المخاوف من توسع الحرب تُدخل الكيان الإسرائيلي في دوامة الإدمان والأزمات النفسية

أدت المخاوف من رد إيراني على الكيان الإسرائيلي، واحتمالات توسع دائرة الحرب إلى تفاقم مشاعر القلق بأوساط مجتمع الكيان، ودفعت شرائح واسعة داخله إلى استهلاك المخدرات وارتفاع نسبة الإدمان، وتناول المهدئات وطلب الاستشارات من الأطباء النفسيين، إضافة إلى زيادة في معدل مغادرة البلاد.

وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، في تقرير لها السبت الماضي عن تزايد استعدادات الكيان الإسرائيلي لرد إيراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في طهران في 31 يليوز الماضي، بما يشمل تخزين المعلبات وشراء مستلزمات البقاء في الملاجئ لفترة طويلة.

وتتزايد المخاوف من اندلاع حرب إقليمية شاملة بالمنطقة بعد اغتيال إسرائيل للقيادي العسكري البارز بـ”حزب الله” فؤاد شكر، عبر غارة جوية على بيروت، في 30 يوليوز الماضي، واغتيال هنية في اليوم التالي، بهجوم نُسب لتل أبيب رغم عدم تبنيها له رسميا.

إقبال أكبر على الكحول

لفت رون إليميليخ، أحد مالكي حانة “فيني كولتورا” بمدينة ريشون لتسيون (وسط) إلى ظاهرة أخرى مثيرة للاهتمام. وقال إن الزبائن الذين ما زالوا يأتون إليه في المساء “يتعاطون الكحول أكثر بكثير من ذي قبل”.

ويضيف: “مع تزايد التهديدات لإسرائيل، يزيد جمهورنا من معدل استهلاكهم للخمور. أتحدث مع الزبائن طوال الوقت وأسمع أنهم يبحثون حقًا عن متنفس للقلق وملجأ لمخاوفهم”. وأكد ذلك يسرائيل غاباي الرئيس التنفيذي لشركة “بانكو”، وهي أكبر متجر لبيع الكحول في إسرائيل بقوله : “الأمر يذكرنا كثيرا بفترة كورونا، فالناس متوترون، ولا يغادرون المنزل في المساء، والكحول يوفر لهم مهربا”.

وقال الطبيب النفسي شاؤول ليف-ران، مؤسس المركز الإسرائيلي للإدمان والصحة النفسية في نتانيا، لوكالة فرانس برس: “في رد فعل طبيعي على الضغط النفسي وبحثا عن الراحة، نشهد ارتفاعا كبيرا في تناول مختلف المواد المهدئة المسببة للإدمان، سواء كانت أدوية عبر وصفة طبية أو مخدرات غير مشروعة أو الكحول، وأحيانا في السلوك الإدماني مثل لعب القمار”.

وكشفت دراسة شملت حوالي ألف شخص يمثلون مختلف شرائح سكان إسرائيل عن “وجود صلة بين الحرب وبين ارتفاع استهلاك المواد المسببة للإدمان”، بنسبة 25 في المائة تقريبا.

ويتم الإقبال على المخدرات والمهدئات للهروب من الواقع، حيث، زاد نصف الناجين من “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر الماضي من تعاطي العقاقير المسببة للإدمان، وبلغت النسبة لدى النازحين 33 في المائة، حسب دراسة أجريت في نونبر ودجنبر الماضيين.

و ارتفع تناول الحبوب المنومة والمسكنات في الكيان الإسرائيلي بنسبة 180 في المائة و70 في المائة على التوالي. وقال الطبيب النفسي شاؤول ليف-ران إن مرضاه طلبوا منه “شيئا”، وبرروا ذلك القول: “ابني يقاتل في غزة يجب أن أنام، وإلا فلن أتمكن من الذهاب إلى العمل”.

تفاقم المشاكل النفسية

تقول صحيفة يديعوت أحرونوت، إنه من ضمن المجالات الأخرى التي تظهر زيادة كبيرة في إقبال الإسرائيليين عليها خلال هذه الأيام، هي العلاجات النفسية. وتتابع: “من الصعب العثور على مواعيد في الأيام القليلة الماضية مع أطباء الأمراض النفسية، ومتوسط السعر هو 450 شيكل (122.5 دولار) للساعة”.

