الوقاية والتوعية.. أساسيات خطة عمل مبكرة لمكافحة الحرائق بالمغرب

أعلنت السطات المغربية مؤخرا عن خطة عمل مبكرة بتكلفة 16 مليون دولار لمكافحة حرائق الغابات الصيف المقبل. وكشفت اللجنة المديرية للوقاية ومكافحة حرائق الغابات التابعة للوكالة الوطنية للمياه والغابات (رسمية)، عن إجراءات مالية ولوجستية وتقنية وتخصيص نحو 16 مليون دولار لتعزيز جهود مكافحة حرائق الغابات خلال صيف 2025.
كما أعلنت الوكالة الوطنية للمياه والغابات توفير وسائل للحد من اندلاع الحرائق، من خلال تعزيز دوريات المراقبة للرصد والإنذار المبكر، فضلا عن استراتيجية التدخل المبكر، وحملات التوعية، وإصدار النشرات والبيانات التحذيرية بشأن مخاطر حرائق الغابات.
وحسب بيان للوكالة، تشمل الوسائل الحد من اندلاع الحرائق فتح وصيانة مسالك ومصدات النار بالغابات، وتهيئة نقاط توفر المياه وصيانة أبراج المراقبة، إضافة إلى شراء سيارات جديدة للتدخل الأولي.
تراجع عدد الحرائق
قال المدير العام للوكالة عبد الرحيم هومي، إن عدد حرائق الغابات المسجلة في المغرب خلال عام 2024 بلغ 382 حريقا، مسجلا تراجعا بنسبة 82 بالمئة مقارنة بعام 2023. وأوضح في بيان سابق للوكالة، أن الحرائق التهمت حوالي 874 هكتارا، وتشكل الأعشاب الثانوية والنباتات الموسمية نحو 45 بالمئة من المساحات المتضررة. ولفت هومي إلى أن “الغالبية العظمى من حرائق الغابات تُعزى إلى ممارسات بشرية غير مسؤولة”.
وتغطي الغابات نحو 12 بالمئة من مساحة الأراضي المغربية، وتتعرض سنويا لحرائق تتفاوت في شدتها حسب الظروف المناخية والسلوك البشري.
تقلبات المناخ
الخبير المغربي في البيئة شكيل عالم، أشاد بإطلاق الخطة المبكرة لمكافحة الحرائق في بلاده، ودعا إلى “تقوية جانب التوعية والوقاية، من أجل ضمان نجاح الخطة”. وقال لوكالة لأناضول: “رغم الإمكانات المالية والتقنية المرصودة للخطة، إلا أن المناخ أحد أبرز العوامل المتحكمة في الحرائق”.
وأشار الخبير المغربي إلى أن “دولا متقدمة وجدت صعوبة في التحكم في الحرائق بسبب صعوبة المناخ واندلاع رياح قوية، مثل ما وقع بالولايات المتحدة وكندا”. وأوضح أن “عملية مكافحة الحرائق تتعقد إذا كانت الظروف المناخية غير ملائمة، ما يصعب عملية التدخل”، لافتا إلى أن “الجفاف أحد العوامل المساهمة في الحرائق”.
وأشارت الوكالة الوطنية للمياه والغابات إلى أن مناطق الغابات المعرضة للخطر تميزت خلال الصيف الماضي بظروف مناخية أقل ملاءمة لاندلاع وانتشار الحرائق.
وفيما يتعلق باستراتيجية التدخل المبكر لمحاربة الحرائق، أفادت الوكالة أن السياسة الوقائية التي تبناها الشركاء المعنيون، بما في ذلك وزارة الداخلية والوقاية المدنية والقوات المسلحة الملكية (الجيش)، ساهمت في السيطرة على 95 بالمئة من الحرائق قبل أن تصل المساحة المتضررة إلى 5 هكتارات (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع).
الوقاية مفتاح النجاح
وأوضح الخبير المغربي أن “الوقاية هي مفتاح نجاح التحكم في الحرائق، من الضروري تنقية الغابات من الأشجار القديمة والميتة والتي تعد أحد أسباب الانتشار الكبير للحرائق”.
وأضاف: “رغم أن السلطات تعمل على تنقية جنبات الطرقات وبعض المناطق الأخرى، إلا أنه يجب أن تشمل العملية باقي المناطق الأخرى المهددة بالحرائق، خاصة في الشمال والشمال الشرقي”.
وأشار إلى أن مناطق الشرق تحوي غابات قديمة، مثل سيدي بوعافة وتافوغالت والغابات القريبة من مدينة الناظور، محذرا من تسبب الأشجار القديمة والميتة في الحرائق، لكونها يابسة ولها قابلية كبيرة للاشتعال.
ودعا الخبير إلى غرس أشجار جديدة في تلك المناطق للمحافظة على التنوع البيئي، والاعتماد على أشجار ليس لها قابلية كبيرة للاشتعال وتمتاز بقدرة كبيرة على تحمل تقلبات المناخ.
التوعية أولا
وقال الخبير البيئي إنه “رغم جهود السلطات في الوقاية، إلا أنه يجب تكثيف حملات التوعية سواء لساكني الغابات أو للزوار”. وأوضح أن “الكثير من الأفراد ليس لديهم ثقافة التعامل مع الغابات، ما يقتضي إطلاق حملات توعية، خاصة في هذه الفترة التي تشهد إقبالا للمواطنين على زيارة الغابات”.
وعملت الوطنية للمياه والغابات أيضا على نشر منتظم لنشرات وبيانات تحذيرية بشأن مخاطر حرائق الغابات، وتعميمها عبر مختلف وسائل الإعلام الوطنية، خاصة خلال الفترات الحرجة من فصل الصيف.
وأضافت أن النشرات والبيانات تشكل “آلية أساسية لتوعية السكان المحلية وتعزيز مستوى اليقظة والاستعداد لدى كافة المتدخلين”.
دعوة لليقظة
وتعتبر الوكالة أن الغالبية العظمى من حرائق الغابات تعزى إلى “ممارسات بشرية غير مسؤولة”. ودعت في بيانات سابقة، جميع مرتادي الغابات – مثل المخيمين والرعاة ومنتجي العسل وممارسي رياضة المشي في الطبيعة- إلى التحلي بأقصى درجات اليقظة، وتفادي استعمال النار في الغابات، خصوصا خلال فصل الصيف.
ودعت جميع السكان إلى “تبليغ السلطات المختصة فورا عن أي مؤشر لحريق، سواء كان دخاناً أو نيرانا أو سلوكاًمشبوها”. وأوضحت الوكالة أن مناطق الغابات في المغرب، على غرار نظيراتها في منطقة البحر الأبيض المتوسط، من بين المناطق الأكثر عرضة لمخاطر الحرائق، نظرا لارتفاع قابلية الاشتعال خلال فصل الصيف، بفعل عوامل مناخية أبرزها ارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض نسبة رطوبة الهواء، وشدة الرياح الجافة.
وكالة الأناضول