر الغربي ومن التجارب والتطبيقات الغربية التي بدأت مع المدرسة الحديثة ولكن نجد بأن جذورها موجودة أيضا في تراثنا الفكري.
ولفت بايشى إلى أن المثال الذي يذكره الدكتور الحسين الموس في هذا الكتاب في الرسالة الأولى المتعلقة بتوريث القيم وكذلك في الرسالة الثانية المتعلقة برعاية المواهب والكفاءات، نجد أنها تنبني بشكل أساسي على تفريد التعليم وعلى ما نسميه بالبيداغوجية الفارقية التي تنبني على شق كبير وعلى فرع من علم النفس الذي هو علم النفس الفارقي.
وأضاف المتحدث “وسنجد في الكتابات الغربية من خلال المعاجم أن التناول الأولي لهذا الموضوع كان تقريبا في السبعينيات حيث وجد أول تعريف بالنسبة للبيداغوجية الفارقية. بينما في تراثنا إذا نظرنا إلى المدارس العتيقة نجد تطبيقا للبيداغوجية الفارقية، فكل طالب له مشروعه المندمج بحيث يوجه كل طالب إلى ما يحسنه ويميل إليه والأستاذ يتابع مع كل واحد هدفه الخاص وفق مشروعه الشخصي.
ونوه بايشى بأن هاتين الرسالتين ليستا ترفا فكريا، بل تجيبان على أسئلة واقعية وتحاول أن تحل قضايا أو أن تتدارس إشكالات متعلقة بالتربية ومتعلقة بالتطبيقات التربوية في الواقع المعاصر ومن هنا تأتي أهميتهما في الرسالة الأولى المتعلقة بتوريث الدين والقيم ومسؤولية الأسرة وفي الرسالة الثانية مقصد رعاية الموهوبين وتوجيه الكفاءات من تأصيل الشاطبي إلى التنزيل الواقعي.
واعتبر بايشى أن التطبيقات التربوية في النظر إلى الواقع وفي استفادة كذلك من الفكر المعاصر يحتاج إلى عقول تأخذ بعين الاعتبار فهم ما هو موجود لدى السلف ولكن أيضا أن تكون خبيرة بما هو موجود في الواقع، لأنه أحيانا قد يتناول الإنسان هذه المواضيع ولكن بدون خبرة تربوية فتخونه تلك الخبرة ويبقى فقط في المفاهيم التراثية الوحيدة، كما قد يأخذ الإنسان الخبير الذي ليس له معرفة شرعية كافية للتعامل مع النصوص التراثية فيجد كذلك إشكالا في استثمار هذه النصوص الاستثمار الأمثل وفي أخذ ما ينبغي أن يأخذه منها في استثماره على أرض الواقع.
ونوه بأن الدكتور الحسين الموس قد جمع بين هذه الأمور فهو في تخصصه الشرعي دكتور في العلوم الشرعية، ومختص في العلوم الرياضية بحيث كان يدرس الأقسام التحضيرية في العلوم الرياضية، وهذا قد أعطاه جانبا مهما جدا من المنطق وجانبا مهما جدا من معرفة العلوم الحديثة المتواجدة في المدرسة وفي الجامعة المغربية، فضلا على الشق التالي المتعلق بالممارسة وهذا شيء مهم جدا، لأن الإنسان حينما يمارس يعرف التحديات ويعرف الواقع ويعرف الكثير من الأمور في أثناء التنزيل، ولهذا فهذا الأمر ما ميز هذا الكتاب.
وأشار المتخصص في التربية والتكوين إلى أنه من المهم كذلك أن هاتين الرسالتين لم تؤلفا هكذا كترف فكري أو ككتاب في التربية أو في النظر إلى النصوص التربية لدى علماء التراث، لكن هاتين الرسالتين قدمهما المؤلف كورقتين بحثيتين للمشاركة في ندوات علمية، وهذه الندوات تجيب على أسئلة واقعية وتحاول أن تحل قضايا أو أن تتدرس إشكالات متعلقة بالتربية، ومتعلقة بتطبيقات التربية في الواقع المعاصر ومن هنا تأتي أهميتهما.
وخلص بايشى إلى أن هذا الكتاب الذي يقدم نموذجين متكاملين الأول يتعلق بتوريث القيم عبر الأجيال وكيفية توريث هذه القيم، والثاني يتعلق باكتشاف المواهب وتوجيهها التوجيه السليم انطلاقا من فهوم السلف مركزا بالأساس بالنسبة لرعاية الموهوبين على ما قام به الشاطبي في موافقاته وفي غيرها.
وركز كذلك على تنزيل هذا ميدانيا من خلال استقراء الواقع ومن خلال كذلك الاستفادة من كتابات التربية المعاصرة في هذا الجانب، سواء تعلقت بالكتابات العربية أو كذلك بالكتابات الأجنبية.
ودعا الخبير التربوي بايشى الدكتور الحسين الموس إلى أن يعرف بهذا العمل في المؤسسات التعليمية، لأنه إذا بقي رهن الرفوف وبقي فقط رهن المكتبات فربما لا تكون الاستفادة به كافية، كما اع دعاه كذلك إلى أن يكون هذا المشروع عملا متواصلا ومشروع عمل مستمر لا يقف فقط عند هذا الجهد الذي قدمه لندوات، ولكن ينطلق ليكون مشروعا فكريا تربويا، خاصة أننا بحاجة ماسة إلى هذا الفكر التربوي الذي يأخذ من تراثنا ويأخذ كذلك من التربية المعاصرة وينزل ذلك على أرض الواقع وفق خلاصات عملية هي التي انتهت بها كل رسالة.