المقرئ الشيخ بوشعيب مفكير الدكالي
الأستاذ المقرئ الفقيه السيد بوشعيب مفكير الفرجي العماري الحشادي الدكالي. ولد حوالي سنة 1935م/ الموافق 1353ه بدوار الحشاشدة أولاد عمارة بأولاد فرج. وفيها حفظ القرآن الكريم برواية ورش وهو في سن العاشرة من عمره، ليتفرغ بعدها للقراءات السبع بزاوية مولاي الطاهر القاسمي الشهيرة بتدريس القراءات السبع، فأخذها على يد شيخه العلامة الأستاذ المقرئ الماهر السيد بن زهرة الفرجي (ت1412ه) ولم يفارقه إلا وهو ماهر بحفظها عالم بعلومها حافظ لمتونها.
انتقل بعدها إلى الزاوية البحياوية الشخاشخية فقرأ على شيخها العلامة الفقيه سيدي عبد الرحمن الزواوي الإدريسي الشهير بالفقيه سيدي الحاج، وعنه أخذ مبادئ العلوم الشرعية واللغوية. ليشد بعدها الرحلة إلى جامعة ابن يوسف بمراكش آخذا عن كبار أعلامها، إلى أن حصل منها على الشهادة الثانوية سنة 1957م الموافق1377ه.
التحق رحمه الله تعالى بمدرسة المعلمين بمراكش وتخرج منها سنة 1959م الموافق 1379ه ضمن أول فوج للمعلمين بالمغرب.
عين رحمه الله معلما بالسلك الابتدائي بمدينة اليوسفية، وفي سنة 1974م الموافق 1394ه انتقل إلى مدينة الجديدة أستاذا بالمعهد الإسلامي ثانوية القاضي عياض للتعليم الأصيل حاليا، وفي هذا المعهد تخرجت على يده أجيال عديدة، إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1996م الموافق 1417ه.
وإلى جانب عمله الوظيفي ، كان يلقي دروسا في الفقه والوعظ والإرشاد بمختلف مساجد الجديدة، وأسندت إليه الخطابة بمسجد الباشا حمو أو مسجد بوشريط . وذلك من سنة 1974م الموافق 1394ه إلى غاية 18جمادى الأولى عام 1437م الموافق26 فبراير 2016م بعد أن أقعده المرض عن أداء مهمته النبيلة .كما كان رحمه الله ضمن اللجنة العلمية لتزكية الأئمة والخطباء بالمجلس العلمي بالجديدة.
عرف رحمه الله تعالى بدماثة خلقه وتواضعه وابتعاده عن الأضواء والشهرة، واعتكافه على قراءة القرآن طول حياته، فقد حدثني الأستاذ المقرئ السيد موسى الحمدي حفظه الله بأنه كان يزوره في كل سنة ببيته ويجلس معه مدة يومين أو ثلاثة أيام يختمون خلالها سلكة بالقراءات السبع.
وقد شهد للفقيه علماء كبار ببراعته وإتقانه للعلوم الشرعية خاصة علم القراءات الذي كان فيه عمدة ومرجعا، ويُعدّ رحمه الله تعالى من بقية القراء السبعاويين المهرة المتقنين بدكالة وهم اليوم قلة قليلة.
وقد ذكرته ذات مرة في زيارة لشيخنا الإمام العلامة الشريف مولاي مصطفى البحياوي فقال حفظه الله :” عالم متقن ماهر بالقراءات، هيّن ليّن لا يتكلم، وإذا تكلم، تكلم بسكون، حتى إن الذي لا يعرف قدره يظنه لا يعرف شيئا”. أو كما قال حفظه الله.
توفي رحمه الله تعالى بعد مرض طويل ألزمه الفراش صبيحة يوم الأربعاء 24 رجب 1444 الموافق 15 فبراير 2023م ببيته بالجديدة، ووري جثمانه الثرى ظهرها بمقبرة الرحمة بالجديدة ، وحضر جنازته جمهور غفير من محبيه وتلامذته ومعارفه، رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته.
عبد الهادي جناح