المقاطعة الشعبية.. خسائر موثقة بتقارير مالية لشركات دعمت الكيان الإسرائيلي

في تحول يعكس البعد الاقتصادي للمقاطعة الشعبية، تواجه شركات كبرى عالمية اتهامات متزايدة بالتورط في دعم الكيان الإسرائيلي المحتل، مما جعلها عرضة لخسائر مالية متراكمة انعكست بشكل واضح في الأسواق العالمية.
وتكبدت أسهم تلك الشركات تراجعات وصلت إلى 15 بالمئة، وسط تصاعد لحملات المقاطعة التي باتت تحظى بزخم شعبي متنام منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023.
ورغم محاولات هذه الشركات الالتفاف على الحملات عبر إنفاق ملايين الدولارات في الدعاية والإعلان، إلا أن تقاريرها السنوية الأخيرة بدأت تكشف حجم الضغط الممارس عليها.
وظهر مصطلح “المقاطعة” للمرة الأولى بشكل صريح في التقارير السنوية للشركات المستهدفة، وهو ما اعتبره خبراء مؤشرا على إدراك عميق لتأثير هذه الحملات على سمعة الشركات ومكانتها في الأسواق الدولية.
خسائر متراكمة
ويرى عضو هيئة التدريس في كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة بهتشه شهير التركية الأستاذ براق دوغان، خلال حوار مع الأناضول أن الخسائر الأولية لحملات المقاطعة بدت جلية في أسواق المال.
وقال دوغان، أحد المشاركين في إعداد تقرير لمركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي التابع لمؤسسة “إلكه” (تركية مقرها إسطنبول): “قمنا بدراسة آثار المقاطعة خلال الفترات الأولى (من الحرب على غزة)، ولاحظنا أن أسعار أسهم الشركات المستهدفة تراجعت بين 10 و15 بالمئة.”
وأوضح أن بيانات عام 2024 عكست بوضوح بداية مرحلة جديدة من التراجع في مبيعات تلك الشركات، خصوصا في تركيا، حيث انكسر مسار النمو التصاعدي الذي كانت تسجله خلال السنوات السابقة.
وأكد أن هذا التراجع لم يكن ظرفيا أو قصير الأمد، بل استمر على مدى عدة أرباع مالية متتالية، “ما يعني أن أثر المقاطعة أصبح جزءاً من المشهد الاقتصادي طويل المدى”.
وأشار دوغان إلى أن حملات المقاطعة ضد منتجات مرتبطة بإسرائيل ليست جديدة، إذ تعود بدايتها إلى عام 2005، حين أعلنت أكثر من 170 منظمة مجتمع مدني فلسطينية “حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات”.
هذه الحملة، التي سرعان ما تحولت إلى حركة عالمية، استهدفت شركات متعددة الجنسيات من أبرزها “مايكروسوفت” و”إنتل” و”كارفور” و”شيفرون”، وغيرها من الشركات التي وصفت بأنها متورطة في دعم إسرائيل واستدامة منظومتها الاقتصادية.
المقاطعة موثقة رسميا
ولفت دوغان إلى أن بعض الشركات العملاقة التي لم يعد بإمكانها إنكار أثر المقاطعة، فقد اضطرت شركات مثل كوكاكولا وستاربكس إلى الاعتراف بشكل غير مباشر بتأثير هذه الحملات، حيث ظهر مصطلح “المقاطعة” لأول مرة في تقاريرها السنوية الأخيرة.
وأضاف “في تقرير كوكاكولا وردت كلمة المقاطعة مرة واحدة، بينما وردت في تقرير ستاربكس ست مرات”. واعتبر أن هذا التغير في الخطاب المؤسسي “يعكس إدراكا عميقا من قبل هذه الشركات لخطورة الحملة على استقرارها المالي وسمعتها التجارية”، مؤكدا أنها لجأت في المقابل إلى استراتيجيات تسويقية وإعلانية مكثفة لمحاولة مواجهة التأثير المتصاعد.
الضغط الشعبي
وشدد الأكاديمي التركي على أن الأثر الحقيقي للمقاطعة يكمن في الاستمرارية، مشيرا إلى أنه “ليس المهم أن ينضم مقاطعون جدد، بقدر ما هو مهم أن يستمر الذين بدأوا بالمقاطعة في موقفهم. الشركات بالفعل تتعرض لخسائر جسيمة”. وطالب المقاطعين بالاستمرار في تبني هذه المنهجية.
وبالتأكيد على أن تراكم الضغوط الاقتصادية والاجتماعية قد يساهم في خلق وعي عالمي جديد، يمكن أن ينعكس في نهاية المطاف على السياسات الإسرائيلية.
وختم دوغان حديثة بالإعراب عن أمله بأن يؤدي “هذا الوعي إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة.” وجراء المقاطعة الاقتصادية، أعلنت شركات غربية إغلاق أبوابها في بعض دول المنطقة، مثل “كارفور” و”كنتاكي” و”بيتزا هت”، بالإضافة إلى تضرر الاقتصاد الإسرائيلي جراء المقاطعة وتداعيات استمرار الإبادة.
وبحسب موقع وصلة للاقتصاد الإسرائيلي (خاص)، فإن 60 ألف شركة إسرائيلية أغلقت أنشطتها عام 2024. كما تراجعت السياحة الوافدة إلى إسرائيل بنحو 70 بالمئة خلال العام الماضي، مقارنة مع 2023، بحسب مكتب الإحصاء الإسرائيلي، حيث انخفضت إلى 952 ألف سائح في 2024، بعدما كانت 3 ملايين سائح خلال 2023.
كذلك تضررت الكثير من الشركات الأمريكية جراء المقاطعة الشعبية، مثل “دومينوز”، و”ماكدونالدز”، و”ستاربكس”.
وكالة الأناضول