ويقول “ع” وهو أخصائي نفسي من منطقة وسط إسرائيل للصحيفة: “الطلب على الخدمة جنوني، والناس قلقون ويجب عليهم التحدث (..) أحاول أن أكون متفهما وأعمل لساعات أطول”. وفي هذا الصدد، تؤكد ميخال ياناي، وهي صاحبة أحد التطبيقات المتخصصة في الصفاء الذهني والاسترخاء، عن زيادة كبيرة في الاستخدام.

وحسب يديعوت أحرونوت: “منذ اندلاع الحرب على غزة (في 7 أكتوبر 2023)، تقدم ياناي محتوى للتكيف مع الوضع، يشمل تمارين خاصة للآباء الذين يخدم أبناؤهم في الجيش، وتمارين تأمل لزوجات جنود الاحتياط، وتمارين خاصة لتقليل القلق والتوتر أثناء الإقامة في الملاجئ”. كما قفز إقبال الإسرائيليين على شراء الأدوية المنومة والمهدئة التي تحد من التوتر وتبعث على الاسترخاء بنسبة 30 بالمئة، وفق الصحيفة.

تخزين للأغذية

سجلت شركة “ولت” لتوزيع الأغذية ب الكيان الإسرائيلي زيادة بنسبة 260 بالمئة في طلبات الآيس كريم منذ اغتيال هنية. وتقول الشركة إن الإسرائيليين في هذه الأيام يغادرون المنزل بشكل أقل، ويريدون تناول شيء مريح أمام التلفاز.

ويقول يوسي إردمان، نائب رئيس التسويق في شركة والت: “هناك أيضا زيادة عامة في متوسط حجم سلة الطلبات، وليس فقط في منتجات محددة. وهذا يدل على أن العملاء يستعدون ويتجهزون لسيناريو البقاء طويلا في الملاجئ”.

ويوضح أن هناك منتجات في المقابل شهدت تراجعا في الطلب عليها، ومن بينها واقيات الشمس (تراجع الطلب عليه 50 بالمئة) ووسائل منع الحمل (تراجع الطلب عليها بنسبة 24 بالمئة) مقارنة بالأيام العادية.

عزوف عن المقاهي والمطاعم

وفي مؤشر آخر على القلق، تراجع بقاء الإسرائيليين خارج منازلهم خلال الأيام الأخيرة، بما في ذلك في المقاهي والمطاعم. و يقول أفيعاد بيليد، أحد أصحاب مطعم “بيريه” الشهير في شارع نحلات بنيامين في تل أبيب: “شهدنا انخفاضا بنسبة 50 بالمئة في نهاية الأسبوع الماضي في عدد رواد المطعم”. ويضيف “منذ اغتيال هنية شهدنا انخفاضا في الإيرادات بنسبة تتراوح بين 30 و50 بالمئة”.

من جانبه، يقول حين ريختر، أحد مالكي سلسلة “بابا جونز” لتوصيل البيتزا بإسرائيل: “بعد ليلة الاغتيالات في بيروت وطهران رصدنا زيادة بنسبة 27 بالمئة في المبيعات بفروعنا في شمال البلاد، وخاصة في مدينة حيفا، حيث سجلنا هناك زيادة تجاوزت 30 بالمئة. وكان لدينا زيادة كبيرة بشكل خاص في نهاية هذا الأسبوع بأكثر من 40 بالمئة”. ويفسر ذلك بقوله: “الناس يخافون حقا من مغادرة المنزل ليلا، ويفضلون طلب البيتزا في المنزل”.

وحسب يديعوت أحرونوت، بينما كان الجميع يتحدث الأسبوع الماضي عن الإسرائيليين العالقين في الخارج دون أن يتمكنوا من العودة إلى “إسرائيل” بسبب إلغاء ما يزيد عن 20 شركة طيران أجنبية الرحلات الجوية إليها، برزت ظاهرة مفاجئة ومعاكسة في سوق الطيران. وأوضحت أن الإسرائيليين “يريدون فقط الهروب من هنا، ويقومون بحجز الرحلات الجوية طوال الوقت”.

وكالات

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى