انجيه يدعو إلى إشراك المجتمع في تحيين مبادرة الحكم الذاتي

دعا محمد سالم انجيه إلى إشراك جميع مؤسسات المجتمع لا سيما المجتمع المدني والأحزاب السياسية والنقابات والأعيان وكل ما يمكن أن يسهم في صياغة الصيغة المفصلة والمحينة لمبادرة الحكم الذاتي، وذلك بعد اعتماد مجلس الأمن للقرار الداعم لتسوية نزاع الصحراء في إطار السيادة المغربية، وعدم نسيان الجوار سواء الإسباني أو الموريتاني أو الجزائري.
جاء ذلك خلال مداخلة له بمائدة مستديرة نظمتها حركة التوحيد والإصلاح مساء أمس السبت بمقرها المركزي بالرباط في موضوع: ”قضية الصحراء المغربية في ضوء قرار مجلس الأمن الدولي: الأبعاد والآفاق المستقبلية”.
من أجل ميثاق إعلامي لتأطير الخطاب الوطني حول الصحراء
وانتقد الدكتور انجيه التصلب والتعنت في التصريحات الإعلامية للطرفين رغم سياسة مد اليد التي نهجها ملك البلاد، مشددا على وجوب بقاء مبدأ الوحدة حاضرا عندنا وأن ندافع عنه بكل الأساليب وأن نعامل الناس بأخلاقنا لا بأخلاقهم، والاهتمام بمقومات الوحدة ومقتضياتها أكثر من أن نشغل أنفسنا الآن بتبريرها وتسويغها والدفاع عنها، فهي تحصيل حاصل.
وذهب الباحث المغربي إلى أن الإعلام له دور كبير جدا في معركة الترافع خلال المرحلة القادمة، ومن أعظم أدواره أن يكون إعلام احتواء وبناء ودعم وتوجيه وشرح بدل أن يكون إعلام سب وشتم وقذف، واستخدام مصطلحات مغرقة في الانحطاط في قنواتنا وبعض المواقع الرقمية والإذاعات بما فيها قناة وإذاعة العيون، ووضع سمات إعلام ناصح باني ذو رصانة واتزان ومصداقية واحترافية وانفتاح وتنوع، وترسيخ الرواية الوطنية بناء على أسس الوحدة التي تدعمها دعائم الشرعية التاريخية والدينية والتواصل.
ويرى أنه من بين مظاهر الخلل الابتذال في الإعلام هو الأسلوب العاطفي والانفعال والتركيز على الخصم وتجاهل الذات والتركيز عليه وكشف المثالب، داعيا في هذا الإطار إلى إعداد ميثاق إعلامي ووطني لتأطير الخطاب حول الصحراء.
ترسيخ الوحدة وتجاوز التحديات
وعن كيفية تدبير الوحدة والميل إليها والاقتناع بها في ظل التنوع والاختلاف والمؤثرات التي نتجت عن هذه المرحلة من الصراع التي طالت نصف قرن، استعرض انجيه عددا من الفرص التي ستكون متاحة في ظل الحكم الذاتي منها ترسيخ الاستقرار السياسي والأمني، وتعزيز التنمية الاقتصادية المحلية، وتمكين الساكنة وإشراكهم في القرار، والحفاظ على الهوية الثقافية (الثقافة والهوية الحسانية) من منطلق القيم التي تختزنها والمستوحاة من قيمنا الدينية، وتعزيز صورة البلد دوليا كبلد مستقر يسلم من عوامل الاهتزاز .

وعن التحديات المصاحبة لاعتماد المبادرة الحكم الذاتي، يرى الكاتب المغربي أن أول تحد هو سياسي ودبلوماسي خاصة على المستوى المحلي في ظل وجود نكوص شديد ونكسة فيما يتعلق بالحقوق والحريات لا سيما على مستوى الممارسة السياسية خلال حكومة 2021 وما تلاها من صناعة اليأس والريع، ثم التحدي المؤسساتي والإداري حيث يحتاج العقل المؤسساتي والإداري إلى إعادة تحريك، والتحدي الاقتصادي والاجتماعي، بوجود صناعة لوبيات اقتصادية شديدة جدا في الصحراء، إضافة إلى التحدي البيئي والجهوي.
ومن أجل تجاوز الوضع الحالي، دعا الدكتور سالم انجيه إلى إرساء حكامة جيدة وممارسة جيدة على مستوى الشمال حتى تؤتي أكلها على مستوى الجنوب، والتمكين الاقتصادي والهوية الثقافية والمواطنة، لافتا إلى أن نجاح هذا كله يبقى رهينا بإرادة سياسية ومواطنة واعية ومقاربة تشاركية.
نحو مصالحة دينية واجتماعية وبناء الثقة بين المؤسسات والمواطن
أما على مستوى إسهام الحركات الإصلاحية، دعا انجيه إلى مصالحة دينية واجتماعية ترسخ الاستقرار والتنمية المستدامة، خصوصا وأن الحكم الذاتي ليس فقط تسوية سياسية بل مصالحة روحية واجتماعية واقتصادية، موضحا أن نجاحه رهين بتحقيق العدالة والهوية والتنمية المتوازنة، مشددا على أن البعد الديني والاجتماعي هو صمام الأمان ضد العودة إلى الانقسام.
وطالب بإشراك المغاربة بالصحراء في الشأن الديني وعدم الاستفراد من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية كي يكون البعد الديني حاضرا بقوة وأن يكون أداة وحدة روحية ذات تعبئة سياسية، وتفعيل المجالس العلمية بالأقاليم الصحراوية التي تكاد تكون ميتة إذ يغلب عليها العقل الأمني من خلال التضييق والتشديد والإقصاء.
واقترح الدكتور محمد سالم انجيه إدماج التربية على القيم والتسامح في مناهج التعليم الجهوي لإعطاء فرصة للمناهج المحلية والجهوية، وإطلاق برامج الدبلوماسية الروحية بالصحراء، على خلاف التي يغلب عليها اليوم الطابع السياحي والفلكلوري والفارغة من المحتوى وهي مؤتمرات سياحية أكثر منها ذات تأثير على المحيط المحلي.
كما حثّ على رأب التصدعات وبناء الثقة بين المسؤولين والدولة المركزية والجهات الإقليمية وبين المواطن والمسؤولين في ظل غياب الثقة وضرورة معالجتها والاستماع والاعتراف، وإعادة إنتاج ما يسمى بهيئة الإنصاف والمصالحة بشكل أو بآخر عبر تخصيص تعويض مادي ومعنوي متوازن، وقد كان في الخطاب الملكي الأخير من الرسائل الشيء الكثير جدا من أجل تفعيله والتجاوب معه من طرف المؤسسات الرسمية والإعلامية بدل أن تبقى أسيرة لخطاب دعائي وعدواني ومشكك، وحث أيضا على الإدماج السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتفعيل آليات العدالة الاجتماعية والمواطنة والشاملة.




