المساجد بيوت الله وعُمارها ضيوفه

عباد الله، إن المساجد بيوت الله في الأرض، من أحب الله تعالى أكثر من زيارة بيوت الله، والضيف إذا نزل عند كريم عظيم لا شك أنه ينال من كرمه ومن فضله وعطاءاته ومن جوده وكرمه، فكيف بمن حل ضيفا عند أكرم الأكرمين؟ عند رب العالمين، ولذلك قال ربنا عز وجل “إنما يعمر مساجد الله”، إنما للحصر إي لا يعمر مساجد الله إلا هؤلاء: “من آمن الله واليوم الأخر وأقام الصلاة واتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين”، نسال الله أن نكون من هؤلاء المهتدين.

وأخرج مسلم في صحيحة في كتاب المساجد من أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (أحب البلاد إلى الله مساجدها) لأنها تجمع الناس على الصلاة والذكر وعلى الخيرات (وأبغض البلاد إلى الله أسواقها) فالأسواق لا بد منها والله يبغضها مقارنة مع المساجد لأن الناس تجتمع فيها على الحلف والزور والغش والفتنة وتشغل عن ذكر الله.

هذه المساجد من أراد أن ينال فضلها وثوابها وجب عليه ان يتـأدب بآدابها، ومن هذه الآداب:

  • قال تعالى :”يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد” عند كل صلاة، معنى أن المؤمن لا يأتي إلى المسجد بأي ثوب وبأي لباس كيفما كان فوجب عليه أن يأخذ زينته، والزينة ليست بالضرورة اللباس الغالي في الثمن بل الثوب النظيف، فلا يجوز حضور المسجد في لباس وسخ رائحته كريهة ولا في ثوب رقيق يشف عن صاحبه ويرى ما تحته ويكشف العورة، ولا في ثوب ضيق يكشف مفاصل الإنسان ولا في ثوب قصير ينحسر عن سوءة الرجل، وتحرم الصلاة في ثوب فيه صور إذا جاز لبس هذا الثوب فلا يجوز في الصلاة.
  • ومن الآداب أيضا دعاء المسجد فلما يدخل الواحد منا إلى المسجد لا يدخل بالقهقرة أو يدخل برجله اليسرى أو وهو يتكلم في الهاتف، فإن هم بالدخول للمسجد فعليه أن يستعد نفسيا ويعلم أنه داخل إلى ضيافة الرحمان، فيستقبل بالرجل اليمنى بهذا الدعاء، أخرج مسلم في صحيحه عن أبي حُميد – أو عن أبي أسيد – قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا دخل أحدكم المسجد فليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فيقل اللهم إني أسألك من فضلك)، وفي رواية (اللهم زندي من فضلك)، لأن من وفقك وحضرت الصلاة هو الله.
  • وإذا دخل المصلي إلى المسجد وجب عليه أن يتم الصفوف الأول فالأول، أخرج أبو داوود في سننه في كتاب الصلاة عن انس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (أتموا الصف المقدم ثم الذي يليه فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر)، وعن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من وصل صفا وصله الله ومن قطع صفا قطعه الله عز وجل).
  • فإذا اكتملت الصفوف وجبت تسويتها، أخرج البخاري في صحيحه في كاتب الآداب عن انس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة)، فمن إقامة الصلاة تسوية الصفوف، وأخرج أبو داوود في سننه في كتاب الصلاة عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وسطوا الإمام وسدوا الخُلل)، فالصفوف تبدأ من الوسط من خلف الإمام وتكتمل يمينا ويسارا، والقياس عند العلماء بالصف الأول، والأصل أن يلتقي الكعب بالكعب لأن ذلك يعين على تسوية الصف.
  • فإذا اكتملت الصفوف واستوت فمن حضر متأخرا عليه أيضا آداب في المسجد، أخرج أبو داوود في سننه في كتاب الصلاة، قال عبد الله بن يسر جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له النبي : (اجلس فقد آذيت)، وعند ابن ماجة واحمد والبيهقي قال فقد آذيت وآنيت (أي تأخرت).
  • ومن آداب المسجد الأساسية أن يحتاط المسلم المصلي من أن يسوق إلى المسجد رائحة كريهة، أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الأطعمة، عن جابر بن عبد الله قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أكل ثوما أو بصلا، فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته). فما بالك بالخبائث كالسجائر والجوارب..
  • والجلوس في المسجد له آداب، فلا نجلس في باب المسجد ونسد الممرات إذا كان المسجد فارغا في الداخل.
  • والأصل في الجلوس في المسجد هو استقبال القبلة أو استقبال الإمام أو العالم إذا كان يلقي درسا، أما استدبار القبلة فهذا لا معنى له ولا يليق وليس من آداب الجلوس في المسجد.
  • وأكثر من هذا من يسبق إلى مكان استحقه فهو له، ولا يجوز حجز الأماكن في المسجد، ومن وجد شيئا من هذه الأمور فليزحها ويصلي مكانها، ومن أقامها بغير حق فهو مغتصب، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه )، إلا في حالة إذا كان جالسا في مكان ثم قام ليجدد وضوءه او يأخذ مصحفا فمن حقه أن يطالب بمكانه لأنه أولى به.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى