توقيف صفقة “مخاطر الفساد في الصحة”.. بين تضارب المصالح ويقظة الصحافة

أعلنت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها عن توقيف تنفيذ صفقة إعداد «خريطة مخاطر الفساد في قطاع الصحة»، على إثر ما تم تداوله من طرف بعض المنابر الإعلامية الإلكترونية بشأن وجود شبهة فساد تتعلق بتضارب مصالح تتعلق بالشركة النائلة للصفقة.

وأوضح بلاغ الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أن رئيس الهيئة أصدر قرارا يقضي بتوقيف تسليم أمر بالخدمة المتعلق بالشروع في تنفيذ الأشغال مؤقتا إلى نائلها، معللا ذلك بـ”حرص الهيئة على ضمان أعلى درجات الشفافية والنزاهة في تدبير طلبات العروض”.

وأضاف ذاته أن رئيس الهيئة قرر أيضا إحالة ملف الصفقة رقم 07/2025 المتعلق بإنجاز “خريطة مخاطر الفساد في قطاع الصحة” بكافة وثائقه على اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية، للبت فيه وفقا للمقتضيات القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل.

وأشار البلاغ إلى أن قرار الإحالة جاء استنادا إلى المقتضيات الدستورية والمعايير الدولية المعتمدة في مجال الوقاية من تضارب المصالح، بما يضمن الاحترام التام لمبادئ الشفافية والمساواة وتكافؤ الفرص.

وأكد نفسه أن الهيئة ستوافي الرأي العام بالقرار النهائي الذي سيتخذه مجلسها في الموضوع على ضوء قرار اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية، وخلاصات ما ستسفر عنه التحريات والإجراءات المأمور بها.

وقال بلاغ الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها “يأتي هذا القرار في إطار النهج الصارم الذي تعتمده الهيئة في صون مصداقية عملها ومواصلة ترسيخ مبادئ النزاهة والشفافية في تدبير المال العام والسياسات العمومية”.

ويحدد إعلان طلب العروض الصادر عن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها الكلفة التقديرية لأعمال الصفقة بـ2490000 مليون درهم مع احتساب الرسوم، كما حددت مبلغ الضمان المؤقت في 50 ألف درهم. 

غير أن تحقيقا صحفيا نشرته صحيفة إلكترونية كشف أن المكتب الفائز بصفقة إنجاز دراسة «خريطة مخاطر الفساد في قطاع الصحة» وهو مكتب Forvis Mazars (فرنسي-أمريكي)، يرتبط بعقد استشاري وتجاري مع مجموعة “أكديطال”.

ونشر الموقع الرسمي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها 7 وثائق تتعلق بصفقة دراسة حول إعداد خارطة لمخاطر الفساد في ثلاث مجالات في قطاع الصحة، مبينة أن المكتب نائل الصفقة هو مكتب Forvis Mazars”.

وتعليقا على هذا الموضوع، قالت ثورية عفيف عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب “يشكل تضارب المصالح المتفشي في حكومة “تستاهلوا أحسن” أزمة هيكلية، تهدد أسس النزاهة والتنمية الوطنية. في قلب هذا الفساد المؤسسي يقف رئيس الحكومة، يفضل المكاسب الخاصة على العامة والدلائل على ذلك عديدة، وتراجع المغرب إلى المرتبة 99 في مؤشر الفساد 2024، أحد المؤشرات”.

وأوضحت في تصريح لموقع “الإصلاح” أن في قلب هذا الفساد تبرز صفقة 07/2025، البالغة قيمتها نحو 2.49 مليون درهم وتهدف إلى إعداد “خريطة مخاطر الفساد في قطاع الصحة” التي منحت لشركة “Forvis Mazars”، وهذه الأخيرة ليست إلا مدققة حسابات “أكديتال”، مستغربة من أن الحكومة التي يفترض فيها أن تحارب الفساد هي نفسها التي تحميه: حاميها حراميها!.

وأشارت إلى أن المصحات الخاصة انتشرت بشكل غريب في كل ربوع الوطن مع انطلاق دعم التغطية الصحية، وحققت أرباحا قياسية في عز أزمة الصحة وتدهور المستشفيات العمومية، مشددة على أن هناك حديث عن علاقة ملكية محتملة لرئيس الحكومة بها، قائلة “مما أثار شبهات تضارب مصالح فورية أدت إلى توقيفها مؤقتا في 15 أكتوبر 2025”.

وتساءلت عفيف كيف لمستخدم عند أكبر مهيمن في قطاع الصحة الخاصة مع العلاقات المحتملة مع رئيس الحكومة أن يرسم خريطة مخاطر الفساد في قطاع الصحة؟ قائلة “هذا لن يكون غريبا عن حكومة “الكفاءات” في تضارب المصالح، التي برهنت عن كفاءاتها اللامتناهية في السطو على ملايير الدراهم من أموال الشعب عبر قوالب شكلت بدقة لتوضع في جيوبها وجيوب الموالين لها فمن الدعم، إلى الاعفاء من الجمارك والرسوم، إلى الاستفادة من صفقات ضخمة ولازال “العاطي يعطي”.

وعلق الباحث الاقتصادي سمير شوقي على حدث الإيقاف المؤقت للصفقة، موضحا أنه يأتي بعد إنفراد جريدة “كاب أنفو” حول تضارب المصالح في صفقة افتحاص القطاع الصحي، قائلا “أعلنت الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة توقيف الصفقة وإجراء تحقيق. هنا لا يمكن إلا أن نثنيَ على رئيس الهيئة محمد بنعليلو. ما أحوجنا لمسؤولين ينصتون لصحافة التحقيق و يتفاعلون مع نبض الشارع”.

موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى