القدس.. عقيدة ثابتة لدى المسلمين
تختلف مواقف من يتناولون قضية القدس باختلاف وجهات نظرة طبيعة فهمهم لها، فبين من يرى أن القدس بلاد مثل سائر البلدان، وأرض مثل سائر الأراضي، ما يقع فيها من صراع شبيه بما يحصل في بلدان أخرى، وبالتالي فهو يتصور أن الدفاع عن أرضه وحل مشاكلها أولى من دفاعه عن القدس، فبلده الأصلي أحق بالعناية والكفاح عن قضاياه من غيره من الأوطان ، أما القدس فلها أهلها يدافعون عنها، فأهل مكة كما يقال أدرى بشعابها..
وصنف آخر على خلاف كبير مع من سبق؛ فهو يرى أن القدس مهبط الرسالات كلها، وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى رسول الله محمد عليه السلام ، فهي تمثل مقدسا دينيا ومعلما من معالم هوية المسلمين وأتباع الديانات الأخرى، وإن شئت قلت إنها ترمز إلى حضارات إنسانية كبرى، وبالتالي فهي ليست كسائر البلدان كما قيل سلفا. ومنه يكون الدفاع عنها أولى من غيرها ـ إذا تعلق الأمر بهدم المقدسات واغتصاب الأرض، وقتل أتباع الديانات الأخرى ـ واجبا من الواجبات الشرعية التي لا تقبل تقديم غيرها من المعارك الوطنية عليها، فتكون قضية القدس عندها أم المعارك.
هذا بيان لأولي الألباب من البشرية جمعاء وللعقلاء من أتباع الديانات السماوية، وللحكماء من أبناء الأمة الإسلامية عربا وعجما. ونحن في هذه اللحظات العصيبة التي تمر بها أرض فلسطين الحرة الحبيبة، وفي غمرة الحرب والقتال، لا يسع المؤمن بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا، إلا أن يكون مقسطا في الحكم على كل أطراف القضية ، قال رب العزة جل في علاه ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ” المائدة. الأية 8. العدل ـ رغم الاختلاف والشنئان ـ عقيدة ثابتة لدى المسلم لا يغيرها شيء.
بقلم : عبد الحق لمهى