الهجرة العكسية من الكيان الإسرائيلي تتزايد بعد 7 أكتوبر وتثير قلقا اقتصاديا

كشفت بيانات من المكتب المركزي للإحصاء بالكيان الإسرائيليالمحتل عن ارتفاع كبير في عدد “الإسرائيليين” الذين اختاروا مغادرة البلاد، حتى قبل اندلاع الحرب الحالية، مما يؤشر إلى إمكانية تعرض البلاد إلى ضائقة اقتصادية.

وتحدث تقرير مؤسسة شورش للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية عن زيادة حادة بلغت 42% في أعداد الإسرائيليين الذين قرروا العيش خارج حدود الكيان مع 24 ألفا و900 مغادر منذ تولي حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو السلطة في نونبر 2022، مقارنة بمعدل 17 ألفا و520 في فترات سابقة.

في المقابل، أظهرت البيانات انخفاضا بنسبة 7% في عدد العائدين إلى الكيان الإسرائيلي بعد العيش في الخارج، حيث عاد 11 ألفا و300 إسرائيلي فقط خلال عام 2023 مقارنة بمتوسط 12 ألفا و214 في العقد الماضين بفجوة تتجاوز 44% لصالح المهاجرين.

وأوضح التقرير أن هذا الاتجاه المتزايد للهجرة قد ينذر بتداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة على المدى الطويل، خاصة في ظل الأزمات السياسية والأمنية المستمرة، معتبرا أن هذه المعطيات إشارة إلى ضائقة اقتصادية وسياسية تتطلب تدخلا فوريا في السياسات.

ويؤكد التقرير ضرورة تبني إستراتيجيات تحافظ على المواطنين وتجذب العائدين من الخارج، ويدعو إلى استخدام هذه البيانات بشكل مدروس لضمان مستقبل ديموغرافي واقتصادي مستدام لإسرائيل.

ووفقا لتقرير سابق لصحيفة جيروزالم بوست “الإسرائيلية”، فإن البيانات الصادرة توحي بواقع “مرير”، ففي عام 2023، هاجر 55 ألفا و400 شخص، وأظهرت البيانات أيضا أن 39% من المهاجرين في عام 2023 كانوا من المناطق الأكثر ثراء في البلاد، بما في ذلك تل أبيب والمنطقة الوسطى، في حين غادر 28% من حيفا والشمال، و15% من الجنوب. وحتى القدس ساهمت بنسبة 13% من مجموع المهاجرين، وكان نصيب “يهودا والسامرة” (الضفة الغربية باستثناء القدس الشرقية) 5% منهم.

واعتبرت الصحيفة أن هذا يعني أن الكيان يخسر قوى عاملة كبيرة في سن يدخل فيه كثيرون إلى سوق العمل أو يتابعون دراستهم أو يتلقون تدريبا في الخارج. ومن بين المهاجرين، شكّل العُزّاب 48% من الرجال و45% من النساء. وهاجر حوالي 41% منهم مع شريك حياته/حياتها، مما يعزز الانطباع بأن كثيرين من هؤلاء هاجروا بصورة نهائية.

وبينما يعرف الكيان الإسرائيلي ارتفاع حدة الهجرة نحو الخارج، دعا رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت يهود العالم إلى إطلاق هجرات جماعية إلى الكيان، مشيرا إلى أن هناك فرصة ذهبية للهجرات الجماعية اليهودية من العالم إلى الكيان.

وقال بينيت، في مقال نشرته القناة السابعة الإسرائيلية على موقعها، إن اليهود في الشتات شعروا بصدمة كبيرة يوم 7 أكتوبر (طوفان الأقصى)، وتحركوا على الفور لمساعدة “إسرائيل” بأي شكل من الأشكال، حيث أكد أنه قام برحلة إلى الجامعات والمجتمعات اليهودية في الولايات المتحدة وحول العالم، ودعا اليهود الذين التقاهم إلى زيارة “إسرائيل” وعدم الصمت عندما تتعرض لهجوم.

ويتضح أن الكيان الإسرائيلي المحتل دخل منعطفا لم يسلكه منذ عام 1948، منذ عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023، وباتت الدولة التي كان يروج ساستها أنها المكان الأكثر أمانا، تحت نار صواريخ المقاومة وضغط الحرب.

وأفادت تقارير بمغادرة نحو نصف مليون إسرائيلي بعد بدء الحرب على قطاع غزة، وتجاوز عدد الإسرائيليين الذين قرروا العيش خارج الكيان الإسرائيلي أعداد العائدين بنسبة 44%.

وأظهرت البيانات انخفاضًا بنسبة 7% في عدد العائدين إلى الكيان بعد العيش في الخارج، إذ عاد 11 ألفا و300 إسرائيلي فقط خلال عام 2023، مقارنة بمتوسط 12 ألفا و214 في العقد الماضي.

وتتصاعد الهجرة العكسية في الكيان لأسباب أمنية واقتصادية، ما يضع الاحتلال أمام انعطافة ديموغرافية تهدد مستقبل “الدولة اليهودية”، خاصة وأن اتجاهات الهجرة بدأت ترتفع مع وجود حكومة اليمين ومحاولات تغيير النظام السياسي الإسرائيلي من خلال مشروع الانقلاب القضائي.

كما أن ارتفاع مؤشرات الهجرة بشكل ملحوظ بعد طوفان الأقصى، يأتي بسبب زعزعة فكرة الوطن القومي الآمن لليهود، التي كان يروج لها الاحتلال على مدار عقود لاستقطاب يهود العالم، بالإضافة إلى أن الأزمة الاقتصادية والخسائر التي يتكبدها الاحتلال في إنفاقه على الحرب، والضغط على جنود الاحتياط واستمرار خدمتهم لفترات طويلة، فضلاً عن تغلغل اليمين المتطرف في مفاصل الحكومة، عوامل ساهمت مجتمعة في تشجيع الهجرة العكسية لليهود.

فالهجرة الداخلية من القدس إلى “تل أبيب”، كانت دائما موجودة من قبل الفئات الليبرالية بسبب القيود التي يفرضها اليهود المتدينين “الحريديم” على الحياة اليومية، وتتركز في أوساط الليبراليين العلمانيين، والمهنيين الذين يديرون عجلة اقتصاد الاحتلال.

ويتكتم الاحتلال على حقيقة الأرقام المتعلقة بالهجرة العكسية أو عودة اليهود إلى أوطانهم الحقيقية، إلا أن الأرقام التي تتضح في مفاصل أخرى للدولة مثل مؤسسات التأمين الصحي تظهر عزوفا وتراجعا في الرغبة بالعيش داخل “إسرائيل”.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 10 آلاف إسرائيلي هاجروا إلى كندا هذا العام، في حين حصل حوالي 8 آلاف على تأشيرات عمل، وهي زيادة كبيرة عن أعداد العام الماضي، كما تقدم أكثر من 18000 آخرين بطلب جنسية ألمانية في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.

وأفاد تقرير لـ “هآرتس” بأن من يغادرون هم رأس مال بشري نوعي، ومغادرتهم تعرض استمرار النمو الاقتصادي في “إسرائيل” للخطر، إذ بلغت الزيادة في نسبة الأثرياء الباحثين عن الهجرة نحو 250%، ليتراجع أعداد أصحاب الملايين في “إسرائيل” من 11 ألف إلى 200 مليونير فقط.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى