الوقفة التضامنية الأسبوعية بمدينة مكناس إيقاظ للوعي وحفظ للذاكرة – عبدالهادي بابا خويا
منذ بداية معركة طوفان الأقصى دأبت عدة فعاليات بمدينة مكناس، تحت إطار المبادرة المغربية للدعم والنصرة، على إقامة فعالية أسبوعية تضامنية كل يوم خميس بساحة سينما “كاميراط. وهي عبارة عن وقفة شعبية تردد فيها الشعارات الحماسية والأناشيد الفلسطينية، إضافة إلى كلمة مركزية تساهم في بناء وعي جماعي مقاوم وتعزز قيم الصمود والثبات، وتختتم بدعاء خاشع للمرابطين والمجاهدين..
وباتت هذه الوقفة منبرا يجمع أبناء مدينة مكناس، للتعبير عن تضامنهم اللا محدود مع أهل غزة وفلسطين وكذا لبنان، ورمزا لتعزيز معركة الوعي وإحياء فكر الكرامة والحرية، وتجديد العهد مع مقولات التحرير والإستقلال، وإثارة أسئلة التطبيع ومآلاته وضرورات المقاطعة وحتميتها في صيرورة الصراع.
وبفضل هذه الوقفة المباركة التي تضاف إلى فعاليات تضامنية أخرى، نالت مدينة مكناس شرف لقب “قدس المغرب”، تتويجا لتاريخها المجيد في الرباط والجهاد والدفاع عن حوزة الوطن وكرامة المواطنين، وفي حفظ ذاكرة المغرب ومسؤولياته اتجاه أهل المشرق، الذي تربطه بهم أواصر الأخوة والعقيدة وأمانة الدفاع على المقدسات..
لقد ساهمت هذه الوقفة في حفظ ذاكرة مدينة مكناس الجهادية، وصانت إرثها النضالي وإشعاعها الثقافي، الذي نرى آثاره في مساجدها ومعاهدها وأبوابها وبروجها وأضرحتها وساحاتها.. ففي كل شبر من المدينة ذكرى للمقاومة وأثر لحركة المجاهدين، ومشاريع وأوقاف لرعاية هذه الهوية، ودعم أدوارها ووظائفها.
أولا- فقرات الوقفة التضامنية:
تهدف هذه الوقفة التضامنية إلى التعبير عن دعم ساكنة مدينة مكناس للشعب الفلسطيني، ضد العدوان الهمجي للكيان الصهيوني المستمر منذ طوفان الأقصى، يشارك فيها حشد جماهيري من المتضامنين الذين يحملون الأعلام الوطنية والفلسطينية، ولافتات وشارات ورموز مؤيدة لكفاح الشعب الفلسطيني.
وتبقى أهم فقرات هذه الوقفة التضامنية هي:
1- ترديد الشعارات:
يختار المنظمون شعارات الوقفة بعناية فائقة، لأنها تحمل رسائل واضحة وترديدها يساهم في نشر الوعي وفهم القضية بشكل أفضل.
2- أغنية حماسية:
حفاظا على زخم التضامن وتجديدا لعزيمة المشاركين في الوقفة، يذاع فيها عبر مكبرات الصوت أغنية/ أنشودة محددة سلفا، لزيادة حماس الحضور وتحفيز مشاعرهم نحو القضية، وتشجيعهم على الدعم المستمر لها.
3- كلمة مركزية:
تلقى في كل وقفة كلمة موجزة، تخصص لشرح شعار الوقفة وتسليط الضوء على بعض القضايا، الخاصة بتطورات المعركة القائمة على مختلف الواجهات، وما تحتاجه من دعم وإسناد متعدد الأشكال.
4- دعاء خاشع:
تختتم الوقفة بالتضرع لله تعالى والتوجه إليه بأجمل الكلمات وأرقى الدعوات، لتفريج هم أهل فلسطين والتمكين لهم بنصر قريب وفتح دائم.
هذه الفقرات تشكل في مجموعها وبهذا الترتيب، هوية الوقفة التضامنية لساكنة مدينة مكناس، وسمة خاصة بها تميزها عن غيرها، وتجعلها إضافة نوعية إلى أشكال التضامن التي تقام بالمدينة أو في غيرها من المدن المغربية الأخرى.
ثانيا- أهداف الوقفة التضامنية:
تعتبر هذه الوقفة الأسبوعية وسيلة للتعبير عن الأفكار الجماعية والمعتقدات المشتركة، وأيضا لإثارة الإحساس بالألم الذي يشعر به المغاربة عموما وساكنة مكناس خاصة، من جراء العدوان الصهيوني الغاشم على أهل الشام وبخاصة على غزة العزة، وما خلفه من أوضاع مأساوية على كل الأصعدة. كما أنها فرصة لإظهار التضامن مع الشعب الفلسطيني، ودعم حقه في التحرر وتقرير مصيره، والعيش بكرامة مثله مثل باقي البلدان والشعوب، وما يستلزمه ذلك من فضح انتهاكات العدوان وممارساته الوحشية، والمطالبة بتحرك دولي عاجل لوقف وإنهاء معاناة السكان الأصليين ومعاقبة المعتدي، ودعم جهود تقديم العون والمساعدة للضحايا.. فهي وقفة يعبر من خلالها الحاضرون عن وحدة انتمائهم، وأن ما يجري في فلسطين ولبنان وكل المنطقة، هو قضيتهم وجزء من همهم اليومي وانشغالهم الدائم. فرغم بعد المسافات وكثرة الحدود والعقبات، إلا أن روح التضامن والتعاون تسري في الدماء، تقويها عقيدة راسخة وتاريخ مشترك ومصير واحد.
لكن تبقى هذه الوقفة الرمزية، محطة لرفع الوعي الجماعي بهذه القضية، وتأطير الجماهير فكريا وثقافيا وقيميا، بإثارة المفاهيم الأساسية للنضال والتعبئة والمدافعة السلمية، وتعزيز الشعور الفطري وتقوية الهوية المشتركة بين الحاضرين، ودفعها لتؤثر في واقعهم وفي سلوكهم وعلاقاتهم من اجل تبني مواقف موحدة عن القضية، وتحفيز الرأي العام المحيط والنخب المواكبة، على الإنضمام والخروج من حالة الإنسحاب واللاموقف.
في المحصلة، لقد شكلت هذه الوقفة التضامنية الأسبوعية بهويتها السالفة الذكر، نقطة تحول بارزة في الفعل النضالي التضامني للساكنة المكناسية، بمواقف مساندة متوازية، ومبادرات تضامنية فعالة، ومشاركة نوعية في أشكال تضامنية وطنية.
عبدالهادي باباخويا